إذا كان لابدّ للتاريخ أن يعيد نفسه فَعلينا، بأسوأ الأحوال، أن لا نقف أمامه كدمى.

إنّ المستعرض لتاريخ مؤسسة الجيش السوري منذ تشكلها قبيل الاستقلال الأول 1946 حتى حالها اليوم قبيل الاستقلال الثاني 2012، يرى أنها كانت تخرج من عباءة الدين/ الطائفية لتدخل في عباءة السياسة/ تناحراتها ثم العكس. مسيرة من التشكُّل على أسس فوق أو تحت وطنية ثم الهدم عن طريق التصفية والتسريح. مما يجعل المهتم بمسألة الهوية يطرح سؤال من نوع: هل كانت، أو ستكون، مؤسسة الجيش السوري في مرحلة ما مؤسسة وطنية مستقلة بالمعنى الحقيقي للكلمة، وكيف؟

عندما رحل الانتداب الفرنسي ترك لسوريا المستقلة حديثاً جيشاً صنَعهُ لها بالشكل الذي يخدم مصالحهُ ويُعيق تشكّل الدولة المدنية والقادرة على حماية نفسها. فبنية هذا الجيش، والذي كان يعرف “بالجيش المختلط”[1]، تشكّلت من فرق جُمّعت على أساس طائفي وقومي وعشائري  (فرق إسماعيلية، درزية، مسيحية، علوية، كوردية، شركسية، عشائر بدوية…إلخ). السبب في ذلك يعود لعاملين، أولهما ضمان الولاء له باستخدام هذه الفرق كأداة تحريض. ثانيهما أن العائلات المسلمة المدينية ميسورة الحال، حيث كان أبناؤها يعملون بالتجارة والحرف أو يدرسون، لذلك نظروا بتعالٍ وشُبهةٍ للجيش فرفضوا الانخراط به، واستمر ذلك حتى فرض الخدمة الإلزامية 1950. بينما أبناء الأقليات توجهوا إلى مؤسسة الجيش التي تقدم لهم الطعام والملابس وراتب ثابت باعتبار أن أهاليهم لا يستطيعون إرسالهم للدراسة. مع هذا أبقى الفرنسيون على الرتب العالية بيد  قادة فرنسيين وكان بإمكان أي ضابط فرنسي أن يأمر ضابطا سوريا أو لبنانيا أعلى منه رتبه، ولم ينل الترفيع سوى مخلصي الولاء. وحين بدأت الثورة “انشق” معظم الضباط الصغار والجنود والتحقوا بها، بينما تردد القادة الكبار ولم يلتحقوا حتى وقف إطلاق النار.

“الجيش المختلط” أو ما سمي بـ”القوات الخاصة للشرق الأدنى”، سُلّمَ للحكومة السورية برئاسة القوتلي بعداد يقارب ثلاثين ألف مقاتل[2]، ليفتح باب الصراع بين النخبة التقليدية الحاكمة ممثلة بالكتلة الوطنية وبين النخب الراديكالية التي بدأت تنمو في المجتمع السياسي السوري. حيث شهد الجيش السوري أول عملية انقسام بعد الاستقلال إلى فريقين: الضباط الكبار والضباط الشباب الذين لاقوا التشجيع من وزير الدفاع أحمد الشراباتي ومن خلفه القوتلي، عبر سياسة تجاه مؤسسة الجيش لتفكيكه وإضعاف تسليحه وتسريح عدد كبير من ضباطه وجنوده أوصلت عداده إلى نحو ستة آلاف مقاتل. هذه السياسة تركت أثراً سيّئاً لدى العسكر تجاه السياسيين المدنيّين ومهّدت للانقلاب عليهم، وتصدى لها بعض السياسيين المعارضين وعلى رأسهم أكرم الحوراني الذي كان يرى وجوب اتّباع تكتيك معاكس مع اقتراب معركة الحسم في فلسطين، يتمثّل بتقوية هذا الجيش لا تصفيته، وذلك عن طريق تطبيق قانون الخدمة الإلزامية التي تمنحه الطابع الشعبي والوطني، وترفده بعشرات الألوف من الشباب وإعادة إعداد الجنود القدامى بروح وطنية وقومية. لكن ضعف المعارضة يومها جعل قرارت القوتلي تًنفذ، وتمت عملية تسريح وإضعاف كبيرة لمؤسسة الجيش لا يمكن إغفالها حين نناقش أسباب نكبة فلسطين.

