نشر ياسين الحاج صالح في موقع الجمهورية مقالاً بعنوان «التحديق في وجه الفظيع»، اتبعه محمد علي الأتاسي بمقال بعنوان «الكرامة في حضور الفظاعة»، وياسين السويحة بمقال بعنوان «الإعلام والصورة الفظيعة». فتحت هذه المقالات نقاشاً عاماً واجباً حول المسؤولية عن تناول وعرض صور الفظاعة المكونة لحاضر السوريين. كان قد بدأ مثل هذا النقاش، حول حدود وضوابط تمثيل صور الفظاعة السورية في الغرب، لاسيما في أوساط الشاغلين في الفن السينمائي (دورك زابونيان، استعمال الفظاعة، مجلة دفاتر السينما الفرنسية، عدد 708، شباط 2015)، وكذلك أوساط منظمات حقوق الإنسان. كم يحتاج السوريون، بالرغم من فظاعة حاضرهم، أن يناقشوا كيف يتمثلون صور هذا الحاضر. لقد طرحت تلك المقالات أسئلة استرعت اهتمامي من منظوري المهني كقانوني، أُجمِلها بالسؤال التالي: هل الجريمة الكبرى التي تجري في البلد تستدعي تحديقاً في صور الضحايا، وإعادة نشرها، لعدم السكوت وللشهادة على الجريمة، كموقف أخلاقي؟ وإذا كان الأمر كذلك، فهل هناك معايير لذلك، وضوابط لإعادة نشر صور الضحايا، أم يجب إباحتها وإتاحتها، كما يدعو ياسين في مقاله؟

يعتري النقاش حول هذه الأسئلة صعوبة التواصل في حيز عام بين السوريين بشكل منظم، وصعوبة إجراء مسح للرأي أو نقاش حي، وتعدد الجهات التي تدعي تمثيلاً للضحايا في المجتمع السوري. في هذه الظروف، يجب الانطلاق من القبول بأن لا أحد، وأولهم كاتب هذه السطور، يستطيع أن يدعي الحديث باسم ضحايا المقتلة السورية، من أي طرف كانوا، وكأن الضحايا وذويهم بلا صوت. وبناء عليه، أُبدي فيما يلي جملة من الأسئلة والمقولات حول ما تثيره المقالات المذكورة، من وجهة نظري كحقوقي مشغول بالجريمة المستمرة في البلد، وبطرق تحقيق العدالة فيها.

تعاريف

– تعني كلمة «الجريمة» الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب بالمعنى القانوني التي تحدث في سورية.

– تعني عبارة «صورة الضحية»، مشاهد الجريمة الثابتة والمتحركة الواقعة على ضحايا، وصور ما نتج عن الجريمة من ضحايا مهما كان الشكل الذي تظهر عليه الضحية.

– تعني عبارة «عرض صورة الضحية»، كل عرض بشكل متاح للعموم بدون قيد وقابل للاستعادة والحفظ وإعادة العرض والمعالجة لصورة الضحية أو أي جزء من جسد الضحية، سواءً سينمائياً أو فوتوغرافياً أو برمجياً، ومهما كانت وسيلة العرض سواء عبر الإنترنت أو في قواعد بيانات أو في صالات السينما أو في المطبوعات الورقية أو على أفيشات تُحمل في مظاهرات أو في معارض أو في مفاوضات أو في أروقة منظمات حكومية أوغير حكومية أو أمام أي مباني حكومية.

تمييزات

– لصورة الضحية وجهان: شكلي، من حيث هي حامل لمشهدية فظيعة؛ وموضوعي، من حيث هي تتضمن «ضحية» لجريمة. يقتضي ذلك تمييزاً بين «صورة الضحية»، و«الضحية» بذاتها.

– تشير التجربة المعاشة في الواقع السوري الحالي إلى أن لصورة الضحية استعمالات ثلاثة: صورة الضحية من حيث هي شهادة، وصورة الضحية من حيث هي وثيقة إثبات، وصورة الضحية من حيث هي موضوع حيازة وتملك وتصرف.

