خلال حصار قوات سوريا الديمقراطية بدعمٍ من قوّات التحالف الدولي لبلدة الباغوز بريف دير الزور الشرقي، آخر معاقل سيطرة تنظيم الدولة الآهلة بالسكان، سرت شائعاتٌ عن صفقاتٍ يعقدها التنظيم مع القوّات المُهاجمة، سُلّمت بموجبها كمياتٍ من ذهبٍ كان بحوزته، مقابل فتح ممرٍّ آمنٍ لعبور من أراد الخروج من مقاتليه وعائلاتهم من الجيب المحاصر. وقد نقل موقع باسنيوز الكردي عن مُقاتلين في وحدات الحماية أنباءً تفيد باستيلاء قوّات التحالف الدولي على 50 طنٍّ من الذهب كانت لدى التّنظيم، ونقلها إلى قاعدةٍ تابعةٍ للقوّات الأمريكيّة قرب بلدة عين العرب/كوباني، بعد أن تُركت حصّةٌ صغيرةٌ للوحدات.

الماكينة الإعلامية الرّوسيّة تلقّفت هذا النّبأ، وأعادت تداوله على نطاقٍ واسع، كما بادرت وكالة أنباء النظام سانا إلى فعل الأمر ذاته. وحدات حماية الشعب لم تؤكد ولم تنفِ بشكلٍ رسمي، بينما قالت إذاعة أمريكا الحرة VOA إنّ داعش قد يُخفي «جبلاً من الذهب» في منطقة سيطرته الأخيرة، وإنّها طرحت السؤال المُتعلّق بأطنان الذهب على مسؤولٍ في قيادة التحالف، لكنه لم يُقدّم إجاباتٍ واضحة، واكتفى بالقول إنّهم سيتحرّون دقّة هذه المعلومات.

سبق ذلك كله تقريرٌ نشره المرصد السوري لحقوق الإنسان، قال فيه إنّ إجماليّ ما يخفيه التنظيم في الباغوز هو 40 طنّاً من الذهب. كما أشار تقريرٌ نشرته جريدة المدن الإلكترونية إلى أنّ التحالف الدولي عقد اتفاق هدنةٍ وتسليم أسرى مع تنظيم الدولة، وكان بين بنود الاتفاق تسليم 6 أطنان من الذهب لقوّات التحالف. كل هذه الأنباء لم تُقابل بتأكيداتٍ رسمية من جانب قوات التّحالف أو شريكها المحلي قوات سوريا الديمقراطية، رغم أنّ كثرة تداولها بات بحاجة لإجابات واضحة.

نحاول في هذه الإحاطة الموسّعة شرح الخصوصيّة التي يتّسم بها اقتصاد داعش، وتمايزه عن غيره من التنظيمات الإرهابيّة والميليشيات وجماعات الإجرام؛ وكذلك الإضاءة على موارد تنظيم الدولة لا بدّ من العرفان بالقيمة العلميّة التي تمّ الإفادة منها أثناء إعداد هذه الورقة من كتاب تنظيم الدولة المُكنّى داعش، الصادر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات لمجموعةٍ من الباحثين بإشراف الدكتور عزمي بشارة، وكذلك شكّل كتاب شبه دولة: القصة الكاملة لداعش، مرجعاً جرى الاطّلاع على ما ورد فيه، وهو من إعداد الدكتور عمار علي حسن. كما تمّ البناء على أرقام وردت في تحقيقٍ نشره الملحق الاقتصادي لجريدة لو فيغارو الفرنسيّة نقلها عن مركز تحليل الإرهاب Centre d’analyse du terrorisme، واستقينا أيضاً من وثائقيٍّ استقصائي بالفرنسيّة من انتاج ARTE بعنوان L’argent de la terreur، وكذلك من كتاب بالفرنسيّة بعنوان مال الرعب: تحقيق في الاتّجارات الممولة للإرهاب. وقدراته المالية خلال السنوات الماضية، منطلقين من السؤال عمّا إذا كان من الممكن لخزينة التنظيم أن تحتوي ما شاع الحديث عنه من كميات كبيرة من الذهب؛ وإذا صحّ ذلك، فلِمَنْ تعود ملكيّتها في الأصل؟

طفرة داعش الاقتصادية

إنّ تنظيم الدولة الذي حُشر في آخر أيامه ضمن قرية صغيرة مُحاصرة على طرف البادية، كان قد فرض سيطرته على أجزاء واسعةٍ من العراق وسوريا منذ العام 2014، واتّسعت رقعة سيطرته حتى باتت مساحة المناطق التي أقام عليها «دولة الخلافة» تبلغ نحو 100 ألف كيلومتر مربع. وعلى الرغم من كون مساحات شاسعة من هذه المناطق تقع في البادية الممتدة على الحدود بين البلدين، إلا أنّها ثريّةٌ بمواردها، وسمحت للتنظيم بأن يكون أغنى التنظيمات الإرهابية على مرّ التاريخ، والتنظيم الجهاديّ الوحيد القادر على اتّباع منهجيّة التمويل الذاتي لأنشطته Autofinancement، خارجاً عن الأُطر التمويلية التقليدية للجماعات الجهادية؛ كتبرّعات المتعاطفين من أفراد وجماعات، أو تمويل الدول الخفيّ المرتبط بأجندات ومصالح.

لقد أحدث داعش نقلةً نوعيّةً في طبيعة المال الذي تستخدمه التنظيمات الجهادية في العالم، وإذا كان الحديث سابقاً يقتصر في معظمه على طرق وآليات تموّل هذه التنظيمات ومصادره المشبوهة، فإنه بعد تجربة داعش بات لزاماً الحديث عن اقتصادات التنظيمات الجهادية. إنّ سيطرة داعش على مساحات جغرافية واسعة مأهولة بمئات ألوف الناس، وإدارته الكاملة لشؤون حياتهم، وتحكّمه بالثروات الطبيعية، لم يكن وحده ما أحدث ما يمكن تسميته «طفرة داعش الاقتصادية» مُقارنةً بالمقدرات المالية للتنظيمات الإرهابية تاريخيّاً، بل أيضاً استغلاله للكثير من العوامل الأخرى، الأمر الذي مكّنه من تكوين ميزانيّةٍ سنويّة يُقدّرها مركز تحليل الإرهاب بـ2.5 مليار دولار في عام 2015، كما يُشير المركز إلى أنّ داعش كان يهيمن على أصول بقيمة 2043 مليار دولار عام 2014، ارتفعت لتصل إلى 2260 مليار دولار عام 2015 بفعل التّوسّع والسّيطرة الجغرافيّة؛ وتشمل هذه الأصول محطات الغاز والبترول والفوسفات والأراضي الزراعية والمواقع التراثية وقائمة طويلة من البنى التحتية والمشاريع المُنتجة، وإدارةُ هذه الأصول مُجتمعةً هي التي سمحت لداعش بأن يكون ذاتيّ التمويل، قبل أن يُنشئ رويداً رويداً أدوات تحصيلٍ للدّخل عبر سياساتٍ ماليّة متنوّعة. ولا نستخدم هنا كلمة سياسات لإضفاء صفة العلميّة على ما كان يقوم به داعش، بقدر ما أن هذا الاستخدام يهدف للتّدليل على سعي التنظيم لاتّباع أدوات ثابتة تعود بدخل ثابت ومنتظم، والسعي الحثيث لمراكمة هذه الأدوات بغية زيادة الدخل.