المؤسسة العسكرية التي جرحت كرامتها في نكبة فلسطين 1948، ستتحول، بفعل بدء تمزق النخب السياسية التقليدية وعدم تحول النخب المعارضة الجديدة لمؤسسات مترسخة الوجود، إلى “مؤسسة حاكمة”[3] مع انقلاب حسني الزعيم الذي صرّح في بيانه الانقلابي أن غيرته الوطنية دفعته لهذا الفعل، وأن قصده تهيئة حكم ديمقراطي صحيح محل الحكم الحالي المزيف. وعن أسباب الانقلاب قال: “إن سببه الأول هو الهجوم المنكر على الجيش من البرلمان”[4]. لكن بعد استلامه بفترة وجيزة، كان أول من استفزتهُ تصرفات الزعيم هو الجيش نفسه، ثم الشعب والسياسيين. حيث أقدم على تسريح عدد كبير جداً من الضباط والجنود بصورة اعتباطية وهم على الجبهة، بعضهم أمضى سنة أو سنة ونصف على خطوط النار، ودون تعويضات. بالمقابل أنشأ فرقة خاصة من الجيش مطلقة الولاء “لشخصه” يشرف عليها ضباط أتراك.

مؤسسة الجيش التي استلمتها الحكومة السورية فرقاً طائفية من الانتداب الفرنسي، أعادت تقاسمها فرق حزبية بعد الاستقلال، لتبقى الإشكالية مطروحة في تلك الحقبة: هل الجيش تدخّل بالسياسة فأفشلها؟ أم السياسيون استغلّوا العسكر لتحقيق مصالحهم فخربوا المؤسستين السياسية والعسكرية، وبالتالي فشلوا بتحقيق الدولة المدنية؟

التنوع والغنى السياسي في سوريا الخمسينيات لم يُبقِ على مسافة مع مؤسسة الجيش، لذلك أصبح داخل هذه المؤسسة قطع ومجموعات كل منها تابع لحزب أو زعيم أو اتجاه. لم يعد الجيش فرقاً طائفية تشكّلهُا الأقليات، نعم، لكنّه أصبح محكوما بتناحرات السياسيين وخصومات زعمائهم، وقبل كل ذلك التدخلات الخارجية حيث كانت سوريا مركزاً لصراع الأحلاف والمحاور الإقليمية والدولية وأجهزة مخابراتها.

هذا التداخل بين مؤسسة السياسة الداخلية أو الخارجية ومؤسسة الجيش طبع مرحلة الانقلابات بتصفياتها وما بعدها، ومرحلة الوحدة مع مصر بتصفياتها هي أيضاً وما بعدها. فتصفيات حسني الزعيم حملت أحد زملائه مدفوعاً من الداخل والخارج للانقلاب عليه، ومحاولات الحناوي لتصفية وتسريح زملائه الضباط دفع بعد حين هؤلاء للانقلاب عليه، والشيشكلي لم يتخطى القاعدة التي اتبعها زملائه السابقين، فأصدر مرسوم رقم 1349 بتاريخ 27 كانون أول 1952 طبق في 1 كانون الثاني 1953 يقضي بتسريح أربعين ضابطاً منهم ضبّاط قادة. وعندما أسقط الشيشكلي لم يسقط بثورة مدنية شعبية خالصة تقطع مع العقل العسكري وانتهاكه ميدان السياسة، بل بحركة عسكرية يديرها سياسيون. لذلك بقي تأسيس مجتمع مدني ديمقراطي شبه مستحيل طالما المؤسسة العسكرية باقية في الحكم.

وجد المجتمع السياسي السوري نفسه في أواخر عام 1957 وأوائل 1958 مرتهنا أو متحالفا مع جماعات من المؤسسة العسكرية تعكس خلافاتها التناحر السياسي والأيديولوجي المستعر. فكتلة الضباط الدمشقيين (الشوام) بزعامة سهيل العشي كانت تابعة للقوتلي ومعادية للحوراني وللبعث وللاتجاهات اليسارية والتقدميّة عموماً؛ كتلة أمين النفوري، أحمد عبد الكريم، أحمد حنيدي، وطعمة العودة الله من جماعة الشيشكلي ومعادين للحوراني وللبعث رغم أن بعضهم اقترب من الاتجاه اليساري لاحقاً؛ كتلة عفيف البزرة والضباط الشيوعيين اليساريين وكان أكثرهم فلسطينيون؛ كتلة مصطفى حمدون وعبد الغني قنوت وضباط البعث الموالون لأكرم الحوراني. تنازعات هذه التكتلات وتهور ضباطها ومن خلفهم طموحات السياسيين للزعامة كادت أن تودي بسوريا، فكان الحل، حسب رؤية العسكر، هو الوحدة مع مصر، فصنعوها من دون استشارة السياسيين.

التسريحات والتصفيات التي قام بها عبد الناصر شملت المجتمع السوري بعمومه، فسرّح أولاً الأحزاب والسياسيين، ثمّ توجه للمؤسسة العسكرية، الأخطر برأيه، كونها منبع الانقلابات. فكان أن سلّم الضباط الكبار مناصب سياسية كوزراء ومستشارين وسفراء لإخراجهم من القيادة، وأرسل الباقي بعثات خارجية وتبادلية، بحيث حكم ضباط مصر سوريا، وشكّل الضباط السوريين ما يشبه البطالة المقنّعة في مصر، والهدف إخراج العناصر القوية من الجيش. وأقصى معظم الضباط البعثيين والشيوعيين: البزرة عزله بعد شهر واحد من الوحدة، وأبناء الأقليات سواء بالتسريح أو النقل إلى مصر أو لوظائف مدنية أخرى، وترك فقط كتلة الضباط الشوام التي انقلبت عليه فيما بعد.

