بعد أكثر من سنتين على بداية التظاهرات في آذار 2011 في مدينة درعا ذات الطابع الريفيّ، تدهور ما بدأ كانتفاضة سِلمية ضد نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا ليتحول إلى صراع دموي. في تموز 2013، قدّرت الأمم المتحدة عدد الضحايا منذ آذار 2011 بأكثر من 100 ألف، مع ملايين اللاجئين المسجلين وغير المسجلين موزّعين بين مصر وتركيا وغيرهما، ونازحين في الداخل يقاربون الـ4.25 مليون شخص.
الانتفاضة في سوريا فاجأت الكثيرين في سوريا وخارجها. الجميع نظر بعين التقدير والإجلال للتونسيين والمصريين والليبيين واليمنيين عندما نزلوا الشوارع ليطالبوا بالحرية والعدالة وبإسقاط الأنظمة، ولكن الجميع، عموماً، اتفق على أن شيئاً لن يحدث في سوريا. لكن بعد أقل من شهرين على مقابلة بشار الأسد مع الوول ستريت جورنال، والتي قال فيها إن سوريا منيعة في وجه موجة الاحتجاجات التي تجتاح المنطقة، تدفّق سكان درعا وحمص وحماه وغيرها من المحافظات إلى الشوارع مطالبين بالحرية والكرامة وإنهاء الفساد، فيما وُصف بأنه «انتفاضة ريفية وشبه حضريّة».
كما في البلدان العربية الأخرى، تفجّرت الانتفاضة السورية عبر عدّة عوامل اجتماعية واقتصادية وسياسية، بما يتضمن، في هذه الحالة، ازدياد الفقر الذي سبّبته اللّبرلة السريعة للاقتصاد السوري وإلغاء الإعانات المالية الحكومية بعد عام 2005، مع نمو الانقسام الريفي المديني، وتشرّي الفساد، ارتفاع معدّلات البطالة، وما سبّبته سنوات الجفاف القاسي بين 2006 و2010، وانعدام الحرية السياسية. في الآونة الأخيرة، أشارت أجهزة الإعلام، بالإضافة إلى محلّلين، إلى أن تغيّر المناخ يلعب دوراً غير مباشر في الربيع العربي وفي الانتفاضة السورية.
كل هذه العوامل متّصلة، وقد أثّر كلٌّ منها بالآخر، ما جعل من الصعب تفكيك أهمية المحرّكات المختلفة أو وصف أي منها بأنه حتماً هو «الشعرة الأخيرة التي قصمت ظهر البعير». نتيجة لذلك، يسهل أخذ بعض العوامل خارج سياقها وإساءة تفسيرها، أو المبالغة في أهميتها فيما يتعلق بالأحداث الراهنة التي تتجلّى في سوريا.
يحاول هذا المقال معالجة قضية الجفاف بين 2006 و2010، وأن يضعها في إطار أوسع يضمّ (أ) الإصلاحات الاقتصادية ولبرَلة السوق التي بدأت بعد عام 2000 كجزء من انتقال سوريا إلى اقتصاد السوق الاجتماعي؛ (ب) التاريخ الحديث للتنمية الزراعية وإدارة المياه في سوريا، وسوء الإدارة واسع النطاق للموارد عبر نصف القرن الماضي؛ (ج) فشل النظام في معالجة سوء الإدارة هذه أو الاعتراف بأثرها. المقال يعتمد على بحوث واسعة أجريت في سوريا بين 2006 و2010، بما فيها بحث ميداني في منطقة الجزيرة في 2008 و2009، ومقابلات مع مسؤولين سوريين، وكذلك مع نازحين هجروا المناطق المصابة بالجفاف واستقرّوا مؤقتاً في محافظات دمشق وريف دمشق ودرعا، وفي ضواحي بيروت ومنطقة جبل لبنان. كما تمّ رفد هذه المعطيات بمعلومات من الأدبيات ومن تقارير منظمات الأمم المتحدة والإعلام.
سأجادل بأنه لم يكن الجفاف بحدّ ذاته، بل هو فشل النظام في الاستجابة للأزمة الإنسانية الناتجة، والتي شكّلت أحد دوافع الانتفاضة فيما بعد، مغذّية السخط الذي لطالما كان يغلي في المناطق الريفية. الجفاف يشكلّ جزاً لا يتجزأ من طبيعة المناخ السوري شبه الجافّ، وليس ظاهرة استثنائية. بلدانٌ في المنطقة مثل العراق وإسرائيل والأردن ولبنان وفلسطين تأثروا أيضاً بالجفاف بين 2007-2008، ولكن سوريا هي الوحيدة التي عانت أزمة إنسانية، مع نزوح ضخم للسكان وسوء تغذية متفشّيْ. سأجادل بأن ما ذُكر يمكن تفسيره بحقيقة أن الأزمة الإنسانية، حقيقةً، سبقت الجفاف.
وبالمثل، تغيّر المناخ بحدّ ذاته –لدرجة أن آثاره المتوقعة تكون معروفة مسبقاً– لم يكن ما دفع بالسوريين إلى الشوارع للتظاهر؛ بل كان فشل النظام في التأقلم مع الوقائع البيئية والاقتصادية والاجتماعية المتغيرة.
يمكن أن يكون تغيّر المناخ قد ساهم في مفاقمة آثار الجفاف، ولكن المبالغة في أهميته يكون صرف نظر غير مفيد عن جوهر المشكلة: سوء الإدارة طويلة الأمد للموارد الطبيعية. علاوة على ذلك، التركيز المبالغ فيه على تغيّر المناخ يرفع مسؤولية إنهاك موارد سوريا الطبيعية عن عاتق الأنظمة السورية المتعاقبة منذ عام 1950، ويسمح لنظام الأسد بأن يحمّل ملامة إخفاقاته على عوامل خارجية.
الجفاف كان الأقسى في الشمال الشرقي، وهي منطقة كانت، من ناحية، أكثر المناطق السورية قفراً وتهميشاً؛ وكانت أيضاً، من ناحية أخرى، سلّة خبز البلاد ومصدر نفطها. منذ عام 2000 وهذه المنطقة تغرق بسرعة في مزيد من الفقر، حيث تم استنزاف احتياطات المياه الجوفية، بالإضافة إلى سلسلة من المشاريع الزراعية التنموية المبالَغ في طموحها، والتي استنزفت موارد الأرض والمياه. الجفاف الذي ضرب في 2006 لم يكن سوى رصاصة رحمة. لم يكن حدثاً مفاجئاً واستثنائياً؛ هو بالكاد فاقم حالة مأساوية أصلاً. لم يكن هو سبب الأزمة الإنسانية؛ هو فقط سلّط الضوء على ارتفاع معدّلات الفقر وأبرزَ سلسلة من الاتجاهات التي كانت آخذة في التشكّل منذ عقود. وبالتالي، الأزمة الإنسانية التي تلت جفاف 2006-2010 يمكن النظر لها على أنها نتيجة 50 سنة من سوء الإدارة المطوّلة لموارد المياه والأرض، وعلى أنها نهاية الطريق المسدود للسياسات الزراعية والمائية للنظام السوري. يبقى دور تغيّر المناخ في تدهور الأوضاع مختلَفاً عليه، ولكن في أية حال، لا يجب أن يخفّف المسؤولية عن النظام السوري.