كيف اختلف داعش في جني الثروة عن باقي المنظمات الإرهابية

للتنظيمات الجهادية مصادر تمويل تقليدية، تشمل السطو على ممتلكات عامة وخاصة في الدول التي تنتشر فيها، وكانت غالب عمليات السطو تأخذ شكل الغارات دون احتلال الأرض، فهي تنظيمات غير مُستقرّة، وغالباً لم يكن بوسعها الاستقرار، تمارس عمليات قتلٍ ونهب، ثمّ تعود بأسلابها للتّخفّي، مُستهدفةً السلاح والمال في المقام الأول.

كما تشمل المصادر التقليدية الخطف وطلب الفدية، وكذلك التبرعات وتمويل غير مباشر من حكومات بلدان معينة لها؛ بغية زجّها في مواجهة حكومات بلدانٍ أخرى. ويحدث أن تضمّ هذه التنظيمات أثرياء يقدّمون المال، كما هو حال تنظيم القاعدة مع زعيمه السابق أسامة بن لادن، المولود لإحدى أثرى عائلات المملكة. ويضاف إلى ذلك شبكة العلاقات المالية التي تربط جماعات جهادية في مناطق متنوّعة، تدعم إحداها الأخرى، فضلاً عن الاتجار بالمخدرات وكلّ ما من شأنه توفير المال اللازم لاستمرار عملها.

وقد احتفظ داعش بهذه الأطر التقليدية للتموّل، غير أنّه طوّرها ولم يكتفِ بها. وإذا كان تنظيم القاعدة يعتمد على تمويل غير مباشر من دولٍ بعينها ومن المُتبرّعين في المقام الأول، فإنّ التبرعات لم تكن تشكّل إلا جزءاً يسيراً من المقدّرات المالية التي توفّرت لداعش، ويتمايز التنظيم عن غيره في هذا الباب أنّه طوّر لنفسه أساليب جديدة لحركة تنقّل الأموال القادمة من التبرعات.

داعش استفاد ممّن سبقوه

يُرجع وثائقيٌّ بثته قناة ARTE الفرنسية بداية تشكّل آليّات التّمويل الجديدة لداعش إلى مرحلةٍ سبقت تشكّل التنظيم وإعلانه لدولة الخلافة، إذ بدأ تنبّه التنظيمات الجهادية إلى ضرورة خلق الأموال من خلال نشاطاتٍ ذاتية، وعدم الاقتصار على الأموال التي تصلها بالطرق التقليدية بعد غزو العراق، لذا لم يكن حجم اعتماد «أبو مصعب الزرقاوي» على الدعم المالي من تنظيم القاعدة الأم وأشكال التبرعات الخارجية الأخرى يتجاوز حدود 20%، في حين كان يؤمّن 80% من المال عبر التمويل الذاتي، ومن داخل العراق، عبر الخطف وطلب الفدية والتهريب وبيع السلاح، وكذلك من التّبرعات الدّاخليّة التي قدّمها أشخاصٌ كانوا قريبين من بلاط صدام حسين، واستولوا على أموال كبيرة من عوائد النفط التي كانت تذهب حصراً إلى ديوان الرئاسة، وقدّم هؤلاء الأموال باسم دعم المقاومة. كما يذهب التقرير أبعد من ذلك، إذ يقول إنّ الزرقاوي هو أيضاً استفاد من الـ55 مليار دولار التي قُدّمت للعراق ضمن جهود إعادة الإعمار الدولية بعد العام 2004.

واصل تنظيم الدولة خطّ الزرقاوي في تخفيف الاعتماد على التمويل الخارجي، والاستعاضة عنه بخلق مصادر ذاتية أو محلية للتمويل؛ لذا لا تتخطّى نسبة التبرعات الخارجية من إجمالي الأموال التي كان يتحصّل عليها داعش عتبة 2% من ميزانيته السنويّة، أما الباقي فقد كان يأتي عبر أشكال مختلفة وواسعة من التمويل المحلي، وهنا تكمن قوّة داعش المالية قياساً بما سبقه من تنظيماتٍ جهادية.

داعش صديقٌ للتكنولوجيا في الترويج، عدوٌّ لها في حركة المال

لداعش كفاءةٌ ذائعة الصيت في القدرة على تطويع التكنولوجيا من أجل خدمة البروباغندا المروّجة لأنشطته واستقطاب المقاتلين ونشر أفكاره، غير أنّه أدرك صعوبة امتلاك الكفاءة نفسها على الصعيد المالي، فعزف، بفعل الاختيار، بشكلٍ شبه كاملٍ عن استخدام التكنولوجيا في تعاملاته المالية عبر الحدود، ولا يبدو أنّه استخدم العملات الرقمية Bitcoin أو الحسابات والحوالات المصرفية المباشرة، أو عبر استخدام طرفٍ ثالث، والغالب أنّ السبب يعود إلى أنّه بات من اليسير على أذرع الرقابة المالية والأمن السيبراني لخصوم التنظيم تعقّبها وكشف مصادرها. ولا ينفي هذا الابتعاد من قبل التنظيم عن النظام المالي الرسمي امتلاكه أدواتٍ متنوّعة تيسّر للنظام البنكي، بهدف نقل كميات صغيرة من الأموال السائلة التي يموّل عبرها هجماته الإرهابيّة عندما تقتضي الحاجة.

لقد حاول داعش، ما أمكن، اعتماد اقتصادٍ خفي أو مُستتر Economie souterraine، يعمل في الظل، ولا يدخل في عجلة الاقتصاد العالمي ولا يستخدم الطرق الإلكترونية التقليدية. ويمكن القول إنّه اقتصاد متميّز بالقطيعة الناجزة والمُدبّرة مع النظام المالي العالمي والحركة النظامية للمال في العالم؛ لذلك كان يعتمد نقل الأموال عبر الحدود بواسطة الأفراد بشكلٍ رئيسي، وتتمّ عمليات النقل هذه عبر حقائب سفر تدخل عبر الحدود إلى تركيا، بحسب ما نقلته صحيفة الشرق الأوسط عن نيوزويك، وكذلك عبر طرق تهريبٍ قديمة يعرفها بعض من شاركوا في تهريب النفط والأموال من العراق إلى الكويت وإيران إبّان العقوبات الغربية التي فُرضت على العراق عقب حرب الخليج الثانية.

ربّما يكون داعش قد امتلك خبراتٍ ومَقدراتٍ تقنيّة تسمح له باختراق الأنظمة المالية الضعيفة لدى بعض الدول، والتسلل عبر ثغرات مالية تُسهّل عملياته، غير أنّ التنظيم فضّل الثغرات الحدودية التي كان واضحاً أنّ دولاً معينة تتساهل فيها قصداً. محصلة ذلك أنّ النظام المالي الذي انتهجه داعش كان قديماً جدّاً ولا يشي بنيّة التنظيم الوصول إلى الأسواق الدولية الرسمية، غير أنّه منظّم، وهذا الأسلوب البدائي المُنظّم مكّنه من إحاطة عملياته وقوائمه وبياناته الماليّة بقدرٍ عالٍ من السّرّيّة، حتى بات يصعب رصد وتقدير عملياته المالية، فهي تتمّ خارج القنوات المعروفة، معتمدةً اقتصاد الظّل Economie d’ombre بكلّ أشكاله غير الرسمية والسوداء.