الباحث في تاريخ المؤسسة العسكرية السورية يجد أن من جملة الأسباب التي دفعت للانقلاب على عبد الناصر أنّه سرّح أعداداً كبيرة من الضباط. لكن المدهش أنّ عسكر الانفصال متمثلاً بالنحلاوي عاد وارتكب نفس الخطأ، حيث سرّح أكثر من 60 ضابطا على أساس سياسي بتهمة ميول بعثية. ولأنّ الدولة لم تستطع تحييّد مؤسسة الجيش عن صراعاتها الأيديولوجية بعد الانفصال، فكانت محاولة انقلاب حلب 28 آذار 1962 التي هددت بالاقتتال بين قطعات الجيش السوري، واستشهد فيها عدد من الضباط، كما ساهمت بإذكاء الفتنة الطائفية.

أمّا الانقلاب الذي يعتبر المنعطف الأهم في تاريخ مؤسسة الجيش السوري هو انقلاب 8 آذار 1963، حيث ستدخل مؤسسة الجيش بعده في مستنقع الانقسامات الحزبية والطائفية معاً، لتشهد حملات غير مسبوقة من التصفية والتسريح تلبس لبوسا سياسيا، لكنها ستعجز فيما بعد عن إخفاء عفنها الطائفي. إنّ عدد المسرّحين من الجيش السوري بعد الثامن من آذار بلغ الآلاف من الضباط وصف الضباط، وكانت حجة هذه التسريحات “قوميّة”، بتهمة الانفصالية والبرجوازية أو الشعوبية أو التبعيّة للحوراني. فخلال الأيام الأولى للانقلاب تم تسريح 500 ضابط من مختلف الرتب من كوادر الجيش المدرّبة والمحترفة، ليحلّ مكانهم ضباط احتياط من حزبيين ومعلّمين وموظّفين! وأكّد هذه المنهجية بالتسريحات لؤي الأتاسي وفهد الشاعر في محادثات الوحدة الثلاثيةّ 14/3/ 1963.[5] امتدت التصفيات لتصل إلى كل منتم للحزب السوري القومي، الشيوعي، الأكراد، الشركس، وإلى ضباط الأمن في وزارة الداخلية وطلاب الكليّة العسكرية، بحيث صرفت دورة كاملة بحجة أن طلابها انفصاليون. نشرت جريدة “الحياة” اللبنانية بعض قوائم التسريح أظهرت بعض الأرقام:” 104 ضباط سوريين كبار أحيلوا على التقاعد، وهناك أربعمائة ضابط يلتزمون بيوتهم بانتظار البت بأمرهم”.[6]

وفي العدد 5231 بتاريخ 9 آذار 1963 أشارت لبدء تسريح جميع الناصريين أو المحسوبين على الناصرية في صفوف ضباط الشرطة وقيل أن تدابير التسريح تتناول أيضاً 1300 صف ضابط في الجيش للسبب ذاته، ولكن هذا الرقم مبالغ فيه. لكن أرقام مؤكدة عن تسريح 50 ضابط ناصري، وقتل 50 شخصا في الاضطرابات والمظاهرات التي حدثت على إثر هذه التسريحات، فتم إغلاق مكاتب حركة القوميين العرب وجريدتهم، فهرب بعض أعضائها وألقي القبض على الباقي، وحكموا بالسجن لسنوات طويلة.[7] وتم تطهير جميع القطاعات العامة من الناصريين والموالين لهم وحل محلهم البعثيون. أما انقلاب الناصريين الفاشل على البعثيين بقيادة جاسم علوان في 18 تموز 1963 فأسفر عن قتل وجرح المئات، وتم خلال ساعات إعدام 27 ضابطاً أمام محاكم عسكرية.[8] هكذا يبدو أن حروب سوريا السياسية الداخلية والخارجية كانت تدفع ثمنها مؤسسة الجيش من قادتها وضباطها، ببساطة لأن مؤسسة الجيش كانت طرفاً في العملية السياسية آنذاك.