* * * * * *
يصنّف المناخ السوري بأنه قاحل إلى شبه قاحل، مع تغيّرات واسعة في معدّلات هطول الأمطار، حيث تتراوح بين ما يقارب 1400ملم سنوياً في الساحل المتوسطي في الغرب، وما يقلّ عن 200ملم سنوياً المناطق الصحراوية في الشرق. تبلغ نسبة الصحاري والسهول ما يقارب 55% من مساحة البلاد؛ المعدل السنوي لهطول الأمطار في أكثر من 90% من البلاد يأتي دون 350ملم.
يشكّل الجفاف جزءاً بنيوياً من المناخ شبه القاحل، مع دورات من السنوات الرطبة والجافة. خلال نصف القرن الماضي، من عام 1961 إلى 2009، عانت سوريا من حوالي 25 سنة جفاف، والتي تمثل حوالي 40% من هذه الفترة الزمنية. وسطياً، كان الجفاف يدوم 4-5 سنوات، رغم أن جفاف السبعينات دام 10 سنوات متتالية. للجفافات التي دامت سنتين أو أكثر تأثير هامّ على الإنتاج الزراعي والمواشي شمال شرق البلاد: جفاف 1961 أدّى لنفوق 80% من الإبل و50% من الخراف. في جفاف 1998-2001 اضطر 329 ألف شخص (47 ألف منهم من البدو) لبيع ما يملكونه من المواشي، وعانوا من نقص غذاء واحتاجوا لمساعدة غذائية طارئة، وهذا «لم يكن حدثاً استثنائياً».
تم تسليط الضوء على العلاقة بين تغيّر المناخ والجفاف في منطقة شرق المتوسط وفي سوريا، في عدّة دراسات، بالاعتماد على نماذج مناخية تتنبّأ، مع تغيّر المناخ، بازدياد تواتر الجفاف وازدياد قسوته، وارتفاع درجات الحرارة وانخفاض معدلات الأمطار. مع ذلك، يشير بعض المحلّلين إلى أنه حتى اليوم، لا يوجد سوى القليل جداً من الأدلة القوية التي تشير لهذه التغيرات. «الدليل الوحيد المتوفر الذي يشير إلى أن الاحتباس الحراري سيقود إلى ظواهر مناخية بالغة الشدّة، يعتمد على النمذجة. المعطيات حتى الآن لا تدعم هذا الافتراض».
المعطيات في سوريا تظهر أن تواتر الجفاف لم يزدد خلال عشرين سنة ماضية إلا في واحدة من خمس مناطق زراعية في سوريا. رغم ذلك، لمس فلاحون وبدو في المناطق المتأثرة ازدياداً في مرات الجفاف. «أحد التفسيرات الممكنة تقول بأن تأثيرات الجفاف قد تصبح أقسى مع ازدياد الكثافة السكانية واستنفاذ المياه الجوفية […] لذلك، وحتى بالنسبة لجفافات متساوية الشدّة، العواقب الاجتماعية-الاقتصادية قد تكون أقسى مما كانت عليه في الماضي». بعض من أجريت معهم مقابلات من فلاحي منطقة الجزيرة عام 2009 تذمّروا من تزايد العواصف الرّملية الحارّة التي «أحرقت» محاصيلهم. كان تفسيرهم أن هذه الظاهرة الجديدة سببها تصحّر السهول في محافظات سوريا الشرقية. بعيداً عن كونه نتيجة لتغير المناخ وتناقص معدلات هطول الأمطار، هذا التصحّر السريع يمكن تفسيره بالرّعي الجائر الضخم في السّهول السورية، والذي نتج عن التأميم وإلغاء سلطة العشائر عام 1958.
وفقاً للمحافظة وعالمة البيئة جيانلوكا سيرا، والتي عملت على عدة مشاريع الحفاظ البيئي في السهول السورية بين 2000-2010، «المزروعات في الصحراء تتكيّف بشكل طبيعي مع فترات الجفاف والرطوبة. في حال وجود نظام بيئي صحّي، يمكن للنبات التعاطي مع حالات الجفاف الطويلة». تجارب 10 سنوات في محميّة التليلة في الصحراء الشرقية، المحميّة الطبيعية الأولى في سوريا، أظهرت بنتيجتها أن سوء الإدارة والاستغلال المفرط للموارد يكوّنان أساس مشكلة التصحّر، لا الجفاف ولا تغيّر المناخ. بين 2000-2010 أنشأ باحثون سياجات محميّة يكون الرّعي داخلها ممنوعاً أو مراقَباً (رعي الظّباء وليس الخراف)، على خلاف الرّعي في المناطق المحيطة وغيرها من السهول، حيث كان يُسمح بالرعي الكثيف للخراف. النباتات داخل السياجات انتعشت بشكل كامل وشكلت مراعٍي خضراء، بينما استمرّت الصحراء بالانتشار خارج المحميّة.
«هذا يدحض الادّعاء بأن السبب هو تغيّر المناخ أو الجفاف. [… صانعو القرار] لا يستطيعون التخفّي خلف الأسباب الخارجية كتغيّر المناخ والجفاف. سوء الإدارة والقوانين غير المحتمَلة سمحت بالاستغلال المفرط للموارد الطبيعية. […] إنّ لهذه النّظُم البيئية أهمية اقتصادية رئيسية، وبالتالي فإن مكافحة التصحّر ضرورية للاقتصاد الوطني. ناهيك عن أن التصحّر في أنحاء كثيرة من العالم غذّى صراعات وحروباً اجتماعية-اقتصادية، لأنه عندما يجوع الناس يرتفع التوتّر. هذا يجب أن يُؤخذ بغاية الجدّية».
الدور الذي لعبه تغيّر المناخ في إشعال الانتفاضة السورية موضوع جدل متزايد. في الكتابة عن الربيع العربي بشكل عام، بعض التحليلات تذهب إلى أنه، رغم أن تغيّر المناخ لم يسبّب لوحده صراعاً أو اضطراباً، فقد لعب دوراً هاماً كـ«عامل مضاعف للخطر». هذا يؤكّد أيضاً صعوبة التنبّؤ بالتأثير المستقبلي لتغيّر المناخ، ليس فقط على البيئة بل أيضاً على الصراعات والاضطرابات الاجتماعية والسياسية. «التقعيد وكثرة الطرق المحتملة، والتي يشكل تغيّر المناخ منها جزءاً صغيراً، تجعل التنبّؤ مستحيلاً. الدور الذي يلعبه تغيّر المناخ في بعض الأحداث يمكن تبصّره فقط بعد الواقعة، ومساهمته المتزايدة في المهدِّدات والأخطار لا يمكن قياسها كمّيّاً».