– كما تشير ملاحظة التجربة المعاشة إلى أن عرض صورة الضحية من حيث هي شهادة يتم من قبل طرفين: أولهما ضحايا الجريمة ومرتكبوها، وثانيهما من قبل طرف ثالث ليس من الضحايا أو مرتكبي الجريمة، بل هم مثقفون وحقوقيون وسينمائيون وموثقون ومحققون، وناشطو حقوق إنسان وإعلاميون، لإشهاد العالم عليها، أو بغرض استعمالها في بروباغندا مقيتة.

سياقات

– يهدف كثيرون ممن هم منشغلون بعرض صورة الضحية بقصد إشهاد العالم، إلى تعريف الرأي العام العالمي بفظاعة الواقع السوري، الأمر الذي يفترض أن يؤدي إلى التحرك السياسي لإبعاد أسباب الفظاعة وإيقاف المقتلة السورية. ومع ذلك، وبالرغم من غزارة عرض صورة الضحية، فلا ساكن يتحرك. ليست الصورة قادرة بذاتها على تحفيز فعل سياسي واحد اتجاهه دفع بلاء الجلادين عن السوريين، وإيقاف الفظاعة. يجري عرض صورة الضحية في إطار منظومة للفرجة، تتحكم فيها وسائل إعلام نافذة وأطراف سياسية فاعلة. إنها منظومة تختار ما يمكن رؤيته من صور، وتبين كيف يتم التفرج على هذه الصور، وتعطي معنىً مسبقاً لهذه الصور، بالرغم من غزارتها، تحدد تالياً ما هي درجة الانتباه التي تستحقها هذه الصور. وبالنسبة للمقتلة السورية، فإن نظام الفرجة هذا سلبي جداً ويحفز على سلبية الفعل السياسي لإنهاء المقتلة. إنه لا يسمح إلا بإظهار السوريين كأجساد محطمة غير قادرة على الفعل، لا يمكن لها حتى أن تعيد لمن يراها التحديق في وجهه رداً على تحديقه بها. لن يمكن كسر نظام الفرجة هذا بإغراق المكان بصور الضحية في المقتلة السورية، ولا بالاستعاضة عن الصور بالشهادات والحكي عن المقتلة، ولا بالدعوة إلى المزيد من التحديق في الصور، ولا بحجبها ولا بإباحتها، ولا بتلبية الطلب في سوق الفرجة. ليس في هذا دعوة إلى حجب صور الضحية أو إباحتها، فليس هنا السؤال. لن يُكسر نظام الفرجة هذا إلا بعرض مختلفٍ لصورة الضحية، عرض نقدي يهدف إلى مساءلة المعاني المسبقة لنظام الفرجة السائد، وواعٍ لضرورة هزها في العمق. لن يمر ذلك بإغراق سوق الفرجة بالصور لاستثارة انتباه قليل أو غير موجود. قبل السؤال عن كيف يمكن تحفيز التحرك ضد الفظاعة في صورة الضحية السورية، يجب مواجهة فظاعة طريقة الفرجة على صورة الضحية السورية.

– في ظل رأي عام عالمي لا مبالٍ، والجريمة مستمرة ومتزايدة وتتعمم لتصبح مؤسسة للهويات والمشروعية، هناك خطر حقيقي أن يكون عرض صورة الضحية جزءاً متمماً للجريمة، تجعل الجريمة تكتمل. فبعد الفعل وبعد تصوير الفعل وضحيته وعرضها، تأتي اللامبالاة والفرجة العالميان لتتمم الفعل الجرمي، ولتجعل الجريمة كاملة، فالمجرم لا يبغي شيئاً أكثر من عدم افتضاح جريمته والإفلات من العقاب. وعندما تظهر فعلته ويتفرج عليها العالم ولا يحرك لها المجتمع الدولي ساكناً، فهذه حالة خالصة وسامية في الجريمة، حالة ما بعد الجريمة الكاملة، التي برغم كل القرائن على ارتكابها، كما التقطتها صورة الضحية، إلا أنها لا تستثير أي رد فعل اجتماعي عليها!