هذه السياسة بالتسريحات دفعت أكرم الحوراني للتساؤل عمّا إذا كانت تصفية الجيش السوري بعد انقلاب آذار مطلباً أمريكياً؟ حيث منح مجلس قيادة الثورة نفسه عدا السلطات التأسيسية والتشريعية والتنفيذية حق تصفية الجيش!! لذلك يخوّن الحوراني هذا المجلس بحيث اعتبر سياسة التصفية والتسريح التي اتبعها رسالة لإسرائيل وأمريكا تعلن امتناع سورية عن أي عمل عسكري لمنع إتمام مشروع نهر الأردن. كما أن إصرار انقلابيي 1963 على هذه السياسة إلى ما قبل حرب حزيران 1967، بسبب التكالب على السلطة تحت مختلف الذرائع، أضعف قدرة الجيش السوري على القتال خاصة سلاح الطيران. [9]

اللجنة العسكرية، وهي الفصيل العسكري لحزب البعث، الذي نشأ سرّاً حتى عن البعثيين المدنيين، سواء القيادة القومية أو القطرية، بدأت عملها بتصفية الجناح السياسي المدني للبعث، ومع تصفيتها للمنافسين من الأحزاب والتيارات السياسية الأخرى كالناصرية، ثم مجموعة الضباط المستقلين الملتفين حول اللواء زياد الحريري حيث تم تطهير ونقل 25 من مؤيديه، لتبدأ صراعها الداخلي على السلطة فيما بين تكتلاتها وعلى حساب ما تبقى من جسم الجيش السوري من عتاد وعديد.

في عام 1964، سيتحول الجيش السوري لأربع تكتلات عسكرية ذات بعد طائفي واضح، يقوم كل تكتل على الولاء لزعيمه، ويسوده جو من الانتماء الطائفي والتنافس الزعامي ورغبة انقلابية للوصول للسلطة:

• تكتل اللواء صلاح جديد: الذي كان يلتف حول قيادته معظم الضباط العلويين وبعض ضباط قضاء مصياف وقضاء السلميّة (عبد الكريم الجندي)، بالإضافة لتكتل القيادة القطرية من البعثيين المدنيين اليساريين.

• تكتل اللواء محمد عمران، وكان ينافس صلاح جديد وأمين الحافظ على الرئاسة والنفوذ بالاستناد إلى فريق من الضباط العلويين، وإلى بعض المدنيين من أنصاف الناصريين، كما كان يحاول التقرب من اليمين الدمشقي وجمال عبد الناصر بآن واحد.

• تكتل الضابط سليم حاطوم الذي شكل مركزاً صغيراً من مراكز القوى في الجيش بدعم من ضباط جبل الدروز.

• تكتل أمين الحافظ وأنصاره من الضباط السنة. [10]

أول النزاعات التي بدأت بين هذه التكتلات كانت بين تكتل صلاح جديد ومحمد عمران، وانتهى بنفي عمران إلى إسبانيا، ومن ثم اغتياله في لبنان، ونقل الضباط الموالين له من مختلف فروع القيادة، وإيفاد بعضهم في بعثة عسكرية إلى موسكو. النزاع الثاني كان انقلاب جديد على أمين الحافظ والقيادة القومية في 23/2/1966 الذي تبعه إبعاد اثني عشر ضابطاً للخارج وتصفية أكثر من تسعين ضابطاً في الجيش من مختلف الرتب وقبل أقل من سنة ونصف من حرب حزيران بتهمة التواطؤ مع أمين الحافظ! كما تم تسريح عدد من الضباط بتهمة البرجوازية، بحيث اشتُرط الأصل الشعبي للانتساب للجيش. أما سليم حاطوم الذي كان له الدور المنفذ بالانقلاب على أمين الحافظ فقد وجد نفسه، هو وتكتله وأبناء طائفته من مدنيين وعسكريين ليس فقط دون ترقية بل يجري تسريحهم وبطريقهم إلى التصفية، ليأخذ حافظ الأسد مكان حاطوم. فقام هذا بانقلاب فاشل على صلاح جديد سببه خيانة حافظ الأسد له لرغبة الأخير بالتخلص من حاطوم وإعلاء مكانته عند جديد، فكانت نتيجة الانقلاب تطهير الجيش السوري من الضباط الدروز، حوالي مئتي ضابط، وقد ألقي القبض على فهد الشاعر وحاطوم بعد أن فرّا، وحكم عليهما بالإعدام، وقتل حاطوم تحت التعذيب. يصف باتريك سيل الوضع بعد هذه التصفيات: “كان الأسد، باعتباره وزيراً للدفاع، قد وافق على طرد حوالي أربعمائة ضابط في أضخم حملة تطهير عرفها الجيش السوري في تاريخه. فقد كان هو وجديد مصممين على وضع حد نهائي للطائفية دفعة واحدة، فإذا أضيف هؤلاء إلى الناصريين والانفصاليين الكثيرين الذين صرفوا من الخدمة أو اعتقلوا منذ عام 1963 فسيتضح أن سوريا قد انزلقت في حرب حزيران/يونيو بدون هيئة ضباط أو على الأقل بهيئة مستنزفة استنزافاً عظيماً”.[11]

كما علّقت وكالة الأسوشيتدبرس على الحرب المتوقعة في حزيران (9/4/1967): “بأن المراقبين العسكريين يقولون بأن سورية تملك 20 طائرة ميغ 21، بينما الطيارون الموثوق بهم سياسياً والذين يسمح لهم بالطيران لا يتجاوز عددهم أصابع اليد، والمعروف أن معظم الطيارين قد فصلوا في عمليات التطهير المتواصلة، كما أظهرت هذه المعركة نقصان الوحدة الفعّالة بين دول المواجهة العربية”. [12]