قنوات تحصيل المال

يمكن القول إنّ اقتصاد داعش ينقسم إلى شقّين؛ الأوّل والأبرز ذو طبيعةٍ ريعيّة غير مُنتجة، لا يختلف في شكله وجوهره عن كثيرٍ من اقتصادات دول المنطقة العربية، لا سيّما الدولتان اللتان امتدّت سطوته على أراضيهما في المشرق العربي، ويتحقّق فيه أكثر من نصف الدخل عبر استغلال الموارد الطبيعية؛ على رأسها النّفط والغاز والفوسفات والمحاصيل الزراعية. ونسبة عالية من هذا الرّيع خارجيٌ ناجمٌ عن بيع الثروات الطبيعيّة لجهاتٍ خارج حدود «دولة الخلافة»، ولا يساهم سوى عدد قليل من الناس في توليده. ولا يحتوي هذا الاقتصاد على دخلٍ إنتاجيٍّ عالٍ ناجمٍ عن صناعاتٍ تحويليّة، وقد بقيَ دخل الصناعات التحويليّة، على قلّته، مُهدداً على الدوام، حتّى أنّ ضربات التحالف الدولي خلال الشهور الستة الأولى من تشكّله حرمت التنظيم من جلّ هذه الصناعات التي كان يجريها على النفط في محطّات تكريرٍ بدائيّة، ما جعله مُضطراً لبيع النفط بشكله الخام.

أمّا الشقّ الثاني فيشمل أدواتٍ عديدة لتحقيق العائد، منها ما هو كلاسيكيٌّ بالنسبة للتنظيمات الجهاديّة، وأخرى مُسجّلة باسم التنظيم، ترتبط بتعريفه عن نفسه كدولة، وأهمّ هذه الأدوات هو نظام الضريبة النسبية الثابتة الذي فرضها التنظيم على محكوميه.

الموارد الطبيعيّة

النفط

رغم أنّ النفط كان العمود الفقري لاستقرار داعش المالي، تختلف التقديرات وتتنوّع إلى حدٍّ كبيرٍ ومتضارب فيما يتعلّق بعوائد داعش اليوميّة منه، فكثيرةٌ هي الجهات الحكومية ومراكز الدراسات والجهات الإحصائيّة التي أدلت بدلوها في هذا المضمار، وجميعها لم تكن تستند إلى بيانات ماليّة حقيقيّة، فالتنظيم بالغ التّكتّم، والجهات المُشترية حريصة على إبقاء عملياتها مع التنظيم سرّيّة.

كانت هذه التقديرات تستند إلى صور الأقمار الصناعية لأرتال الشاحنات الناقلة للنفط، والممتدة لكيلومتراتٍ عديدة، وأيضاً إلى حساب ما كان تحت يد التنظيم من نقاطٍ منتجة للنفط بين حقول وآبار، وطاقتها الإنتاجية، وما يبقى سليماً منها عقب استهدافها المتكرّر من التحالف الدّولي، الذي تضاربت التقارير بخصوصه هو الآخر عن حجم الدمار الذي لحق بالبنية التحتية للمنشآت النفطية في مناطق سيطرة التنظيم، لكنّ الثابت أنّ غارات التحالف، بخلاف غارات النظام السوري وروسيا، كانت تحرم التنظيم من عوائد النفط شيئاً فشيئاً، إلى أن استُعيدت النقاط النفطية من قبضة التنظيم في منتهى المطاف، بعد أن بلغ عددها 160 نقطة عام 2015، كما أنّ غارات التحالف تركّزت في فترة الشهور الخمس الأولى على محطات تكرير النفط البدائية للتنظيم، ما جعله مضطرّاً لتصدير النفط بشكله الخام.

وفي حين تقول التقديرات المُبالِغة إنّ داعش في ذروة إنتاجه النفطي عامي 2014 و2015 كان يتحصّل على 3 ملايين دولار يوميّاً، تُجمع كثير من التقارير على أنّ عوائد الناتج اليومي في تلك الفترة لم تكن أقلّ من 1.5 مليون دولار يوميّاً، وهذه الأرقام تشمل عوائد النفط الخام والمحروقات المُكرّرة بأشكالها المختلفة. فيما بعد، كانت تتغير التّقديرات بشكلٍ دائم تبعاً لتقلّبات أسعار النفط العالمي وتوفّر المُشترين (التنظيم يبيع النفط بأقل من أسعار منظّمة أوبك، حتّى أنّه باع البرميل الواحد بعشرة دولارات في بعض الأوقات)، وكذلك حسب طاقة الإنتاج المتغيّرة بشكلٍ مستمر؛ بفعل فقدان السيطرة والعمليّات الحربيّة والغارات الجوّيّة.

وكان التنظيم يُصدّر القسم الأعظم من النفط الخام إلى خارج حدود دولته عبر اتّجار الظل Trafic d’ombre والتهريب المنظّم الذي تديره الحكومات المشترية عبر الوسطاء، للنظام السوري وتركيا في المقام الأوّل، كما تشير تقارير إلى أنّه جرى تهريب كميات نفطيّة عبر كردستان العراق. ويقول كتاب مال الرعب الصادرL’argent de la terreur – Enquête sur les trafics qui financent le terrorisme, Denis Boulard, et Fabien Piliu, La Tribune 2016. عام 2016 إنّ النّظام السوري كان في فترةٍ من الفترات يشتري 90% من النفط الذي يحتاجه لتغذية مناطق سيطرته من تنظيم داعش؛ بطريقةٍ مباشرة أو من خلال وسطاء، وهذا ما دفع الاتحاد الأوروبي في آذار/مارس 2015 إلى فرض عقوباتٍ على رجل الأعمال السوري جورج حسواني، صاحب شركة هيسكو، بسبب عمله كوسيطٍ يشتري النفط للنظام من داعش. وفي هذا السياق، يُشير تقريرٌ لصحيفة الشرق الأوسط إلى أن عشرين شركة على الأقل كانت تتعامل مع تنظيم الدولة بدراية النظام السوري، وفق معلوماتٍ نُقلت عن خبراء أميركيين. إلى ذلك، يغمز الكتاب، الذي يعتبر مؤلّفاه أنّ العالم كلّه قد موّل داعش بطريقة أو بأخرى، إلى دور تركيا في تسهيل عبور النفط إلى أراضيها وشرائه من التنظيم عبر وسطاء.

ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ جميع الأطراف المُتحاربة في سوريا اشترت النفط من تنظيم الدولة، ولم تكن قادرةً على تأمين احتياجاتها واحتياجات الخاضعين لسلطانها من النفط دون داعش؛ إذ تظهر إحصائيّات تقريرٍ اقتصاديٍّ في صحيفة لو فيغارو لتوزّع السيطرة على النفط في سوريا عام 2015 أنّ 80% منه كان في قبضة داعش، مقابل 12% بأيدي وحدات حماية الشعب، و8% خاضع للنظام السوري.