– كما لا يخفى الخطر في أن يكون عرض صورة الضحية مساهماً في تطبيع الجريمة، في ظل نظام الفرجة والرأي العام الذي لديه استعداد لكي لا يرى في تاريخ وثقافة سورية والسوريين، إلا عنفاً وفظاعة طبيعية. أما ما يتم عرضه اليوم لصور الضحية، فلا يجري إلا في سياق مؤسف يهدف إلى تسجيل النقاط بين الأمم وبين القوى السياسية داخل الدول، أو بين السوريين، الأمر الذي يزيد من تطبيع الجريمة ويعمق في لامبالاة العالم بها، بصرف النظر عن حسن النيات أو سوئها، أو كوسيلة لاستدراج التعاطف الدولي الآني، في أحسن الأحوال ومع كل حسن النيات، بدون أن ينبني على ذلك أي شيئ لوقف الجريمة ومحاسبة مرتكبيها، وتضميد جراح ضحاياها.

الصورة والضحية

– الصورة ليست نسخاً للواقع، وليست إعادة إنتاج للواقع بشكل مرئي، وليست موجودة في الفراغ. تحتوي الصورة على علاقات معقدة بين المرئي وغير المرئي، المحكي وغير المحكي، والمرئي والمحكي. خلف الصورة وحولها، ومعها قصص وحياة، وفي الفظاعة السورية الحالية، تحمل الصورة حطام حياة.

– يقتضي التمييز بين صورة الضحية والضحية انتباهاً أن لا تتماهى الضحية بصورتها، أي أن لا تلتصق الضحية بصورتها، وأن لا تصبح الضحية مجرد صورة، منزوعة الإنسانية، لا اسم لها ولا قصة، لا حياة لها ولا حقوق، مجرد صورة لشيء جامد محطم، قابلة للنقل والنسخ والحفظ والتداول والتملك والتصرف.

– يقتضي ذلك الوعي بضرورة الفصل بين صورة الضحية والضحية بذاتها، وتعميق الإحساس بالمسؤولية إزاء ثقل الضحية، بكل ما تحمله ويحيط بها من حطام الحياة، بالمقارنة مع صورتها.

تبدد المعاني

– يساهم عرض صورة الضحية في ظل ظروف نظام الفرجة ولا مبالاة العالم، في محو كل المعاني حولها، بين السوريين، وتبديد كل إمكانات أن يعطى للصور أي معنىً مشترك، ولاسيما من حيث هي تلتقط لحظات وقوع «جريمة» كبرى على «ضحية» كبرى.

– ما هو الفرق الأخلاقي، في الحالة السورية، بين عرض صورة الضحية الذي يتم على مدار اليوم في كافة وسائل إعلام النظام وملحقاته الإقليمية والدولية، أو من قبل داعش وملاحقاتها من جهة، وتلك التي تقوم بها قوى الثورة السورية المختلفة من جهة أخرى؟ هذا السؤال مطروح بصرف النظر عن هوية الضحية. ما هو المعيار الأخلاقي الذي يسمح مثلاً بالقول بأن ما يقوم بعرضه النظام أو داعش صباح مساء شيطاني، وما تقوم الثورة بعرضه هو فضيلة!

– بعرضهما صور ضحايا حقيقية أو مختلقة صباح مساء، يعمل النظام وداعش على تفتيت المعنى. أصبح عرض صور الأجساد لا معنى له، أجساد عارية مستباحة، لا تستحق حتى أن يكون لها صفة «الضحية». كيف يتم تفادي عدم إغراق الأذهان بصور الأجساد، كيف يتم الابتعاد عن تفجير وتفتيت أكبر وأكثر فداحة لمعنى أخلاقي وقانوني واضح، ألا وهو أن هذه الأجساد ما هي إلا «ضحايا» لجريمة فظيعة؟ كيف يكون التحديق في صورة الضحية جامعاً بين السوريين، يجعلهم قادرين على التقيؤ ورفض استهداف ضحايا «مدنيين»، أياً يكن موقعهم؟