كذلك نشرت مجلة التايم الأمريكية في الشهر الأول من عام 1967 مقالاً يتضمن وصفاً للوضع الذي يتردى فيه الجيش السوري ورد فيه: ” القوات السورية ناقصة بشكل مشين لأنّ التطهير شمل أكثر من نصف ضباطها، وعمداء اليوم كانوا نقباء منذ أمد لا يتجاوز الثلاث سنوات، وأكثر من ذلك فإن ثلث الجيش السوري مقيم في دمشق لدعم النظام وحمايته”.[13]

لم يبقَ على الساحة من اللجنة العسكرية سوى صلاح جديد ومعه عبد الكريم الجندي من جهة، وحافظ الأسد ومعه أخيه رفعت من جهة أخرى، وقد أسس الأخير فرقة ضاربه استخدمها حافظ الأسد بمواجهة جديد للوصول إلى السلطة والقضاء على نفوذ عبد الكريم الجندي.

بعد السبعينات سيمنح الأسد هوية “الجيش العقائدي” للجيش السوري، هذه الهوية تتكون من بعد أيديولوجي يعتمد البعث عقيدة ومنهج في الوعي الظاهر لهذه المؤسسة، وبعد طائفي/ أسري يعتمد القرابة ودرجة الولاء للفرد الحاكم معياراً للانتساب والترقية وللتصفية في الممارسة الخفية. في السبعينات سوف تنوب الهوية الطائفية المغلفة بالحزبية العقائدية مكان الهوية الوطنية لمؤسسة الجيش ممارسةً وسلوكا، بحجة أن المرحلة تتطلب ذلك لوضع حد لمرحلة انفلات الانقلابات وعدم الاستقرار الذي هو مؤامرة خارجية. فالكل متهم بالخيانة والتآمر والعمالة، وعلينا حماية البلد وضبط الأمن ومؤسسة الجيش ولو بـ”ديكتاتور”. ستستثمر الحروب مع العدو القومي والحروب الإقليمة لتوحيد الصف “حول” القائد الملهم لينقسم الجيش إلى فرق خاصة مطلقة الولاء وصافية الانتماء الطائفي قبل الحزبي، مهمتها حماية نظام الحكم، وجيش وطني عام يترأس قطعاته قادة مضمونو الولاء، عقائديون، طيّعون أو مدينون بحياتهم للأسد يعينهم القائد العام للجيش والقوات المسلحة، أي رئيس الجمهورية “حافظ الأسد”، على رأس الفرق والألوية فاتحاً لهم باب الفساد والإفساد لضمان الولاء والتهديد بما يدينهم من تصرفات وجرائم في حال فكّروا بالنكران.

اختبار الثمانينات سيدعم هذا الوجه الخفي لواقع تراتبية وولاءات المؤسسة العسكرية، سواء عبر تصفيات الإخوان بيد الأخوين حافظ ورفعت الأسد وما تبعها من تسريحات وتصفيات مدنية وعسكرية، أو عبر حرب الأخوين فيما بعد على السلطة وما نتج عنها من تسريحات وتصفيات أيضاً.

بعد أحداث الثمانينات لم تكن المؤسسة العسكرية وحدها التي أخذت هوية جديدة، بل سوريا كلها. فالأسد صفّى كل من حوله، حتى أخيه الطامع بالسلطة، ولم يبق غيره على رأس الهرم: لا أحزاب، لا زعماء، لا قادة عسكريين بارزين، لا أبناء طائفة منافسين ولا حتى أشقاء طامعين. لذلك قرر أن يهب مملكته (سوريا) اسمه، فأصبح شعار “سورية الأسد” يغطي شوارع وحيطان وإعلام “الدولة”. أصبحت شعارات المدارس والجيش “قائدنا إلى الأبد الرفيق حافظ الأسد”.

مؤسسة الجيش السوري بعد تجربة الثمانينات وحتى عهد بشار الأسد، بنيت كباقي المؤسسات حول شخصية الأب الخالد والقائد. جرت الترفيعات والترقيات فيها على أساس الولاء والانتماء للعصابة/ الأسرة الحاكمة. استمرت حملة تطييف الجيش لكن بنفس الوقت، فقط المخلصين من أبناء الطائفة استلموا المواقع الحساسة وانخرطوا بالفرق الخاصة الحامية للحكم. في سورية الأسد كان جميع القادة والمسؤولين من جميع الطوائف كراكوزات أمام الأسد وأسرته الحاكمة.