بالنسبة لأطراف الصراع في سوريا لم يقتصر الأمر على الرضوخ لحتميّة التعامل مع التنظيم بشأن النفط، بل اعتبرت بعض القوى العسكريّة الأمر تجارةً ومورداً مهمّاً لها هي الأخرى، حيث يُشترى النفط من التنظيم ويُباعُ للأهالي، لتحقيق الربح، لا لتقديم الخدمات.

الفوسفات والغاز والملح

تبادل التنظيم والنظام السوري السيطرة على حقل الشاعر للغاز بريف حمص الشرقي، كما سيطر التنظيم أيضاً لفترةٍ قصيرةٍ على حقل الجبسة بريف الحسكة، وشكّل الغاز مصدراً ماليّاً مهمّاً للتنظيم عامي 2014 و2015 قبل أن يخرج هذا المورد من بين يديه. وتشير تقديرات مركز تحليل الإرهاب إلى أنّ عوائد داعش من الغاز عام 2015 وصلت 350 مليون دولار، كذلك شكل الفوسفات مورداً للتنظيم في الفترة ذاتها، وبلغت عائداته عام 2015 قرابة 250 مليون دولار، وأبرز مناجمه خنيفيس قرب تدمر، الذي سيطر عليه داعش عام 2013 وخسره لصالح النظام في أيّار/مايو 2017، وكان من الممكن للفوسفات أن يُعود بدخلٍ هائلٍ للتنظيم لولا صعوبة تصديره برّاً والحاجة إلى خبرات ومعدّات وتقنيّات معقّدة لتحويله.

البذار والمحاصيل الزراعية

حصر التنظيم في يده تجارة البذار والأسمدة، عن طريق ديوان الزراعة، ولم تكن تُقدّم هذه المواد على أساس دعم المزارع وتأمين مستلزمات الزراعة، بل كانت عملاً تجاريّاً بحتاً، وبأسعار مرتفعة، حيث بلغ سعر الطنّ الواحد من السّماد الزراعي 500 دولار أمريكي. كما كان داعش هو الجهة الوحيدة المُخوّلة بشراء القمح والمحاصيل الحيويّة من المزارعين، وفق آليّة شبيهة بالتي يمارسها النظام السوري بما يتعلّق بالقمح والشعير والقطن، وبأسعار يقوم هو بتحديدها. كما كان مكتب الزراعة يُحدّد نوع المحصول الواجب زراعته ومساحة ما يجب زراعته، فضلاً عن ذلك كان من الواجب على الفلاح دفع ضريبة ريٍّ تتراوح بين 1000 و1500 ليرة سورية عن الدونم الواحد وفقاً لنوع المحصول. تقول الإحصائيّات إنّ عوائد داعش من الزراعة تشكّل نسبة 10% من إجماليّ العائدات الداخلة إلى خزينته.

أدوات خلق العائد الكلاسيكيّة وأدوات داعش الخاصة

نهب البنوك

تضاربت بدايةً الأرقام المُتعلّقة بحجم الأموال التي سطا عليها داعش من البنوك العراقية التي وقعت تحت يده، والبالغ عددها 121 فرعاً مصرفياً عموميّاً وخاصاً، في كلٍّ من نينوى والأنبار وصلاح الدين، إبان سيطرته على هذه المدن عام 2014، غير أنّ تقريراً توثيقيّاً قدّمه للبنك المركزي العراقي المستشار وليد عيدي عبد النبي، أوضح أنّ المبلغ وصل إلى 856 مليار دينار عراقي، أي بحدود 720 مليون دولار أمريكي، بالإضافة إلى 101 مليون بالقطع الأمريكي. وهذه الأموال في معظمها ودائع وأرصدة حكومية، بينها أرصدة لوزارتي الداخلية والدفاع، فضلاً عن أرصدة المودعين من المسيحيّين والشبك والإيزيديّين.

الجباية

يعاملفي الشكلين البيانيين المُرفقين آخر النص، استخدمنا كلمة جباية رغم عدم دقتها العلميّة، بخلاف المصدر الذي أسماها ابتزازات، للدلالة على كل ما كان يجتبيه التنظيم من الناس دون وجه حق، وتدخل عمليات الابتزاز والسرقة والخطف وغيرها في هذا الباب، إلى جانب أشكال الجباية المعروفة وعوائد بيع الخدمات. تنظيم الدولة نفسه على أنّه دولةٌ مكتملة الأركان، تفرض وتُحصّل الضرائب والمكوس والمخالفات، وتوظّف جباةً يُحصّلون الأموال، ما يخلق له موارد مالية، رغم أنّه لا يُقدّم خدماتٍ حقيقيّة لقاء هذه الأموال، فهي إن كانت ضرائب أو مستحقّات تؤُدّى لقاء خدماتٍ في مسمّاها، ولا تختلف نظريّاً عن تلك التي تتحصل عليها الحكومات المُعترف بسلطتها وسيادتها لقاء الخدمات التي تقدمها لمواطنيها، فإنها لا تعدو كونها إتاوةً في الجوهر، لأنّ التنظيم يأخذ ولا يعطي، ولا يمارس أعمال الصيانة للمرافق الخدمية أو يُعبّد الطرقات. رُبّما أبرز ما كان يحرص عليه هو النظافة. لقاءات أجراها الكاتب مع مواطنين عاشوا في ظلّ التنظيم قالوا إنّ المياه والكهرباء التي كانوا يدفعون فواتيرها بشكلٍ دوري، فضلاً عن ندرة وصولها، لم تكن تخضع لعمليات تنقية فعليّة، كما لم يقم التنظيم بأي أعمال صيانة تتعلّق بكابلات الكهرباء أو إنارة الشوارع. الأمر نفسه ينطبق على باقي الخدمات.

وكان التنظيم يفرض ضرائب على السلع وشاحنات نقل البضائع وجميع المواد المستوردة من زيوت وشحوم وقطع غيار للسيارات والأجهزة الالكترونية والأقمشة، كما يفرض ضرائب على حاصلات القمح والشعير وغيرها من المحاصيل الزراعية، وفق آليّات وأدوات متنوّعة سنأتي على تفصيلهاالجزء الثاني من كتاب تنظيم الدولة المُكنّى داعش الصادر عام 2018. وتبيان الدواوين المعنيّة بتحصيلها:

– الذراع الجبائيّة الأوّلى للتنظيم هي ديوان الاقتصاد أو «بيت مال المسلمين»، الذي يجمع الأموال عن طريق المكاتب التابعة له؛ مكتب الزكاة، مكتب الجزية، مكتب الصدقات، ومكتب الجباية. وفي الوقت الذي تتحصّل فيه مكاتب الزكاة والجباية على أقدار كبيرة من المال، يُعدّ مكتب الجزية شبه معدوم العوائد بالنسبة لخزينة التنظيم؛ بسبب فرار مُعظم من يتوجّب عليهم دفعها إلى خارج حدود «دولة الخلافة»، غير أنّ التنظيم لم يغلق المكتب؛ لما له من رمزية «تاريخية دينيّة» بالنسبة له. أمّا مكتب الصّدقات، فيخرج منه المال ولا يدخل. وبالنسبة لمكتب الجباية، فهو مسؤولٌ عن تحصيل عائدات الخدمات التي يوفرها التنظيم كالكهرباء والماء والهاتف والنظافة وغيرها.