في الحالة السورية، حيث نجد عدة أسباب واضحة للصراع الدّائر حالياً، يبدو عقيماً التركيز على الدور المحتمل لتغيّر المناخ في الانتفاضة، أو في صراعٍ مستقبليّ محتمل. تغير المناخ قد يسبّب جفافاتٍ أكثر تواتراً وقسوةً في سوريا، ولكن لا شكّ أن الفشل المستمرّ في ترشيد استخدام المياه وتطبيق قوانين البيئة واستخدام المياه يشكل خطراً أكبر على الموارد الطبيعية للبلد. بدلاً من قراءة الجفاف في 2006-2010 في شمال الشرق السوري كنذير لسيناريوهات كارثية من الصراع وتغيّر المناخ، يجب دراسته كخلفيّة لسنوات من الإدارة السيئة والسياسات التي لا تُطاق والفقر المتفاقم في الريف، والتي بدورها غذّت سخطاً كان موجوداً مسبقاً وأشعلت التظاهرات الأولى.
* * * * * *
بينما سجّل موسم 2007-2008 أسوأ جفاف إقليمي على مدى 40 سنة، لا شكّ أن التأثير الإجمالي لجفاف 2006-2010 في شمال الشرق السوري فاقمه التاريخ الطويل من الإدارة السيئة للموارد.
خلال موسم 2007-2008، متوسّط هطول الأمطار في سوريا هبط ليصل إلى 66% من المتوسّط طويل الأمد، بينما لم تحظىْ بعض المناطق بأي أمطار على الإطلاق. الجفاف أصاب أيضاً العراق وإسرائيل والأردن ولبنان وفلسطين. شمال شرق سوريا تلقّت ما يقلّ عن نصف متوسط هطول الأمطار طويل الأمد، في وقت سجّلت فيه محافظات الحسكة ودير الزور والرّقة انكساراً بنسبة 66%، 60%، 45% على الترتيب لكل منها. نتيجة لذلك، انخفض متوسط العائد على محاصيل رئيسية بنسبة 32% في المناطق المرويّة، وبما يصل إلى 79% في المناطق البعلية. عائدات القمح والشعير انخفضت بنسبة 47% و67% على الترتيب، مقارنة بالسنة السابقة. العواقب على الإنتاج الزراعي الوطني كانت مدمّرة: حصاد قمح 2007-2008 أتى بـ2.1 مليون طن، مقارنة بالمتوسط طويل الأمد 4.7 مليون طن (3.8 مليون طن منه كان يُستهلك داخلياً)، مما أجبر سوريا على استيراد القمح لأول مرّة منذ 15 سنة.
استمر هذا النمط من شحّ الأمطار في أجزاء من البلاد في 2008-2009، ولا سيما في المحافظات الشمالية الشرقية في دير الزور والحسكة والرقة. من المهم الانتباه، رغم ذلك، إلى أن هطول الأمطار في مناطق أخرى تعافى إلى حد كبير بحلول 2008-2009، خصوصاً مع الخطأ الشائع للتقارير الإعلامية بعد عام 2011 والتي زعمت أن محافظة درعا، حيث بدأت الاحتجاجات الأولى، تأثرت بشدة إثر سنوات الجفاف الأربعة. بينما أن ما حدث هو أن معدّلات الهطول في هذه المحافظة تعافت إلى المعدل المتوسط في 2008-2009 وعدّت المتوسط في موسم 2009-2010. هذا ما يفسر أيضاً هجرة الفلاحين من الشمال الشرقي إلى هذه المنطقة للعثور على عمل بعد عام 2008. سكان درعا نزلوا بدايةً إلى الشوارع احتجاجاً على اعتقال 15 طفلاً في آذار 2011، ثم تظاهروا ضدّ الفساد ولا سيّما في مجال ترخيص الآبار واستخدام المياه الجوفية.
في 2009-2010، تعافت مستويات هطول الأمطار عبر البلاد، رغم أن الشمال الشرقي عانى من عدم انتظام هطول الأمطار، مع 55 يوماً متتالياً دون أمطار خلال الأشهر الحاسمة من شباط وآذار، بعد هطول أمطار جيد في بداية الموسم. كذلك، عانى الفلاحون المنتجون للقمح الناعم في الأراضي المرويّة من خسائر واسعة النطاق في محاصيلهم نتيجة تفشّي صدأ القمح الأصفر، وهو وباء فطريّ، وقد انتشر بسرعة بفضل سنوات الجفاف السابقة. نتيجة لذلك، انخفض محصول القمح في 2009-2010 إلى 3.2 مليون طن، أي أقل بنسبة كبيرة من 4-5 مليون طن التي توقّعتها الحكومة.
كان لسنوات الجفاف المتعاقبة أثر كبير على أهالي الأرياف عبر البلاد، ولكنها أثرت بشكل خاص على المجتمعات الزراعية في المحافظات الشمالية الشرقية، المعروفة بشكل عام باسم «الجزيرة». لطالما كانت هذه المنطقة أقل مناطق البلاد نمواً. الأفلام الوثائقية، كتلك التي أخرجها عمر أميرلاي، الحياة اليومية في قرية سورية وطوفان في بلاد البعث، كذلك فيلم ريم غزّي أضواء، ترسم صورة حيّة عن الفقر الشديد المتواجد في أوساط المجتمعات الريفية في المنطقة قبل 2006، وعن التأثير واسع المدى الذي أحدثه بناء السدّ على نهر الفرات منذ السبعينيات. رغم أن منطقة الجزيرة تضمّ الاحتياطات النفطية للبلاد، وتؤمّن النّتاج الرئيسي للمحاصيل الزراعية كالقمح والشعير، إلا أن فيها معدّل فقر مرتفعاً ومستوى رعاية صحية متدنياً، مع أمّيّة متفشّية والقليل من البدائل الاقتصادية للزراعة.
تشير أرقام من عام 2004 إلى أن الفقر في منطقة الشمال الشرقي (محافظات حلب ودير الزور والحسكة وإدلب والرقة) أريافاً ومدناً، هو الأعظم والأعمق والأقسى، حيث أن 58.1% من فقراء سوريا يتركّزون في هذه المنطقة. في هذه المنطقة أيضاً أعلى نسبة من السوريين الذين يعيشون على دولارين يومياً (8.53% و21.59% للمناطق المدينية والريفية، على الترتيب). وبينما تراجعت معدّلات الفقر في مناطق أخرى من سوريا بين 1996-1997 و2003-2004، لكنها ازدادت في المناطق الريفية من المحافظات الشمالية الشرقية.
جاء جفاف 2006-2010 ليفاقم هذه الظاهرة. وفقاً لتقديرات عديدة للأمم المتحدة بين 2008 و2011. تأثر 1.3 مليون شخص بالجفاف، وكان التأثير على 800 ألف منهم أشد قسوةً بعثة تقدير الاحتياجات التي أرسلتها الأمم المتحدة في حزيران 2009 قدّرت أن السكان الأكثر تضرراً تجاوزوا الحياة تحت خط الفقر بأشواط، مع قابلية تأذيْ مرتفعة نتيجة قلة الموارد وغياب أي مستقبل مضمون لمصادر العيش وتدهور أحوال الحقول والمراعي. مع امتداد الجفاف للسنة الثانية فالثالثة، كانت قدرة السكان على التأقلم تنحدر: مع انعدام المحاصيل لمدة سنتين متتاليتين، نفقت بذور الفلاحين، بينما اضطر الرعاة لبيع أو ذبح قطعانهم نظراً لقلّة المراعي والأسمدة.