بشار الأسد الوارث لمملكة أبيه القادم من المستشفى إلى القصر دون المرور بأي معركة أو نزاع مسلح، سيحاول جاهداً أن يلعب دور القائد الأعلى للجيش والقوات المسلحة. طبعاً مع إضافة بصمته الإصلاحية من استبدال حرس قديم بحرس جديد بنفس المواصفات لكن بأوجه أكثر شباباً، والأخوين حافظ والسفاح رفعت أصبحوا بشار والسفاح ماهر، الأزمات السورية كالعادة تُصدّر حروباً إلى البلدان المجاورة، لكن يخوضها حلفاء النظام من ميليشيات طائفية وإرهابية في تلك البلدان بدل الجيش السوري الذي حافظ على سمة “الممانعة والمقاومة”. بينما ازداد قادته ثراءً بسبب سياسة تعميم الفساد والإفساد وتضخمها في مؤسسة الجيش المتقاعدة عن خوض المعارك الخارجية. فازداد الضباط الكبار غنى من خلال عملتي السرقة والابتزاز باسم مؤسسة الجيش، التي بقيت كما باقي “مؤسسات” الدولة تحت ترهيب الأجهزة الأمنية منذ عهد الأب إلى الابن.

المنعطف الثاني والأكبر في تاريخ مؤسسة الجيش السوري كان ثورة 15 آذار 2011، ورغم أنها ليست المرة الأولى التي يُزج فيها الجيش بمواجهة المدنيين في الشوارع، حيث سبق للبعث أن فعلها باحتجاجات حماه 1964، وفعلها نظام الأسد بأحداث الثمانينات في حماه وحلب وإدلب، كما استخدم النظام الجيش في قمع احتجاجات متفرقة تالية بعام 2004 ضد انتفاضة الكورد، وعام 2000 في مدينة السويداء. لكن ما جرى بانتفاضة 2011 كان ثورة شعبية سورية عامة طالبت بداية بإصلاحات ثم بإسقاط النظام بعد موجات العنف من اعتقال وتعذيب وإعدامات وقصف، في جو عربي من إسقاط الأنظمة الديكتاتورية وقفت فيه مؤسسة الجيش مع الشعب ضد الأنظمة الحاكمة لإسقاطها.

ثورة 15 آذار ستمزق مؤسسة الجيش السوري وتفضح هويته المستترة منذ أكثر من أربعين عاماً تحت شعارات البعث المنادية بالوحدة والحرية والاشتراكية، وبأنّ عقيدته هي عقيدة الشعب! ثورة الشعب ستسترد أبنائها من مؤسسة الجيش وتكون جيش شعبي “الجيش الحر”، بينما كل من بقى بحكم الانتماء الأسري أو الطائفي أو المصلحي يقاتل داخل “الجيش العربي السوري” سيصبح بنظر الشعب جنديا في “الجيش الأسدي”. بالطبع، لا نستطيع الحكم على كل من بقي ضمن هذه المؤسسة بالأسدي بحكم عدة عوامل منها المجندين الإجباريين الذين لا يجدون فرصة الانشقاق أو يتم سحبهم من منازلهم أو عن الحواجز، وبعض الضباط الذين يدعمون الثورة من داخل الجيش بتسريب معلومات لحماية الثوار، كذلك من لم يؤمن حماية لعائلته قبل انشقاقه… إلخ. لكن في الغالب قيادات الجيش السوري اليوم هي أسدية الهوية والانتماء. فالمعركة التي دخلتها ضد الشعب كانت معركة وجود: إما الشعب أو الأسد، “الأسد أو نحرق البلد” “الأسد أو لا أحد”، هي شعارات تركها الجيش أو الشبيحة على جدران المدن والقرى السورية بعد الاقتحامات. فـ”الجيش العربي السوري” انتهك بالأجهزة الأمنية والشبيحة وتبادل معهم الملابس والصفوف الأمامية، فلم يعد المتظاهرون يعرفون قاتلهم هل هو أحد أبنائهم المجندين أو المتطوعين لحمايتهم أم شبيحة وحُماة بشار الأسد وعصابته. إنّ الثورة التي تقدم اليوم إحصائيات شبه مؤكدة عن شهداء الثورة من المدنيين بلغ تعدادهم 42 ألفاً لا تزال عاجزة عن إحصاء شهداء الجيش على أيد الأجهزة الأمنية لصعوبة توثيق ذلك، من مغسولي الأدمغة بعد عقود من دروس التوجيه السياسي اليومي، أو أولئك الذين يزج بهم الشبيحة ببداية الاقتحامات، ثم يدخلون هم لتمشيط المنطقة ونهبها وارتكاب المجازر فوق جثث جنود الجيش.