وقد فرض التنظيم فواتير ثابتة على استهلاك الماء والكهرباء والمياه على كل مشترك، فيما يُشبه الضرائب النسبية الثابتة دون النظر إلى كمية الاستهلاك، وكانت الفواتير مُقدّرة بدرهمين فضيين من عملته، أي بواقع ألفي ليرة سوريّة للدورة الواحدة (مدّة الدورة شهران). وكان مُسيطراً على سدّ الفرات، أبرز محطّات توليد الكهرباء في سوريا، ولكن بفعل استهداف النظام لمحطات توليد الكهرباء من السد نتيجة خلافات على الحصص مع التنظيم، خرج جزءٌ من استطاعة التوليد عن الخدمة، ما دفع التنظيم لإعفاء سكان عددٍ من المناطق التي لا تصلها الكهرباء من هذه الفاتورة، بيد أنّه أيضاً حصر ترخيص المولدات الخاصة لتوليد الكهرباء (مولدات الأمبير) به، كما حدّد الأسعار وساعات التشغيل، وكان لا يستفيد فقط من نسبته التي يدفعها له أصحاب المولدات ومن رسوم الترخيص، بل من زكاة أصحابها على الأرباح وعوائده من بيعهم المحروقات، وهذا عاد بدوره بأرباح لخزينة التنظيم. كما كانت مؤسسات التنظيم هي المخوّلة الوحيدة ببيع صهاريج المياه للأهالي. يُضاف إلى هذه العوائد الثابتة ضريبةُ النظافة التي تُدفع هي الأخرى بمقدار ألفي ليرة كلّ شهرين.

أمّا مكتب الزكاة، فكان يحصّلها وفق نسب «شرعيّة» حدّدها التنظيم، ففرض على التجار والصناعيين وأصحاب المداخيل نسبة 2.5% عن كل مبلغ يساوي ثمن 100 غرام من الذهب، وأعفى مَن لا يُحقّق مرابح سنوية تعادل هذه النسبة. وبلغت نسبة الزكاة على الأراضي المروية 1.5%، أما نسبة الزكاة على الثروة الحيوانية بمختلف أنواعها فحُددت بـ2.5%. ويُقدّر كتاب تنظيم الدّول المُكنّى داعش عوائد التنظيم من زكاة الأراضي المرويّة وحدها بـ750 ألف دولار شهريّاً، ولا يتساهل التنظيم مُطلقاً في تحصيل الزكاة. وليس لدى التنظيم أيّ نفقات جبائيّة من إعفاءات وخصوم بالمعنى المُحاسبي العام للكلمة.

– أمّا الذراع الثانية فهي ديوان الحسبة، الذي يختص بتحصيل الأموال عبر فرض المخالفات الناتجة عن مراقبة الحياة العامة في مناطق سيطرة التنظيم، وإنزال العقوبات المالية بحقّ مخالفي القوانين؛ كمخالفات التدخين في مراحل التنظيم الأولى، ومخالفات المرور والتأخّر عن إغلاق المحال التجارية في أوقات الصلاة. لا بدّ من الإشارة إلى أنّ داعش تراجع عن كثير من المخالفات المالية التي كان يقبل بها مقابل التدخين وتأخّر أصحاب المحال عن الصلاة وعدم الالتزام باللباس الشرعي من جانب النساء، مُستعيضاً عنها بعقوبات جسدية أو فرض دورات شرعية وإغلاق قسري للمحال التجارية، فيما بقي الشّكل الأبرز للغرامات التجارية هي الأموال التي يدفعها أصحاب البسطات وعربات البيع المتنقّلة في حال لم يلتزموا بالأسواق والأماكن المخصصة لهم.

للزكاة والضرائب والمخالفات والإتاوات وعمليات الابتزاز ومختلف أشكال الجباية وزن عائدي ثقيل في حصيلة أعمال التنظيم، بلغ قرابة 800 مليون دولار عام 2015، إذا ما أُضيفت إليه باقي أشكال النّهب التي مارسها التنظيم بحق الناس، وهي مُوضّحة لاحقاً في الرسوم الإحصائية المُشفوعة بالأرقام التقديريّة لعائدات التنظيم، وهذا ما دفعنا لوسم داعش ماليّاً على أنّه تنظيم جباية.

وهناك أموال تأتي عبر رسوم أخرى تفرضها مختلف المكاتب والدواوين الأخرى التابعة لداعش، كلٌّ في اختصاصه، فالمحاكم مثلاً كانت تتقاضى رسوماً عن دعاوى التقاضي لديها، وعن تثبيت عقود البيع والشراء والاستئجار والزواج، كما كانت أيضاً تفرض غرامات على المُحالين إليها كشكلٍ من أشكال العقوبة.

بيع الخبز

سيطر تنظيم الدولة الإسلامية على عددٍ من صوامع تخزين الحبوب في كلٍّ من سوريا والعراق، تحتوي على كمّيّات كبيرة من القمح، لعلّ أبرزها تلك الصوامع الموجودة في ريفي الرقة وحلب. ويشير تقرير لصحيفة العربي الجديد إلى أنّ ما كانت تحتويه صوامع «البوعاصي» و«عين عيسى» فقط كان يبلغ 600 ألف طن، فيما يُشير تقريرٌ إلى حصول التنظيم على كامل المواسم الزراعيّة في المحافظات التي سيطر عليها في العراق، والتي كانت مُخزّنة في الصوامع. هذه الكميات المُعتبرة من القمح سمحت للتنظيم بإنتاج الخبز دون كلفة كبيرة، ففي حين كانت تكلفة الربطة الواحدة 15 ليرة سوريّة، كان يبيعها التنظيم بـ150 ليرة. وتقول مجموعة شهادات لعاملين في قطّاع الخبز قُدّمت لمُعدّي كتاب تنظيم الدولة المُكنّى داعش إنّ بيع الخبز في عام 2014 كان يعود على تنظيم الدولة في سوريا بمبلغ 100 ألف دولار يوميّاً، ولا يبدو أنّ هذا الرقم قد انخفض في العام 2015، كما كانت تجارة الطحين ونقاط بيعه محصورة بيد التنظيم عن طريق مندوبين له.

السلاح المجّاني

غالباً ما يتطلب السلاح من الدول والتنظيمات والميليشيات بذل المال، غير أنّ الأمر مختلفٌ بالنسبة لداعش، فواحدةٌ من ثرواته الهامّة التي تحصّل عليها تتمثّل في كميات الأسلحة الكبيرة التي لم يدفع نظيرها مقابلاً مالياً. ولا ينفي هذا أنّ التنظيم كان يشتري السلاح، وتعدّ موضوعة تسلّحه والقنوات المُورّدة من الأمور الأمنيّة الحساسة التي يجب دراستها وتعقّبها بشكلٍ معمّق، غير أنّ التنظيم استطاع مراكمة السلاح المجّاني أكثر من أيّ جماعةٍ إرهابيّة عبر التاريخ، وهذه المراكمة للسلاح جاءت عبر ثلاث قنوات؛ الأولى هي النظام السوري، إذ يقول الرئيس السابق لفرع الأمن السياسي في اللاذقية نبيل الدندل وفي وثائقي ARTE إنّ النّظام السوري ترك لتنظيم الدولة كمّيّاتٍ كبيرة من السلاح قصداً في تدمر حين سيطر عليها التنظيم في أيّار/مايو 2015، موهماً الإعلام والنّاس أنّ داعش أخذ المنطقة عقب معارك ضارية.