تزايد بسرعة سوء التغذية، والذي كان منتشراً أصلاً في الشمال الشرقي الفقير، مع ما يزيد عن 80% من أولئك الأكثر تضرراً كانوا يعتاشون على حِمية من الخبز والشاي المحلّى. أشارت معطيات من المحافظات الثلاث الأكثر تضرّراً إلى ازدياد ملحوظ في الأمراض المتعلقة بالغذاء بين عامي 2006 و2010، مع 42% من الأطفال بين أعمار 6-12 شهراً يعانون من فقر دم في محافظة الرقة. عام 2010 قدّرت الأمم المتحدة أن 3.7 مليون شخص، أو 17% من السوريين، يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وهؤلاء تضمّنوا 2 مليون شخص ممّن يعيشون في فقر مدقع في 2003-2004.
مع دخول الجفاف عامه الثاني والثالث، وازدياد الفئات السكانية المتضررة عرضةً وانكشافاً، ألغت الحكومة السورية عدداً من معونات الدولة في عامي 2008 و2009، مما ضاعف أسعار المازوت والأسمدة بين ليلة وضحاها. هذا شكّل، بالنسبة للعديد من الفلاحين في الجزيرة ومناطق أخرى من البلاد، عبئاً أكبر من ذلك الذي فرضته سنوات الجفاف، ودفعهم أكثر لهجر أراضيهم.
يقدم هينبوش تفسيراً واضحاً للسبب الذي أفشل محاولة بشار الأسد فتح الاقتصاد السوري للسوق العالمية، عبر الانتقال التدريجي من الاقتصاد المركزي إلى اقتصاد السوق الاجتماعي، وجعلها تؤدّي، في النهاية، إلى انتفاضة عام 2011. في القطاع الزراعي، أدّت تدابير رفع الضوابط التنظيمية منذ عام 1986 إلى التخلص التدريجي من بعض الدعومات الحكومي وأشكال دعم أخرى للفلاحين. هذه الحركة كانت قد تضاعفت تحت الخطة الخمسية العاشرة (2006-2010) في محاولة لدمج الاقتصاد السوري في النظام العالمي وتحضير البلاد للالتحاق بمنظمة التجارة العالمية. الخطوة باتجاه خفض الاعتماد السوري على الدعومات كان ضرورياً من الناحية الاقتصادية، نظراً لتنامي العجز في الميزانية. ولكنّ انعدام شبكات الأمان الاجتماعي حرمت العديد من أبناء القطاع الزراعي من القدرة على التأقلم.
وفقاً لمصادر رسمية، شغّلت الزراعة 19.5% من القوة العاملة في البلاد في 2005-2006. بينما قدّر آخرون أن الأرقام تصل إلى 40-50%، خصوصاً بالنّظر للنسبة المتزايدة من القوى العاملة المشتغِلة في القطاع غير الرسمي حسب برنامج التطوير الإنمائي للأمم المتحدة، حجم القطاع غير الرسمي في سوريا كان في ازدياد في 2010 وكان يشكّل 45% من القوى العاملة. لبرلة القطاع الزراعي بعد 2000 أدّت إلى انخفاض في الوظائف الزراعية. أظهرت تقديرات مبنية على مسح لقوة العمل السورية أن 460 ألف شخص فاعل توقفوا عن العمل في القطاع الزراعي بين 2001 و2007، ممثلين انخفاضاً بنسبة 33% من الوظائف في هذا القطاع (و10% من القوة العاملة الكلية)، بينما ارتفع الناتج الزراعي المحلي بنسبة 9%. فُقدت معظم الوظائف في عامي 2003 و2004، وهاتان سنتان غير متأثرتين بالجفاف.
إن إلغاء دعومات المازوت في أيار 2008 رفع الأسعار بين ليلة وضحاها، من 7 ليرات (0.14$) إلى 25 ليرة (0.53$) في 12 نيسان 2008، وضعت الحكومة نظام الكوبونات، متيحةً للعائلات الفقيرة شراء 1000 لتر من المازوت بسعر 9 ليرة\لتر (0.19$/لتر). وبينما كان المفروض أن يُغطي هذا نفقات التدفئة المنزلية، استعمل العديد من الفلاحين هذ المازوت في إنتاجهم الزراعي، واستعملوا روث الخراف المجفف وفضلات زراعية أخرى لتدفئة منازلهم. الحكومة أصدرت الكوبونات في 1 نيسان عام 2009، في 31 آذار صرّحت بأنها ستخفض أسعار المازوت عبر البلاد من 25 ليرة إلى 20 ليرة (0.53$ إلى 0.42$)، ولكن مع ذلك بقيت جناية الأرباح مستحيلة للعديد من الفلاحين.. الفلاحون في سوريا يستعملون المازوت لاستخراج المياه الجوفية لاستخدامها في الرّيّ وضخّ المياه السطحية لحقولهم، كما استعملوه أيضاً لنقل بضائعهم إلى السوق فيما بعد. من وجهة نظر بيئية بحتة، الخطوة باتجاه إلغاء الدعم كانت مبرّرة تماماً إذا أخذنا بعين الاعتبار الحالة المقلقة التي وصلت إليها احتياطات المياه الجوفية في البلاد والتي تم استنزافها منذ إدخال مضخّات محركات المازوت في الستينيات، ولكن ارتفاع الأسعار، والذي جاء قبل أسابيع من الحصاد، أجبر الفلاحين في الشمال الشرقي على إيقاف ريّ محاصيلهم، الغثّة أصلاً. البعض استطاعوا أن يستمروا بالرّيّ حتى الحصاد، ولكنهم إثر ذلك عجزوا عن نقل ما أنتجوه للسوق. يونس برحو، الفلاح الرقّاوي، أطعم خرافه من محصوله من الفليفلة الحمراء عام 2008، حيث لم يتمكن من تحمّل ثمن النقل إلى السوق في حلب نتيجة خفض الدعومات. فلاحون عدّة، ممن هجروا أرضهم وغادروا الجزيرة في 2008-2009، ردّدوا قصة يونس برحو.
في أيار عام 2009، تمت لبرلة أسعار الأسمدة الكيميائية كذلك، فتضاعفت الأسعار من 450 ليرة إلى 900 ليرة (9.60$ إلى 19.15$) للـ50 كيلو، مما زاد حالة الفلاحين سوءاً. متوسط الراتب الشهري في سوريا عام 2009 كان 242$، ولكن معظم الفلاحين جنوا أقل من ذلك بكثير، حيث كان 30% من العاملين في القطاع الزراعي يجنون 109$ أو أقل.
نتيجة خفض الدعومات عام 2009، هجر فلاحون ورعاة من الشمال الشرقي أراضيهم بأعداد ضخمة وهاجروا إلى المناطق المدينية والمحافظات الجنوبية بحثاً عن عمل. في الوقت الذي شاعت فيه في الريف الهجرة الموسمية –بشكل خاص لرجال يسعون للعمل في البناء في حلب وبيروت ودمشق– كانت هجرة عائلات كاملة ظاهرة جديدة نسبياً. العائلات الذين هجروا أراضيهم عام 1999 بعد بناء سدّ تشرين على نهر الفرات، على سبيل المثال، هاجروا إلى حمّورية، إحدى ضواحي دمشق، وكانوا ما يزالون يعيشون في خيام عام 2009. العشرات من ضحايا الجفاف استقرّوا في مخيم في مزيريب قرب درعا منذ 2008، ولكن سكان المخيم وأقاربهم في الشمال الشرقي قالوا بأن عمر المخيم يصل إلى أكثر من 10 سنوات. الجفاف أدّى فقط إلى زيادة حجم المخيم.