لكن بالمقابل هناك جيش آخر يتكون من رحم الثورة ومؤسسة الجيش ذاتها،عناصره الجنود المنشقين وأبناء الشعب من متطوعين للكفاح المسلح، بدأت هويته تأخذ ملامح أولى وغير منتهية بالتأكيد، أُطلق على هذا الجيش مُسمّى “الحر” تيمّناً بثورة الحرية، حيث كان أوّل المنشقين، المقدم حسين الهرموش، قد شكّل أول كتيبة تحت اسم “الضباط الأحرار” تشبّهاً بالضباط المصريين الثائرين على الملكية وصنّاع ثورة 1952. بعد هذه الكتيبة عشرات الكتائب بدأت تتشكل (خالد بن الوليد، الفاروق، الله أكبر، معاوية بن أبي سفيان، أبو عبيدة بن الجراح، الأمويين، معاذ، الزبير بن العوام، حمزة، أحمد بن حنبل، أنصار الحق، أنصار السنّة..الخ) ومن ثُمّ ألوية (لواء الإسلام، لواء التوحيد، لواء خالد بن الوليد، لواء درع الشمال..الخ)، نظرة سريعة لخطاب هذه الكتائب والألوية من خلال انتقاء أسمائها وترويسات بياناتها المكتوبة ومرجعياتها، تترك تساؤلات عن إمكانية أن يكون هذا الجيش “الحر”، أو كتائبه الجهادية خاصة، جيشاً لكل الوطن ولكل أبنائه على اختلاف معتقداتهم أم أنه جيش طائفة معينة؟ ما يكرّس هذا التشكك أن الثوار والمنشقين من الطوائف الأخرى الذين انضموا للجيش الحر اضطروا لإبراز هويتهم الطائفية لإثبات وجودهم فيه! فالمسيحيون شكلوا كتائب من قبيل (عيسى ابن مريم، بوادي النصارى، أنصار الله للطائفة المسيحية) فاستعاروا ذات الاسم لكن مع توضيح المرجعية الطائفية لهذه الفئة من أنصار الله، حيث بدأ البيان بآية من الإنجيل مكان آية من القرآن، وتبدّل الديكور العام في التسجيل فحلّ محلّ شعار لا إله إلاّ الله محمد رسول الله والقرآن صورة للسيد المسيح وللصليب. ثمّ تشكّل لواء “السيد المسيح عليه السلام”. بنفس الطريقة تصرف الشباب الدروز فشكلوا كتيبة (سلطان باشا الأطرش، كمال جنبلاط، صقور بني معروف، الشهيد تامر العوام) ولواء ضباط جبل العرب.

إذاً، لماذا لم يجد هؤلاء في كتائب وألوية الجيش الحر ما يُشبع هويتهم “الوطنية” و”السورية الثورية” التي يعيشون، فجهدوا لنبش هوياتهم الطائفية ووضعها على الواجهة لإثبات حضورهم في ثورة شعبية ترفع شعارات الحرية والكرامة، وتطالب بدولة المواطنة والتعددية والديمقراطية؟ ألا يتطلب هذا الاصطفاف الوقوف أمامه والتساؤل: لماذا الثورة السورية في 2011 نحو الاستقلال الثاني لم تستطعْ تجنيب “مؤسسة” الجيش الناشئة الوقوع في منحدر الطائفية/ الدين أو السياسة/ محاصصاتها بعد كل ما مرّ على هذه المؤسسة من تجارب ونتائج كارثية عبر تاريخها؟

الجواب الأسهل للرد على هذا التساؤل هو أن ظروف المرحلة تفرض هذا الواقع الآن! لكن رجالات الاستقلال الأول كانوا قد استخدموا هذه الحجة سابقاً، فقالوا من الطبيعي أن يكون “الجيش المختلط” طائفيا وممزقا بعد الخروج من حقبة الاستعمار، فوجدوا الحل بالتصفية عبر التسريحات التي أوصلته لنكبة 48 قليل العدد ضعيف التسلح. ثم استخدم الحجة نفسها قادة الانقلابات فصفّى كل قائد عسكري/ زعيم أتباع خصمه لحماية سلطته. ثم تذرع بها البعثيون العقائديون فقالوا الجيش خارج من مرحلة انقلابات، ولكي يتم ضبط الوضع السياسي المنفلت يجب تصفية وتسريح كل ما هو غير بعثي. فوصلنا لديكتاتورية استمرت أربعين عاماً قائمة على جيش “عقائدي” ولائه للزعيم القائد وأي شك بذلك عقابه التصفية، وها نحن نحصد نتائج ذلك بجيشنا “الأسدي”.

اليوم، ولأننا نعيش حرباً، ولأن من لا يقاتل معنا سيقاتل ضدنا، تعيش مؤسسة الجيش السوري أضخم عملية تصفية في تاريخها. كل يوم عشرات الجنود والضباط يقتلون (وليس يسرحون)، سواء من هم مع النظام أو من انشق ويحارب مع الجيش الحر، الجيش الحر والكتائب المقاتلة التي يتكون أغلبيتها من متطوعين.