القناة الثانية للتسلّح المجّاني كانت حصيلة صراعه مع أحرار الشام وجبهة النصرة في الرقة وغيرها، وسطوه على دباباتهم ومخازن أسلحتهم وذخائرهم، فضلاً عن الجهات التي انشقّت عن النصرة وبايعت التنظيم مع سلاحها. وفي السياق نفسه استولى التنظيم على مخازن أسلحة وعتاد كثيرة من الجيش الحر، وكثيرٌ من عمليّات الاستيلاء موثّقة في مقاطع نشرتها حسابات التنظيم ووكالة إعلامه، وبعض من هذه العمليات لم تشهد قتالاً كبيراً أو حقيقيّاً، أو لم تشهد قتالاً بشكلٍ مُطلق.

نُقلَ هذا السلاح إلى العراق واستُخدم في معارك السيطرة هناك، ليقع تحت يد التنظيم هناك كمّيّات مهولة من السلاح والمعدّات الحربيّة والذخائر والآليّات والكابلات الكهربائية التي خلّفها الجيش العراقي عقب انسحابه من ثلث الأراضي العراقية، وهذه هي القناة الثالثة.

جانبٌ آخر من الأموال التي تحصّل عليها التنظيم عن طريق السلاح، وإن كانت أقلّ حجماً، أتت من عمليّات مصادرة جميع أنواع الأسلحة الفرديّة التي كانت بحوزة الأهالي في مناطق سيطرته، باستثناء المُسدّسات.

عوائد سكّ العملة (السينيورياج)

لدىالسينيورياج (Seigneuriage)، أو عوائد سكّ العملة، هو ما تجنيه السلطة النقدية المُصدرة للعملة من عوائد ناتجة عن الفرق بين القيمة الإسمية للوحدة النقدية والكلفة الفعليّة لها، ككلفة الورق والطباعة أو المعادن، وغالباً ما تكون قيمة السينيورياج أقل، بشيءٍ لا يذكر، من القيمة الاسميّة للعملة. الإسلاميّين عموماً شغفٌ بالعودة للمعادن كأداة نقدٍ تداوليّ ومخزنٍ للقيمة؛ لعلّه ربّما الحنين لذلك التّراثٌ النّقديّ الإسلامي المُتمثّل بالدنانير الذهبيّة ودراهم الفضّة، وقد انقضى قرنٌ ونيّفٌ على زوالها. كما تدأب دراساتهم التشديدَ على ضرورة تغيير النظام النقدي العالمي المُعتمِد على تبادل العملات النقدية بشكلها الحاليّ، بوصفها عمليّات بيع ديون؛ لأنّها مُحرّك الرّبا الأوّل في العالم، وتُتيح لمُصدِريها التّحكّمَ برقاب الدول الفقيرة؛ عبر بيعها أوراق لا قيمة فعليّة لها، بينما تمنحهم هذه الشعوب بالمقابل خيراتها وثرواتها وسلعاً تحمل قيمتها في ذاتها. الدعوات الإسلاميّة قديمة وعديدة في هذا المضمار، لعلّ أبرزها دعوة حركة المرابطين في ماليزيا، واستجابة مهاتير محمّد وغيره لها. وبالفعل، يوجد اليوم دينار ذهبي إسلامي فيزيائي وآخر إلكتروني يتمّ تداولهما على نطاقٍ ضيّق في عددٍ من الدول ذات الأغلبيّة المُسلمة. ويذهب دعاة تغيير أدوات التبادل المالي من الإسلاميّين للاستشهاد بصحة نظريتهم صوب أعمال كلٍّ من روبرت موندل وموريس آليه الحائزَين على جائزة نوبل في الاقتصاد، اللذين دعَيا إلى ضرورة تغيير نظام النقد العالمي السائد اليوم.

دون الخوض بطبيعة النظام النقدي العالمي واتّفاقيّاته القديمة والجديدة وعدم عدالته وكيفية تغييره إن أمكن ذلك، يُغفل طارحو فكرة تبادل المعادن الثمينة من الإسلاميّين وسواهم، والعاملون بها كمخازن للقيمة كداعش، كون الأمر -لو افترضناه مفيداً على المدى القصير- يعاني من مشاكل عديدة، أبسطها نسبة المعروض من الذهب عالميّاً وكيفية إنتاجه وصعوبة حمله وتحاتّ المعادن بفعل تبادلها وانتقالها عبر الأيدي على المدى الطويل، وبالتالي فقدان قيمتها الموجودة فيها شيئاً فشيئاً، فضلاً عن مشاكل أُخرى لا متّسع هنا للخوض فيها.

في هذا الإطار، أعلن تنظيم الدولة عن إصدار عملته المعدنيّة الخاصة أواخر شهر آب/أغسطس عام 2015، عبر إصدارٍ مرئيٍّ صادرٍ عن مؤسسة الحياة التابعة له، حمل عنوان شروق الخلافة وعودة الدينار الذهبي، دون وعيٍ حقيقيٍّ مترشّحٍ عن دراساتٍ علميّة، ليكشف عن ثلاث وحداتٍ نقديّة؛ هي الدينار الذهبي والدرهم الفضي والفلس النحاسي، وبفئاتٍ مختلفة. وقد جرى إقرار هذه الخطوة على الرّغم من وجود خلافاتٍ داخل قيادات التنظيم حول صوابيّة هذا الأمر من عدمها، وقال بيانٌ موقّعٌ من ديوان بيت المال إنّ الهدف من هذا الإصدار النقدي هو «الابتعاد عن النظام المالي الطاغوتي الذي فُرض على المسلمين، وكان سبباً لاستعبادهم»، وكذلك «الانعتاق من النظام الاقتصادي العالمي الربوي الشيطاني».

ثمّ تلا ذلك اتّخاذ التنظيم مجموعةً من القرارات بغية فرض العملة الجديدة وإدخالها حيّز التّداول. وبرغم المخاوف التي أبداها الأهالي حيال القيمة الحقيقية للمعادن التي سُكّت منها العملة، إلا أنّهم شرعوا في تداولها، وأظهرت معاينة الدفعة الأولى منها تقيّدَ التنظيم بعيار وكمّيّة الذهب في الدينار، ثمّ ظهرت بعض الإشارات إلى تلاعب التنظيم بعيار الذهب في الدفعات اللاحقة. ومن واقع بدائيّة تقنيّات سكّ هذه العملة، فقد جرى تزويرها، وأُلقي القبض على مُزوّرين جرت معاقبتهم. هذه العوامل لم تمنع التّجار والمواطنين من تداول الدينار، وكان من اليسير بيعه واستبداله بهامش نقصٍ بسيط عن القيمة الإسمية له، لا يزيد عن دولارين إلى خمسة دولارات. وقد تعامل به صاغة الذهب أيضاً، حسب ما أفاد صائغ ذهب تحدّثنا إليه أثناء إعداد هذه الورقة، وأضاف أنّ تداول الدينار ما زال جارياً حتّى اليوم في مناطق خاضعة لقوّات سوريا الديمقراطية والنظام السوري في محافظة دير الزور، بل إنّ الروس يُقبلون على شرائه بأسعار تفوق أسعار السّوق. وكان تنظيم الدولة قد طرحه بدايةً بقيمة إسميّة عند 154 دولاراً ثم خفّضها إلى 132 دولاراً، أمّا القيمة الفعليّة للدينار في السوق فقد كانت تتأرجح عموماً بين 121 دولاراً و132 دولاراًيمكن ملاحظة تضارب الأرقام في سعر الدينار الذهبي في الدراسات والكتب والتقارير الإعلاميّة العديدة، لذا اعتمدنا هنا على شهادات تجّار عاشوا في مناطق سيطرة التنظيم بريف ديرالزور وتعاملوا بعملته.، ويبدو أنه من غير السهل حساب قيمة السينيورياج على الدينار الذهبي.