– ما هو الفرق بين عرض الأجساد المحترقة التي تقوم به داعش والأجساد المقطعة التي يقوم بعرضها النظام، وعرض صور الضحايا السوريين في الامم المتحدة؟ أجساد تُعرض وهي التي فقدت حتى إمكانية تسميتها «ضحية»… صور لأجساد مرمية على القارعة أومعلقة على حيطان ممرات الأمم المتحدة والاتحاد الاوروبي، أو مبسوطة على رصيف البيت الأبيض في حالة لا صفة لها. ما الذي يجري عمله لتفادي أن يتم الإيغال في إبعاد تلك الأجساد عن كرامة أن يطلق عليها «ضحية»؟ ما الذي يريده الجلاد أكثر من حرمان ضحاياه من صفة «ضحية» بعد أن اكتملت جريمته؟

ملكية فكرية

– هل صورة الضحية ملكية فكرية، يصنعها أو يعالجها مصورها أو من يعلِّبُها في قالب بصري ليعرضها؟

– هل صورة الضحية قابلة للتصرف وقابلة أن يُحصر الاستئثار بها بمالك، وأن تتحول لمال منقول قابل للتملك، إذا جرت عليها أية عمليات فنية أو وضعت في قالب جمالي؟

– هل يوجد جمال في حضرة الجريمة المستمرة؟ هل يمكن للجريمة، وصورة الضحية أن تكون موضوعاً لمعالجة جمالية، ينجم عنها مصنف هو محل لملكية فكرية، قابل للحماية والحيازة والتصرف، بينما الجريمة مستمرة؟

وثيقة إثبات

– لا تتحقق صورة الضحية كوثيقة إثبات إلا في ظل محكمة مشكلة تشكيلاً يتمتع بقدر من العدالة والمشروعية، تكون فيه للضحية والجلاد، بصرف النظر عن هوية الضحية والجلاد، بحسب كل حالة، ظروف متكافئة في تقديم أدلتهما ودفوعهما. ولكي تتحول صورة الضحية الى وثيقة إثبات يجب أن تقدم وفق إجراءات تضمن حق الضحية في سرد قصتها، وحق المتهم في الدفاع بالرغم من فظاعة جرمه.

– المحاكمة هي الفرصة التي تعيد وتحفظ للأجساد المصورة المستباحة بالجريمة صفتها وحرمتها كـ«ضحية». لا يكتمل معنى الضحية إلا في المحاكمة، عندما تحكي صورتها جزءاً من قصتها، وعندما تحدق تلك الصورة بتفاهة قصة جلادها. أما نشر صور الضحايا والعين على تسجيل النقاط في حالة خواء المعاني، وفي ظل رأي عام لا مبالٍ يكتفي بالفرجة، فهو يساهم في تعزيز تلك اللامبالاة وإبعاد فرص حتى أن تكون لهذه الأجساد صفتها القانونية وحرمتها الأخلاقية كـ«ضحية». يجب المساعدة على حفظ كيان الضحية المصورة بكل قصتها وإيصالها إلى محاكمة عادلة وجامعة لكل السوريين.

– المحاكمة هي المكان الوحيد الذي يمكّن من أن يحدّق المجرم في فعله ملياً، ويسأل نفسه هل كنت لأرضى أن يحدث ذلك لنفسي ولمن أحب، وكيف قبلت أن أفعل ذلك، كيف قبلت أن أعيش مع مجرم – ألا وهو أنا. هذا أجدى التحديق. إنه فعل فردي وجماعي وعام، يجري في حضرة غياب الضحية، وحضور أهلها وتسّمر المجتمع حول ما تقوله صورة الضحية وما يقوله جلادها. في المحاكمة سيتسنى لكل «ضحية» أن تستعيد كرامتها من حيث هي «ضحية». ستنتشل المحاكمة قصص «الضحية» المحطمة من داخل الصورة، ومن حولها ومن ورائها، لتعيد لها كرامتها، ولتقول بأنه في تأكيد كرامتها كضحية فرد قادرة على أن تحكي كل قصتها، استعادة لكرامة كل البلد. يحتاج التحديق في الفظيع لمآل، لإطار جامع، يعطي للتحديق معنى بصفته فعلاً تأسيسياً. هذا الإطار هو المحاكمة. فبدون السعي إلى المحاكمة العادلة، وفي ظل لامبالاة العالم، وتمدد الجريمة، لتصبح قيمة مؤسسة للهويات والمشروعية، ستذبل العيون وتعتاد وتتطبع إزدراء الضحية.