النظام/ العصابة التي رمت بالجيش في وجه الشعب واستخدمته أداة قمع، تركته فريسة لغضبه. فماذا سيفعل المواطنون بالطيار الذي كان يرميهم بالبراميل والقنابل؟ وبنفس الوقت الشعب السوري لا يغمره الفرح حين يعرف أن البنية التحتية لسلاح الطيران انهارت، من طائرات وطيّارين، كما انهارت معظم الأفواج ومعدّاتها التي اشتريت بمال الشعب لمعركة التحرير!! كذلك فإن خبر مقتل 50-200 ضابط وعسكري الذي نسمعه يومياً تقريباً لا بد أن يدفعنا للسؤال عن معيار التصفية. وهل كل من قُتل متورط فعلاً بقتل الشعب؟ وما مصير مؤسسة الجيش بعد سقوط النظام؟ فالتصفيات تتم أحياناً بشكل فوضوي، وعلى أسس متنوعة منها السياسي ومنها الطائفي، فأصبح هناك “كوجيتويات” من قبيل: كل جندي هو أسدي، كل علوي هو أسدي، كل من هو غير سُنّي مشتبه به حتى تثبت براءته!

مؤسسة الجيش تتعرض لذات الهدم الذي تتعرض له سوريا مجتمعاً ووطناً وشعباً على يد النظام، هي ضحيته أيضاً، وبنفس الوقت تولد من جديد عبر “مؤسسة” الجيش الحر، إذا كان بالإمكان إعطاءها كلمة مؤسسة بما تحمله من معنى تنظيمي وتراتبي. يمكن القول مؤسسة بطور النشوء من أحضان الثورة والشعب الثائر وفساد مؤسسة الجيش. لكن بدت على خطابها الظاهر بعض الثغرات التي ألمحنا لها بحيث يتوجب النضال لأجل أن لا يتمأسس الجيش عليها بعد ثورة الحرية والكرامة. وإلاّ فإننا لن نعود لفترة الأسد أو ما قبل الثورة بل لفترة “الجيش المختلط” الذي استلمناه بعد الاستقلال الأول 1946. جيشاً مؤلفاً من كتائب دينية طائفية أو عشائرية لا تمت لمفهوم الدولة بصلة، أو ندخل عالم السياسة والأحزاب مع فصائل عسكرية كل منها تابع لحزب بحيث تستمر عمليات المنافسة على أساس التصفية.

الشعب السوري سيسقط النظام هذا أمر حتمي، لكن التاريخ يُنبأ بأن طبيعة وشكل مؤسسته العسكرية ستكون رهن لطبيعة وشكل دولته. فعدم تحقق دولة مدنية بنظام ديمقراطي بالمعنى الحقيقي للكلمة منذ الاستقلال الأول حتى اليوم حال دون وجود مؤسسة عسكرية وطنية مستقلة بالمعنى الفعلي. لقد ترافق الانتداب مع جيش مقسم لفرق طائفية وعشائرية، أما الفترة التي تعتبر المرحلة الأكثر تنوعاً وغنى سياسياً في سوريا بين الخمسينات والستينات صاحبها جيش مُسيّس متناحر، والتكتلات البعثية/ الطائفية المتصارعة على السلطة في الستينات كان يتزعمها العسكر، أما مرحلة الأسد الأب والابن فقد شكّلت جيشاً خالص الولاء لها لضمان ديكتاتورية أبدية.

إذا كان لسوريا أن تَعبر فوق هذا النهر المتدفق من دماء أبنائها، مدنيين وعسكريين، نحو دولةٍ مدنية ديمقراطية تعددية وحيادية، فيكفي أن تنظر لتاريخها القريب والقريب جداً فقط إذا لم تشأ النظر لحاضر الدول المتقدمة والمستقرة.

هوامش:

[1] الحوراني، أكرم، مذكرات أكرم الحوراني، الجزء الأول، مكتبة مدبولي، القاهرة، 2000، ص768.

[2] أبو منصور، فضل الله، أعاصير دمشق، مذكرات، بيروت، 1959، ص37.

[3] أبو فخر، صقر، سورية وحطام المراكب المبعثرة، حوار مع نبيل الشويري، المؤسسة العربية، بيروت، 2005، ص204.

[4] فنصة، بشير، النكبات والمغامرات: تاريخ ما أهمله التاريخ من أسرار الانقلابات العسكرية السورية/؛ 1949 – 1958م، دار يعرب للدراسات والنشر والتوزيع، دمشق، 1996، ص91.

[5] الحوراني، أكرم، مصدر سبق ذكره، الجزء الرابع، ص3188.

[6] مندوب الحياة الخاص، “104 ضباط سوريين كبار أحيلوا على التقاعد”، جريدة الحياة اللبنانية، العدد 5187، 15/3/1963.

[7] سيل، باتريك، الأسد – الصراع على الشرق الأوسط، شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، بيروت، 2007، ص138.

[8] سيل، باتريك، المصدر السابق، ص139.

[9] الحوراني، أكرم، مصدر سابق، الجزء الرابع، ص3191.

[10] الحوراني، أكرم، مصدر سابق، الجزء الرابع، ص3245.

[11]سيل، باتريك، مصدر سابق، ص 187.

[12] مصدر سابق، مذكرات الحوراني، ص3426.

[13] مصدر سابق، مذكرات الحوراني، ص 3430.