في ظلّ عدم توفر أرقام دقيقة، قدّرت الأمم المتحدة أن أكثر من 65 ألف عائلة، أو ما يقارب 300 ألف شخص، هاجروا من الشمال الشرقي وأنّ 60-70% من القرى في محافظات الحسكة ودير الزور كانت قد هجرت عام 2009. من المرجح أن تكون الأرقام في الواقع أكبر من ذلك، حيث لم تجريْ أبداً دراسة شاملة حول عدد الذين نزحوا داخلياً، وهذه الأرقام لم تأخذ بعين الاعتبار العمال والعائلات الذين عبروا إلى لبنان. استقرّ هؤلاء النازحون في مخيمات مؤقتة غير قانونية توزّعت حول ضواحي دمشق وحلب والمحافظات الجنوبية، وسعَوا للعمل بالزراعة أو البناء، أو في الصناعات الصغيرة، بدخل يومي بين 200-400 ليرة (4.25$ إلى 8.50$). تنوّعت أحجام هذه المخيمات، التي لم يكن فيها ماء ولا صرف صحّي ولا كهرباء، من خيمة وخيمتين لتصل إلى 80 خيمة. كانت تصنع الخيام من أكياس الخيش القديمة وقطع البلاستيك.
* * * * * *
بعد تجاهل الأزمة المتصاعدة في البداية، لاحظ المسؤولون الرسميون أن الجفاف رفع أسعار الغذاء وزاد الضغط على المؤونات الغذائية مما أجبر سوريا –مصدّرة القمح منذ التسعينيات– على استيراد القمح عام 2008 لأول مرة منذ 15 سنة.
لمواجهة وضع إنساني يزداد سوءاً في الشمال الشرقي، ابتدأت الحكومة حملتَي جفاف بالاتّصال مع وكالات الأمم المتحدة في أيلول 2008 وآب 2009 لتقديم المساعدة المالية لمشاريع إغاثية وتنموية لسلسلة من المساعدات قصيرة ومتوسطة وطويلة الأمد. ولكن سوريا نداء الجفاف 2008 لم تتلقّ سوى 20% من الـ20 مليون دولار المطلوبة، بينما تلقّت خطة مواجهة الجفاف في سوريا 2009فقط 33% من الـ43 مليون دولار المطلوبة.
استهدفت نداءات الجفاف بدايةً سكّان محافظات دير الزور والحسكة وحمص والرقة. المهاجرون إلى المحافظات الجنوبية لم يتلقّوا أية مساعدات من الحكومة أو وكالات الإغاثة العالمية. زد على ذلك أن قوات الأمن السورية ثبّطت مبادرات سوريّة خاصة لمساعدة النازحين. في تموز 2009، أجرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، مع منظمة سورية غير حكومية، تقييماً لـ25 مخيماً في ضواحي دمشق، ولكن نتائج هذه المهمة لم تُنشر، ولم تعد الحكومة ولا الوكالات الإغاثية لمتابعة أي مشروع إغاثي متماسك للقطاعات السكانية النازحة. بدلاً من ذلك، تم تشجيع النازحين على العودة إلى أراضيهم التي ضربها الجفاف في الشمال الشرقي، مقابل صدقات مالية أو تأمين وسائل النقل لعودتهم، مع وعود بإغاثة غذائية عند العودة. لا حاجة للقول إن قليلين هم من قبلوا هذا العرض. لم تُقدّم أي مساعدة في المخيمات نفسها.
التقصير في تمويل نداءَي الجفاف كان شديد الارتباط بجهود الحكومة للتقليل من حدّة الأزمة. مجموعة المتبرّعين كانوا مغيّبين بشكل كبير عن الأزمة الإنسانية التي تنتشر في الشمال الشرقي من البلاد، وقد تذمّروا من الغموض الذي يكتنف سياسة النظام طويلة الأمد للتأقلم مع آثار الجفاف. تساءل البعض، على سبيل المثال، عن سبب عدم تطبيق السياسة الوطنية للحكومة السورية بخصوص الجفاف خلال فترة الجفاف، السياسة التي كان يُحضّر لها منذ 2000 وصُدّقت رسمياً في 2006..
كان هناك أيضاً خلاف ضمن النظام نفسها، حيث شكّك وزير الرّيّ، في تشرين الثاني 2009، بقسوة الجفاف الحاصل. النظام، بشكل عام، كان يسعى جاهداً للحفاظ على صورة سوريا المكتفية ذاتياً والمُنتجة للقمح ولسلعٍ رئيسية أخرى، ولتجنّب أي تقصّيات أدقّ للأسباب الأعمق للأزمة الإنسانية والبيئية التي كانت تنتشر بين الشمال الشرقي والمحافظات الجنوبية. ضيّق النظام بشدّة على التغطيات الإعلامية، وسعى قدر الإمكان لتأطير الحالة المتدهورة ضمن السياق الأوسع لأزمة الغذاء العالمي والأزمة المالية وتغيّر المناخ، لتقديم سوريا كضحية لعوامل خارجية وكوارث طبيعية خارجة عن سيطرتها.
المنافذ الإعلامية للنظام السوري ألغت تماماً أية تغطية للجفاف ولتداعياته الاقتصادية والاجتماعية. التغطية الإعلامية سلّطت الضوء على كمية الإنتاج الزراعي المنجزة بالرّغم من قلّة الأمطار، ولم تعترف بانخفاض منسوبات المياه المحلية. المرجع الوحيد للجفاف الذي حصل كان في مقالات تناقش تغيّر المناخ الإقليمي والعالمي، حيث ذُكر «تراجع هطول الأمطار» كمثال على تأثيرات تغيّر المناخ العالمي.
وسائل الإعلام السورية الخاصة خصّصت مساحة أكبر لتغطية الجفاف وضحاياه، ولكنها فشلت على نحو كبير في وضعهم في سياق سنوات من سوء إدارة الموارد.
بعد تموز 2009، تم التضييق بشدة على وسائل الإعلام الأجنبية في تغطيتها للأزمة، والصحفيون الذين حصلوا على تأشيرة صحفي مُنِعوا من زيارة محافظات ريف دمشق ودرعا والسويداء، المناطق التي نمت فيها معظم المخيمات. بدلاً عن ذلك، كان الصحفيون يُؤخذون، بصحبة «مرشدين» و«مترجمين»، إلى محافظات الحسكة والرّقة، حيث سُمح لهم إجراء مقابلات مع القرويين تحت المراقبة. قليل منهم تمكّن من إجراء مقابلات مع المسؤولين الحكوميين السوريين.