أخلاق المسؤولية

– في ظل انهيار المؤسسات والنظم القانونية التي تسمح لصورة الضحية أن تقدم كوسيلة إثبات في محاكمة عادلة، لا بد أن يتحلى كل من يحوز عليها بأخلاق المسؤولية، التي توجب عليه أولاً أن يمتنع عن تحويلها لسلعة في سوق الفرجة، أو تبديد المعنى حولها، وأن يساهم في الحفاظ على كيان موضوع الصورة من حيث هو «ضحية» لجريمة. عليه أن يتمتع بأخلاق مسؤولية تفرض عليه أن يحيطها بكل أسباب الحفظ، بما في ذلك لملمة كل حطام الحياة داخل ومن حول صورة الضحية. عليه أن يحفظ حرمة موضوع الصورة من حيث هي «ضحية» وصولاً إلى تقديمها كدليل إثبات في محاكمة عادلة تتمتع بالمشروعية. لا فرق في هذا بين «ضحية» يتصرف بصورته، وبين حائز لصورة «ضحية» يريد أن يُشهِد العالم على الجريمة. فهنا تنتمي قصة كل ضحية فرد إلى الحق العام لكل البلد.

– في ظل تبدد المعاني، ليس صعباً على حائز صورة الضحية أن يتمتع بأخلاق المسؤولية، إذا وضع نفسه في مكان «الضحية» وسأل كيف سينظر إلى صورته أكثر من يحب، وجسده معروض على الملأ في صورة ضحية.على حائز صورة الضحية أن يضع نصب عينه الضحية، ويفعل كل شيء من أجل خلق الظروف التي تحفظ كيان «الضحية»، وحق ذويها في أن يحكوا قصة من يقف وراء الصورة، وكأنه حائز الصورة بنفسه.

– في ظل تبدد المعاني بين السوريين اليوم، لاتوجد قواعد مسنونة مسبقاً يتوجب تطبيقها. إن أخلاق المسؤولية تظهر بردة فعل شخصية على محك الأوضاع المختلفة التي يجري فيها عرض صور الضحايا. إنها ردود أفعال تضع نصب أعينها الضحية، بغض النظر عن تعدد الأوضاع التي تتطلب تحديد مواقف بشأنها. أخلاق المسؤولية تتطلب حواراً داخلياً مع النفس قبل أي شيء، ووضع النفس مكان الضحية بعد ذلك. وأما عندما تعرض صورة الضحية في سوق الفرجة الغربي، فإن أخلاق المسؤولية تفرض أن تحدق ملياً في وجه هذا السوق، وأن  تصرخ بوجهه بحق السوري في صورته، ولتقول لمن يتفرج: وماذا لو كنت أنت أو أحد أحبابك معروضاً في سوق الفرجة!

– إن أخلاق المسؤولية للشاغلين والمتعاملين في صورة الضحية من مثقفين وسينمائيين وموثقين، وحقوقيين، وإعلاميين سوريين توجب عليهم حفظ صورة الضحية وكأنها جزء من أشلاء الضحية. في حضرة الموت والجريمة مستمرة، عليهم أن يتعاملوا مع صورة الضحية، بكل ما تحمل من حطام، كمن يجمع الرفات المتناثر للجثة الواحدة ليضعها في كفن كريم، تمهيداً لدفنها بكرامة في مكان تغرس فيه شاهدة، ويكتب عليها اسم، وتركن عليها صورة لإنسان كان جميلاً!