أمّا بالنسبة للدرهم الفضي، فقد كانت قيمته الإسمية 1000 ليرة سوريّة، أمّا قيمته الفعليّة فتتأرجح بين 850 و900 ليرة، بمعدّل سينيورياج 100 إلى 150 ليرة تدخل في خزينة التنظيم. الأمر مختلف بالنسبة للفلس النحاسي، فقد كان النّاس يتجنّبون اقتناءه؛ نظراً لرداءة الخليط المعدني المصنوع منه. وفي الفلس ترتفع قيمة السينيورياج التي يجنيها التنظيم، حيث بالكاد له قيمة فعليّة في ذاته كمعدن، بينما القيمة الإسمية له 50 ليرة سوريّة. ولم تقتصر استفادة التنظيم من إصدار العملة الجديدة بالعائد على خزينة تنظيم الدولة من السينيورياج، والذي لا يمكن تقديره بدقّة؛ كون التنظيم لم يُفصح عن حجم الكتلة النقدية التي سكّها، لكنّه سمح للتنظيم أيضاً بالحصول على كمّيّات كبيرة من الدولار الأمريكي والعملتين السورية والعراقية، والتخلص من مخزون ذهبي صعب التّحريك.

التّبرعات

رغم عدم اعتماد داعش بشكلٍ كبير على أموال المتبرعين وحملات جمع التبرعات التي انتشرت في دول الخليج العربي، وعلى رأسها الكويت، لصالح فصائل عسكرية تقاتل في سوريا، ضمن ما كان يُعرف بحملات تمويل الجهاد الشامي، غير أنّ بعض المقاتلين الأجانب المُلتحقين بالتنظيم قدّموا «أعطياتٍ» له، وصلت في بعض الأحيان إلى منح المقاتل كامل ثروته. وإلى جانب ذلك هناك أموال كانت يتبرع بها متعاطفون مع التنظيم من مختلف أنحاء العالم، ففي فرنسا وحدها تمّ التّعرّف على 416 متبرعٍ قدّموا الأموال لداعش بين عامي 2016 و2017، بحسب ما كشفه وزير الاقتصاد الفرنسي السابق ميشيل سابان. وفي الخليج العربي رصد تقرير صادر عن الخارجية الأمريكيّة عدداً كبيراً من الشخصيات الثريّة التي قدّمت أموالاً لدعم الإرهاب في كلٍّ من العراق وسوريا دون أن يُسمّيها. وتختلف طرق تحويل الأموال إلى التنظيم، سواءً على شكل سيولة أو تحويلات بنكيّة لشركات وهميّة أو أطراف ثالثة، وكذلك عبر بطاقات الدفع المسبق Prépayée التي لا تتطلب من مشتريها تقديم أوراق تثبت هويّاتهم، وغالباً ما يستخدمها الأشخاص خلال سفرهم لتجنّب حمل أموال نقدية أو بطاقات ائتمانية تابعة لحساباتهم المصرفية، ما دفع الحكومات الأوروبية إلى التشدّد في إجراءات بيع هذه البطاقات، فضلاً عن طرق متعدّدة أُخرى.

الإتاوات على المستثمرين والاستثمار في شركات استثماريّة

فرض التنظيم إتاواتٍ لقاء السماح لبعض الشركات التجارية والصناعية بممارسة أعمالها أو مرور منتجاتها عبر مناطق سيطرته، ومن أبرز الأمثلة على ذلك فضيحة عملاق الإسمنت العالمي لافارج، التي تبيّن تورّطها بدفع مبالغ مالية للتنظيم عن طريق وسطاء، ولا يُعرف الرّقم الدّقيق الذي وصل لخزينة داعش من الشركة التي بلغ إجمالي الرشاوى التي قدّمتها لتنظيمات مُسلّحة في سوريا 13 مليون دولار.

داعش لا يبتزُّ الشركات التجارية فحسب، بل يستثمر فيها، إذ يشير الوثائقيّ الفرنسيّ مال الرعب إلى أنّ التنظيم يستثمر أموالاً تتراوح بين 250 إلى 500 مليون دولار في مؤسّسات عراقيّة قد لا يُعرف أصلاً أنها تعمل لصالحه.

تهريب وبيع الآثار

نشر تنظيم الدولة صوراً ومقاطع مصوّرة لعمليّات تحطيم وتفخيخ معالم أثريّة بالغة القيمة التاريخيّة والحضاريّة في كلٍّ من سوريا والعراق، تنفيذاً «للأمر الإلهي وأمر الرسول بطمس هذه المعالم وإزالتها»، غير أنّ التنظيم من خلف هذه الصور الإجرامية كان يُهرّب الآثار ويبيعها؛ إذ يجري نقلها إلى تركيا والأردن ومنها إلى دول أوروبيّة عديدة، عبر تجّارٍ معظمهم من ألمانيا وفرنسا واليونان، وبعضهم من الأردن ودول الخليج، بحسب ما نقلته العربي الجديد عن أحد الوسطاء العاملين بتهريب الآثار السوريّة في تركيا.

وتقول تقديراتٌ أمريكيّة إنّ التنظيم تحصّل بشكلٍ إجمالي على أكثر من 100 مليون دولار بفضل هذه التّجارة، وبلغت عوائد العام 2015 وحده أكثر من 30 مليون دولار، ثمّ تقلّصت نسبة العوائد بعد الإجراءات الصارمة التي لاحقت مهرّبي هذه الآثار، لتصبح فيما بعد تشكّل جانباً صغيراً من إجماليّ دخل التنظيم. وإلى جانب بيع الآثار وتهريبها استفاد التنظيم من عقود تأجير مواقع تراثيّة للتنقيب عن الآثار لعصابات سرقة، مقابل حصوله على نسبةٍ تتراوح بين 20 إلى 50 بالمئة من العائدات.

الفديات

من موارد التنظيم الفديات المالية، التي يحصل عليها مقابل تحرير الرهائن الأجانب الذين يقوم بخطفهم، إذ يُشير مؤشر الإرهاب السنوي الصادر عن معهد الاقتصاد والسلام إلى أنّها بلغت أكثر من 45 مليون دولار في عام 2014. وبالرغم من أنّ بعض الدول ترفض دفع فدية مقابل تحرير أحد مواطنيها الرهائن لدى التنظيم، كما حدث بخصوص الرهينة النرويجية، فإّن الغالبية منها ترضخ للتنظيم في النهاية وتدفع المال. وفي هذا السياق تنقل صحيفة لو فيغارو الفرنسية عن مدير المركز الفرنسي للبحث في قضايا الاستخبارات إيريك دينيسيه قوله إنّ فرنسا دفعت أموالاً لتحرير مواطنيها الرهائن في 95 بالمئة من الحالات.