* * * * * *
استجابة الحكومة للجفاف –محاولات للتقليل من شأنه، ومن ثمّ إنكار الأزمة الإنسانية أو إلقاء اللوم على عوامل خارجية– هي جزء من العقلية التي التي تؤثر بجميع جوانب صنع السياسات وتنفيذها في القطاع المائي السوري. كما في العديد من البلدان قليلة المياه في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MENA)، يُعتبر الماء مورداً استراتيجياً يتعلق بالأمن الوطني. نتيجة لذلك، ليس سهلاً توفير معلومات دقيقة ومحدّثة للعوامّ حول تيسُّر المياه واستخدامها.
بأيّة حال، تعليق مسألة المياه كمسألة «حسّاسة» ابتعد كثيراً عن الاعتبارات الاستراتيجية وغطّى كلّ مستويات إدارة المياه. أصبحت المياه موضوعاً محرّماً يُناقش على مضض، ليس فقط في المجال العام، ولكن حتى على المستوى الحكومي. فكرة أن مسألة المياه هي، ويجب أن تبقى، مسألة حساسة مضت دون مساءلة. ونتيجة لذلك تجنّب المسؤولون الحكوميون وخبراء المياه والمحلّلون الخوض في أي تحليل عميق لحالة موارد المياه في البلاد. هذا بدوره يعني أنّ أي جهود لإصلاح هذا القطّاع تبقى تجميليّة.
في سياق الانتفاضة السورية، كتب خبير العلوم السياسية مروان قبلان عام 2012 أن «سوريا لديها بنيَتا سلطة؛ السلطة الرسمية الضعيفة والسلطة الحقيقة». يصف قبلان كيف أن السلطة الأولى تتكوّن من مؤسّسات الدولة الحديثة، من مجلس الوزاء إلى البرلمان الحزب الحاكم والأجهزة البيروقراطية، بينما السلطة الثانية تتكوّن من مجموعة صغيرة تملك مفاتيح القرار خلف الكواليس. على صعيد مشابه، يعمل قطّاع المياه ضمن واقعَين. من ناحية، توجد الرواية الرسمية، الواجهة، والتي تقدّم سوريا كبلد قليل المياه بطبيعته، يعمل بنشاط لتحديث قطّاع المياه يفضّل المسؤولون الرسميون مصطلح «تحديث» بدلاً من مصطلح «إصلاح» المشحون سياسياً.؛ ومن ناحية أخرى، هناك الواقع الموجود على الأرض لنظام إدارة جامد وفاسد وغير فعّال، أتاح المجال لاستغلال واسع النطاق للموارد المائية والأراضي وولّد فقراً متنامياً وحرماناً بين المجتمعات الريفية.
تصوِّر الرواية الرسمية أنّ الضغط المتزايد على المياه في سوريا يعود لمجموعة عوامل بيئية واجتماعية-اقتصادية دّخيلة، كتغيّر المناخ والتصحّر (نظراً لتغيّر المناخ) والتوزيع غير المتكافئ لموارد المياه، والتغيّرات الموسمية في معدلات هطول الأمطار، والنمو السكاني. بينما تعترف كذلك بأن قطّاع المياه في سوريا يواجه سلسلة من التحديات المؤسّساتية. من خلال ذلك، يحيّد النظام فوراً أيّ نقد لسياساته في استخدام المياه والأراضي، بحيث يمكنه ببساطة الرّد بأنه يتصدّى لهذه المشاكل ولكن ذلك «يأخذ وقتاً». باعترافه بأن أنظمة الرّيّ بحاجة إلى تحديث، وأن الشبكات الحضرية بحاجة إلى تجديد، والبُنى المؤسساتية إلى تبسيط، يخلق النظام انطباعاً بأنه ملتزم بالتحديث وبأنه مسؤول ومتجاوب.
هكذا، يعمل النظام السوري على السطح، يمرّ على اقتراحات إدارة موارد البلاد المائية، ولا يخرج إلا بقليل من النتائج أو البراهين الملموسة على أنه يغيّر على الأرض. على المدى الطويل، أصبحت المياه وإدارتها تقريباً مصطلحات مجردة ذات علاقة ضعيفة بالواقع وبحالة الموارد المائية التي تزداد سوءاً بسرعة. الإطار المؤسّساتي لإدارة المياه هو ساحة للخيال تُرسم فيها الخطط على الورق ولكنها لا تتّبع أبداً، الأهداف توضع ولكن لا تُنجز، يمكن لوزير المياه أن يمتدح «نظام إدارة الموارد المائية الممتاز»، بينما تُستهلك مخازين المياه الجوفية وتحلّق معدّلات التلوّث. ما تعزّزه هذه الدينامية هي ثقافة السرية و«حساسية» موضوع المياه التي ذُكرت قبلاً، وهذا أدّى لانتشار الرقابة الذاتية ضمن قطاع المياه السوري وبين أولئك العاملين بها.
لا تنسجم الرواية الرسمية مع واقع الخلل الوظيفيّ العميق في قطاع المياه، العاجز عن الإصلاح أو التغيير طالما أنّ مسائل أساسية كعدم دقّة ونقص المعطيات، ونقص الموارد البشرية، والحَوكمة المالية الغامضة وانعدام المحاسبة، لا تتم معالجتها بصورة شاملة. البنية الموجودة حالياً تجعل الترميم مستحيلاً، حيث «حساسية» موضوع المياه تَحوْل دون أي نقاش متين حول إرث 50 سنة من سوء إدارة المياه والزراعة.
كما في العديد من بلدان منطقة MENA، لطالما كانت مقاربة السياسة المائية في سوريا منذ الخمسينيات تتم بمفهوم العرض، مع تركيز محدّد على بناء السدود ومشاريع الرّيّ في شمال شرق البلاد. الاندفاع القاسي لزيادة الإنتاج الزراعي وتوسيع الزراعة المرويّة أعمى صانعي السياسات عن الحدود الطبيعية لموارد البلاد. الأهداف الزراعية اللاواقعية والفساد وفشل تطبيق وإنجاز التشريعات، وغياب الخطط الاستراتيجية طويلة الأمد، كها عوامل دمّرت منطقةً كانت تُعتبر سلّة خبز سوريا والمنطقة.
خلال 60 سنة ماضية، خضع القطاع الزراعي في سوريا لتنمية مكثّفة، خصوصاً في الشمال الشرقي من البلاد. تضاعفت المساحة المرويّة في البلاد خلال 20 سنة من 651 ألف هكتار في 1985 إلى 1.35 مليون هكتار في 2010. المياه الجوفية تروي 60% من مساحات تلك السطوح، هذه المياه الجوفية يجري استخراجها على وتيرة لا يمكن استدامتها. يذهب 90% من المياه في البلاد إلى الزراعة، وهي نسبة أعلى بكثير من غيرها في المنطقة، مع فعالية منخفضة جداً في الرّيّ. لا تزال 80% من الأراضي المروية تُروى عبر طرق الغمر التقليدية، وتتراوح الخسائر في قنوات الرّيّ الحكومية المفتوحة من 10 إلى 60%.