سبي النساء ومأساة الإيزيديات

سجّلت منظّماتٌ حقوقيّة اختطاف داعش لـ4600 امرأة وطفلة إيزيديّة عام 2014، قام بعرضهنّ للبيع كـ«سبايا» في أسواقٍ منظّمة في مناطق عديدة، ولعلّ أبرز «الأسواق» ذلك الذي شهدته الموصل العراقيّة، وأصدر التنظيم قراراً حدّد به أسعار السبايا وفق أعمارهنّ كالآتي:

30 إلى 40 سنة: 75 ألف دينار عراقي (60 دولاراً أميركياً)

20 إلى 30 سنة 100 ألف دينار عراقي (85 دولاراً أميركياً)

10 إلى 20 سنة 150 ألف دينار عراقي (125 دولاراً أميركياً)

الطفلة دون 10 سنوات 200 ألف دينار عراقي (170 دولاراً أميركياً)

هذه الأسعار هي التي «وزّع» بها التنظيم المخطوفات على عناصره، إلا أنّه عاد و«باع» 1700 امرأة يزيديّة إلى ذويّهنّ عبر سماسرة بمبالغ مرتفعة، بلغت ألوف الدّولارات.

التعفيش «الشرعي»

كان داعش يطرح ما يقع تحت يده من أملاك الفارين عن مناطق سيطرته، أو من يعتبرهم مرتدين أو كفار، وكذلك بعض أثاث المؤسسات العامة الزائدة عن حاجته، للبيع بوصفها «غنائم». ويتمايز سوق التعفيش لدى داعش عن نظيره لدى النظام السوري في أنّ عوائده تُعدُّ «غنيمةً عامّةً» تؤوب بشكلٍ منظّم لخزينة التنظيم، أمّا «الغنيمة الفرديّة» فيتصرّف بها المقاتل على هواه. وتُعرض المنهوبات في أسواقٍ يديرها مدنيّون متعاقدون مع التّنظيم، وهي بالغة التشابه مع أسواق التعفيش التي يديرها الشبيحة من حيث طبيعة المعروضات، وقد لوحظَ ترفّع، إلى حد كبير، عن شرائها من جانب المحكومين من قبل التنظيممقابلة أجراها الكاتب مع أحد تجّار الريف الشرقي بديرالزور عاش تحت حكم تنظيم الدولة بين عامي 2014 و2017.. أمّا العوائد فلا يمكن تقديرها بدقّة، وهي مُدرجةٌ في الرسم الإحصائي تحت بند الجباية.

المشافي

بالإضافة إلى الضرائب التي كان يفرضها تنظيم الدولة على مُلّاك المشافي الخاصّة، تصل حدّ مشاركتهم الربح في بعض الأحيان، فقد قام بإدارة المشافي العموميّة في مختلف مناطق سيطرته، وافتتح مشافٍ ميدانيّة، كما أصدر قراراتٍ بتأميم عددٍ من المشافي الخاصة، إمّا لأنّ ملّاكها غادروا «أرض الخلافة« أو لصدور «أحكامٍ شرعيّة» اعتبرتهم كُفّاراً. ورغم ضعف الخدمات الطبيّة التي كان يُقدّمها التنظيم في مشافيه وقلّة كفاءة الكوادر الطبيّة، فقد أبقى داعش على المشافي صفة العمومية ونزع عنها المجانيّة، بل كانت الخدمات التي تقدمها مشافيه أكثر تكلفةً من المشافي الأهليّة الخاصّة، وتشكّل دخلاً مُعتبراً لخزينته. فعلى سبيل المثال كانت تبلغ تكلفة إجراء عملية توليد في مشافي داعش بمدينة الميادين شرق سوريا 50 ألف ليرة سوريّة، مقابل 36 ألف ليرة في المشافي الأهليّة الخاصة، ويجب على المرأة الانتظار إلى ثلاثة أيام في بعض الأحيان، فالأولويّة «للمجاهدات والأخوات». مقابلة أجراها الكاتب مع أحد المدنيّين الذين عاشوا في ظلّ التنظيم بين عامي 2013 و2018.

الإنترنت

انتهج تنظيم الدولة منذ البداية سياسةً صارمةً تقيّد الوصول إلى شبكة الانترنت، ما كان واضحاً منها أنّ هدفها رقابيٌّ في المقام الأول، غير أنّ ذلك لم يمنع التنظيم من استثمارها ماليّاً، لتكون دخلاً ثابتاً لخزينته، فقام بحصر فتح مقاهي الإنترنت الفضائي بمتعاقدين معه، وبموجب عقود بأجل 3 أشهر، لا تُجدّد في حالاتٍ كثيرة. كما حصر إعادة تعبئة الاشتراكات لأصحاب المقاهي بمكاتب تتبع له، ووفق أسعارٍ يُحددها هو، تزيد عن السعر الطبيعي المطروح من قبل الشركات الأصلية المزوّدة للخدمة من خارج سوريا.

داعش يبيع العباءة الإسلامية

فرض تنظيم الدولة لباساً «شرعيّاً» على جميع النساء في مناطق سيطرته، يتمثّل بعباءةٍ إسلاميّةٍ ذات مواصفاتٍ خاصة، ولمّا كثرت المشاكسات بين النساء ومحتسبات التنظيم حول شرعيّة عباءاتهنّ من عدمها صدر قرارٌ يحظر بيع العباءات الإسلامية على التجار، وحصرها بنقاط مبيعٍ تتبع للتنظيم،مقابلة أجراها الكاتب مع امرأة من ريف ديرالزور عاشت في ظلّ التنظيم. كانت تقاضى 6000 ليرة سورية ثمناً للعباءة الواحدة.

مساهمة أنواع الموارد المالية المختلفة لداعش في ميزانيته السنوية لعام 2015. المصدر: صحيفة لوفيغارو نقلاً عن مركز تحليل الإرهاب
مساهمة أنواع الموارد المالية المختلفة لداعش في ميزانيته السنوية لعام 2015. المصدر: صحيفة لوفيغارو نقلاً عن مركز تحليل الإرهاب

العوائد السنوية لتنظيم الدولة مقدرة بملايين الدولارات. المصدر: صحيفة لوفيغارو نقلاً عن مركز تحليل الإرهاب
العوائد السنوية لتنظيم الدولة مقدرة بملايين الدولارات. المصدر: صحيفة لوفيغارو نقلاً عن مركز تحليل الإرهاب

من الثابت أنّ تنظيم الدولة الذي تمّ إعلان النصر عليه عسكرياً كان جماعةً فاحشة الثراء، ومن الثابت أيضاً أنّ أيّ كميّات من الذهب أو ثروات وأموال أُخرى تُستعاد من التنظيم، هي محليّة المصدر، وهي ناجمة عن نهبٍ مُنظّم لأموال الشعبين العراقي والسوري؛ الخاصة والعامة، وبالتالي هي من حق هذين الشعبين، اللذين دفعا بفعل تنظيم الدّولة وغيره من ولاة القتل ضريبة عالية لم تقتصر على قتل الأرواح والآمال وتعميم فضاء واسع من العذابات، بل امتدّت لتشمل مُقدّراتهم ومُقدّرات الأجيال اللاحقة من أولادهم وأحفادهم.