الطلب المتنامي واستمرار الاندفاع لتوسيع المساحة المرويّة خلق عجزاً مائياً. مجمل الموارد المائية السورية الجاهزة للاستخدام قُدّرت بـ15.6 بليون م3 عام 2007. الإجمالي السنوي لمتوسط سحب المياه في نفس السنة كان 19.2 بليون م3. وكان يعوّض العجز، 3.59 بليون م3، من المياه المخزّنة في خزانات السدود والمياه الجوفية. بهذا انخفضت المياه المتاحة للفرد في سوريا إلى 882 متر مكعب سنوياً عام 2007، مما جعل سوريا تصنّف كبلد يعاني من ندرة المياه. بينما تُسارع الرواية الرسمية للإشارة إلى عوامل خارجية، كالنموّ السكاني والأوضاع السيئة التي فرضها الجفاف وتغيّر المناخ، إلا أنه لا يجوز إغفال غياب الخطط طويلة الأمد لإدارة المياه الوطنية والسياسات الزراعية المفرطة في طموحها.
كغيرها في المنطقة، ارتفعت الكثافة السكانية في سوريا بسرعة كبيرة خلال 60 سنة مضت، رافعةً عدد السكان من 3.3 مليون عام 1950 إلى ما يقارب 21.4 مليون اليوم، مع 53% من السكان يعيشون في مراكز المدن. هذا النمو التضخّمي هو نتيجة مباشرة لسياسة قوية لتشجيع الإنجاب بدأت في الخمسينيات، وأدت إلى منع تجارة واستعمال موانع الحمل في السبعينيات. يبقى المتوسط السنوي لنمو السكان من بين الأعلى في المنطقة، 2.94%، بعد انخفاض لما كان عليه في السبعينيات، 3.75%. المتوقع أن يزيد عدد السوريين إلى 37 مليون بحلول عام 2050.
وفقاً للرواية الرسمية، الاندفاع القوي نحو تنمية الزراعة المرويّة مرتبط بمطالب عدد السكان المتزايد والرغبة بالوصول إلى الاكتفاء الغذائي الذاتي. لكن الإنتاج المحلي للقمح يصل إلى 4-5 مليون طن سنوياً، متجاوزاً الطلب الداخلي، بينما القطن –محصول غير غذائي، وضوحاً– يستهلك الحصة الأكبر من إجمالي مياه الرّيّ بعد القمح. «بالتالي، ندرة الموارد المائية التي تواجهها سوريا هي أبعد ما تكون عن أنها سبب ’طبيعي‘ لقلّة الموارد وازدياد السكان في البلاد». بالرغم من العجز المائي، والبرهان الكبير على أن جزءاً كبيراً من الأراضي في الشمال الشرقي غير ملائمة للرّيّ الجائر على المدى الطويل، توسيع المساحة المروية عبر استصلاح الأراضي بقي السياسة الرسمية للحكومة، مع ما يفوق 400 ألف هكتار من الأراضي المخصصة للإصلاح في محافظتي دير الزور والحسكة عام 2011 مشروع ضخم بكلفة 2.1 مليار دولار بدأ في آذار عام 2011 على نهر دجلة في شمال الشرق السوري، كان لضخ 1.25 مليار م3 من المياه لريّ 200 ألف هكتار من الأرض في محافظة الحسكة. أضف إلى ذلك، العديد من السدود الكهرمائية كانت تُبنى وتخطّط على نهري الفرات والعاصي لتأمين الطاقة الكهرومائية ومياه الري إلى المناطق الزراعية الجديدة في شمالي وشرقي البلاد.
* * * * * *
ولّدت ثقافة السرّيّة حول المياه سلسلة من الآليات التي أضعفت المنظومة. أولاً، أنتج هاجس «حساسية» المياه انعداماً في الشفافية. على المستوى الحكومي، الحساسية الملحوظة لجميع المواضيع المتعلقة بالمياه تعني أن مشاركة المعطيات بين وضمن الوزارات ومؤسسات البحث محدودة ومملوءة بالإجراءات البيروقراطية. لا تشارِك الوزارات المختلفة ومجموعات البحث الحكومية معطياتها بحرّية، ولا تُشارَك المعطيات بين المحافظات أيضاً. في العديد من الحالات، تستعمل وزارات عدّة طرقاً مختلفة لتقييم حالة الموارد المائية في البلاد، مما سبّب نشوزاً لتناقض المعطيات. هذا الارتباك العام يجعل التعبير عن، دع جانباً تطبيق، سياسة مائية وطنية متماسكة، أمراً مستحيلاً.
ما يزيد الوضع سوءاً هو الطبيعة الغامضة للهيكل المؤسساتي لهذا القطاع. السيستم محاصر ببنية بيروقراطية ضخمة، مع 22 وزارة ومجالس ولجان ومديريات، معنية بشكل مباشر أو غير مباشر بإدارة المياه. غالباً ما يكون لهذه الكتل مسؤوليات متشابكة ولكن التنظيم بينها قليل. يصف هينبوش نظام الإدارة الزراعي بين 1963-2000، والذي كان ضيق الارتباط بالسياسة التنموية للمياه في البلاد، بأنه ليس فقط ممزقاً وبيروقراطياً، ولكنه أيضاً محفوف بالخصومات بين الوزارات المختلفة. وهذه الحالة بقيت كما هي منذ أن تولى بشار الأسد الحكم عام 2000.
ضآلة قدرات قطاع المياه تزيد مشكلة المعطيات المتضاربة والبالية وغير الدقيقة سوءاً. معظم طاقم العاملين في وزارات الزراعة والري بالكاد أنهَوا تعليمهم الإعدادي، وأقلية قليلة منهم يحملون الشهادات الجامعية. تُعتبر وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي، من بين الكتل المتعددة التي تدير قطاع المياه، الموظّف الأكبر، تليها وزارة الري ومؤسسات المياه التابعة لها. تحتوي هذه المؤسسات عدداً قليلاً جداً من العاملين المتعلّمين، حيث حوالي 40-60% من الموظفين لم يُكملوا إلا التعليم الابتدائي أو أقل. زد على ذلك أن الرواتب المتدنية لأصحاب المناصب العليا، والزبائنية والمحسوبية داخل الوزارات، شجّعت على الفساد.
انعدام الشفافية، والفساد وانعدام المعطيات ذات المصداقية أدّت إلى انعدام المسؤولية. السياسات تُسوّد على الأوراق، ولكنها لا تطبّق أبداً؛ واللجان الخاصة لدراسة الجوانب المختلفة لتحديث القطاع تُشكّل، ولكن التقارير النهائية لا تُصاغ مطلقاً؛ والدراسات تُجرى ولكن لا يتم أبداً متابعتها؛ والقوانين تُصدَر ولكنها تُفرض بلا اتّساق.هذا سمح لسنوات من الإدارة غير المُستدامة.
ربما يبدو قصور الحكومة في تطبيق السياسات المائية وفرض القوانين أكثر جلاءاً إذا نظرنا إلى فشلها في معالجة الاستنفاذ المستمر لمخزونات المياه الجوفية في البلاد، والناتج عن الإفراط في استخراج واستهلاك مخزونات المياه الجوفية. معظم الفلاحين القاطنين في مناطق لا تحوي أنهاراً رئيسية، تقليدياً، اعتمدوا على الأمطار الموسمية لسقاية محاصيلهم، كما استخدموا آباراً سطحية محفورة باليد لاستخراج المياه الجوفية يدوياً، والتي استخدموها للشرب والأغراض المنزلية فقط. حيثما كانت مستويات استخراج المياه قليلة العمق، كانت المياه الجوفية تُعبّأ طبيعياً خلال الفترات الماطرة.
غير أن الإدخال الواسع لمحركات مضخات المازوت في الستينيات أدت إلى الانحدار السريع في مستويات المياه الجوفية. منذ السبعينيات وحتى نهاية التسعينيات حفر الفلاحون مئات الآبار الجديدة عبر البلاد، مما أدى إلى الزيادة الضخمة للأراضي المرويّة باستخدام المياه الجوفية. يُقدّر أن عدد الآبار قد ازداد من حوالي 135.089 عام 1999 إلى ما يزيد عن 229.881 عام 2010. 57% من الآبار لم تكن مُرخّصة عام 2010. كانت معدّلات سحب المياه خلال الثمانينيات والتسعينيات تزيد بخمسة أضعاف كل عشر سنوات عن العشر التي سبقتها. أدى سحب المياه المفرط في المناطق الأكثر تضرراً، كمحردة في محافظة حماه وخان شيخون في محافظة إدلب، إلى انخفاض يفوق 100 متر بين الخمسينيات وعام 2000. كان للزيادة الضخمة في استخدام المياه الجوفية مضارّ مشابهة في عدة مناطق أخرى. في مناطق معينة من غوطة دمشق وما حولها انخفضت مستويات المياه الجوفية في الفترة بين 1993 و2000 إلى أكثر من 6 أمتار سنوياً.
بعيداً عن الاعتراف بحدود هذا المورد خلال الثمانينيات والتسعينيات، شجعت الحكومة الزيادة واسعة النطاق للمناطق المرويّة بالمياه لجوفية، ودعمت حفر آبار جديدة لزراعة القطن. تم تسهيل قروض كافية للفلاحين لحفر الآبار وتركيب المضخات، وكانت أسعار الوقود مدعومة بقوة مما خفض ثمن استخراج المياه من أعماق كبيرة. بالإضافة إلى ذلك، كانت مراقبة وترخيص الآبار سيئة التنظيم، وتم حفر الآلاف من الآبار الجديدة دون ترخيص الحكومة خلال الثمانينيات والتسعينيات.
في أواخر التسعينيات أصدرت الحكومة السورية مرسوماً يقضي بوجوب ترخيص الآبار غير المرخصة بحلول عام 2001 – إجراء لم يكن له أثر ملموس يُذكر. لاحقاً، رسَم قانون المياه الصادر عام 2005 عدة إجراءات لتحسين حماية المورد المائي وترخيص الآبار، ولتنظيم أفضل لإجراءات حفر الآبار، مع التزام بمحاسبة المخالفين بالغرامات والسجن. كما فرضت الحكومة وجوب تجديد رُخص الآبار سنوياً، ليتاح لها مراقبة مستويات المياه الجوفية. ذلك أدى، على أية حال، إلى استشراء الفساد، حيث صار رجال الأمن والمسؤولون المحليون يُجبرون الفلاحين على دفع رشاوى للحصول على رُخص جديدة، وهذا بدوره أشعل فتيل غضب في المناطق الريفية. كما عنى الفساد المستشري أيضاً أن عدد الآبار استمرّ بالزيادة رغم القانون الجديد.
أدى الفهم البائس لآثار الاستخدام المستدام للمياه الجوفية، بالتزاوج مع الإطار التشريعي الواهي والفشل في فرض القوانين، إلى استنفاذ مخزونات المياه الجوفية عبر البلاد. تمت الزراعة والاستقرار في مساحات واسعة من محافظة الحسكة ثم استنفاد مخزونات المياه الجوفية هناك، مع هجرة واسعة النطاق من تلك الأراضي منذ أواخر التسعينيات. استخراج المياه المفرط أدى إلى جفاف العديد من الينابيع، في الوقت الذي استُهلِكت فيه معظم الآبار والمخزونات السطحية للمياه الجوفية. لم يعد نهر الخابور يجري في الصيف منذ عام 1999؛ وأكبر الينابيع الجيرية، ينابيع راس العين على الحدود السورية التركية، اختفت تماماً منذ عام 2001 نظراً للاستخراج المفرط للمياه من أحواض الينابيع طوال خمسين سنة. كذلك تحوّلت منطقة النبك شمالي دمشق، والتي كانت تشتهر بكرومها وحقول قمحها، إلى صحراء نتيجة الاستعمال المفرط للمياه الجوفية. كان الفلاحون هناك عام 2009 يعملون كمطوّري عقارات.
* * * * * *
من المهم النظر إلى جفاف 2006-2010 ودوره المحتمل في إشعال انتفاضة عام 2011 ضمن السياق الأوسع لخمسين سنة من سوء إدارة الموارد، واللبرلة الاقتصادية الخاطفة، والإلغاء المفاجئ للدعومات الحكومية، وفشل الحكومة في معالجة الأزمة الإنسانية والبيئية اللتين كانتا تتشكلان منذ أكثر من عقد من الزمن.
ما أشعل الانتفاضة السورية التي بدأت في آذار 2011 هو سلسلة من العوامل المتداخلة، الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. بينما يبدو مغرياً إشمال «الجفاف» و«تغيّر المناخ» ضمن قائمة المسبّبات، يبقى من المهم أن نحافظ على نظرة واضحة إلى العلاقات المتبادَلة بين الأسباب والآثار المختلفة للأحداث: 50 سنة من سوء إدارة الموارد والاستغلال المفرط سبّبت استنفاد الموارد، والتي أدت بالنتيجة إلى تزايد الحرمان وبالتالي الاستياء في المجتمعات الريفية السورية. جفاف 2006-2010 فاقم أزمة إنسانية موجودة أصلاً. فشل الحكومة بالاستجابة بالشكل الملائم لهذه الأزمة كان أحد مسببات الاحتجاجات التي بدأت في آذار 2011، إلى جانب جمهرة من المظالم السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
الدور المحتمل لتغيّر المناخ ضمن هذه السلسلة من الأحداث ليس في غير محلّه فقط؛ هو أيضاً إلهاء لا جدوى منه. في سياق مستقبل إدارة المياه في سوريا، هو يصرف النظر عن مشاكل كثيرة أخرى واقعية وملموسة أكثر؛ في سياق الانتفاضة، هو يقوّي رواية نظام الأسد الذي ينتهز أية فرصة لإلقاء لوم إخفاقاته وعدم قدرته على الإصلاح على عوامل خارجية في 30 آذار 2011، على سبيل المثال، قال بشار الأسد مخاطباً مجلس الشعب: «أنتم تعلمون ماذا حصل في لبنان عام 2005، ولاحقاً في حرب 2006 وتبعاتها، والحرب على غزّة في نهاية عام 2008. إذاً كل هذه الفترة كانت فترة ضغوط مستمرة. ما فاقم المشكلة هو أننا مررنا بأربع سنوات جفاف، والتي أضرت ببرنامجنا الاقتصادي […] بالطبع، أنا هنا لا أبرر. أنا فقط أشرح هذه الحقائق وأفصل بين ما هو ذاتي وما هو موضوعي. عندما أقول بأننا مررنا بجفاف، فإن هذا خارج قدرتنا». انظر ’الرئيس الأسد يُلقي خطاباً في مجلس الشعب‘ سانا، 30 آذار 2011..