سيكون من الصعب عليك اتخاذ القرار، وقد قدمت حديثاً إلى اسطنبول للإقامة الدائمة أو المؤقتة، عندما يشير أحد قدماء السوريين في المدينة بيده إلى غرب ميدان تقسيم، ويقول لك لا تختر هذه المنطقة للسكن، إنها «وسخة». ستفهم من تعابير وجهه، أو من كلمات بسيطة لا تنم عن معرفته المفصلة بالمكان، بأنه يقصد بالوساخة التوصيفات العامة التي عادةً ما تشير إليها هذه الكلمة عندما تطلق على الأمكنة؛ «الدعارة والمخدرات والسرقة، والأزقة المليئة بالزبالة، وشبكات الصرف الصحي التي تفرغ حمولاتها بين البيوت»، وستتخيل مكاناً مشابهاً لها في مدينتك، وغالباً لن تجد ما يجمع كل هذه الصفات سويةً، أو ربما تجد، سيخيفك ذاك الصديق أكثر عندما يستشهد على «وساخة المكان» بأن العشرات من أصدقائه قد تعرضوا للسرقة فيها، رغم إيمانك بأن هؤلاء العشرات هم إما شخص واحد أو لا أحد.

ستسمع من صديقك ذاته، أو من صديق آخر، أن إيجار غرفة أو بيت صغير في تارلاباشي (المكان الذي وصفه بالوسخ) لا يبلغ نصف تكلفة إيجار مثيل ذلك في منطقة أخرى «غير وسخة». تناسبك تماماً شروط المكان المادية، بل ويوحي بجمال مُستمدّ من قربه من أحد أكثر الشوارع ازدحاماً بالسياح والبارات والمطاعم والصخب والحيوية، شارع استقلال. لكن الخوف من التوصيفات التي تُطلق على الحي، والتي تحوَّلَ بعضها إلى نمطيات غير مرتبطة بحوادث موثقة مسجلة خلال السنوات الأخيرة، يدفعك للتردد. مئات السوريين خلال الأعوام السابقة لم يكن لديهم خيار آخر سوى السكن في تارلاباشي، وبعضهم قرر السكن في الحي عن سابق إصرار وحب. فكانت خصوصية المكان مكوناً لخصوصية الذاكرة التي يمكن أن يبنيها وافد إلى اسطنبول سكن في تارلاباشي، خصوصية قد لا يمتلكها حي آخر في اسطنبول.

جغرافيا صممها الوافدون

ليس من السهولة بمكان فهم محددات الجغرافيا الداخلية للحي، حيث لفوضى المكان ناظم ما، يستطيع أن يستغل فوضاه في جعل المكان أكثر مناسبة للحياة، وللاستثمار أيضاً. القصد هنا هو أن هناك في غالبية شوارع تارلاباشي تفاصيل معمارية عصية على الفهم، فهذا الشباك الذي فوقك لا يتم الوصول إليه من الباب الواقع تحته تماماً، بل ربما ستصل إليه من باب جانبي، أو خلفي، أو ربما الباب الذي يوصلك إلى أي مكان هو مخالف تماماً لما تتوقعه. هناك غرف تصل إليها من أبواب بعيدة عنها، لذا سيدّلك القاطن هنا على لون الباب وشكله، إذ لا تنفع خرائط غوغل أو غيرها من برامج الدلالة الجغرافية.

كما الغرف متناثرة الأبواب، هناك شوارع مفاجئة بصلاتها ببعضها، أزقة يبدو وجودها منطقياً، كأي حي شعبي يتوسط مدينة، تكون الأزقة بين أبنيته ضيقة وغير منظمة، ولا يستطيع فهم اتجاهاتها ومداخلها ومخارجها سوى سكانها، إلا أن ما يزيد عن ذلك في تارلاباشي، هو شوارع مغلقة لهدفٍ ما لا تدريه، شوارع بعضها عريض يتوسط الحي وتفضي إلى جدار ما، أو حاجز يقطعها، لا يمكن تفسير ذلك منطقياً إلا بروايات السكان المحليين، الذي يعرفون القصص التاريخية التي أدت لسد هذا الشارع، وإنهاء تلك الطريق، وإغلاق باب هذا الحي تماماً. يهمس صديق تركي واكبَ التغيرات الأخيرة التي حلت في الحي، وعايش سكانه سنوات عدة «الوافدون هم من صمموا جغرافيا المكان، إنه مكان للوافدين فقط، سواء من الأتراك أو اللاجئين من دول أخرى. في كل مرحلة كانت هناك موجة وافدين في تارلاباشي تغير شيئاً من تفاصيل المكان، لمقتضيات تتعلق بخدمتها، كاستغلال المكان بمساحات أكبر مثلاً، أو حتى جعل الوصول إلى بناء ما أو شارع ما أمراً صعباً أمام السلطات، هذا هدف واضح ومعروف بالنسبة للكثيرين في تارلاباشي».

«ستصمم كل شيء تستطيع تصميمه، هل تذكر أننا صممنا طاولة سويةً من الخردة المتراكمة أمام بيتنا في تارلاباشي، بالتأكيد سيصمم الوافدون بالإضافة إلى حاجياتهم المنزلية التي لا يقوون على شراء الجديد منها بأسعار غالية، شوارعهم وأبنيتهم، سيهدمون ذاك البناء المتهالك وحدهم، ويستغلون آخر فارغاً للسكن، خاصة وأن الدولة لا حضور لها هنا. يمكنك فعل ما تشاء من هذه الناحية، وكما الغجر، والأكراد الوافدون من الجنوب، السوريون الموجودون اليوم في الحي باتت لهم بصمتهم أيضاً. ربما بعد سنوات إن بقي الحي على ما هو، سيصيرون جزءاً من التركيبة التاريخية للحي، كون تركيبته أصلاً قائمة على وفود جماعات إليه وإسهامها في تشكيل بنيته العامة. كل ذلك يصب فيه أن الدولة لا تتدخل كثيراً في عمق الحي، حيث يمكنك أن تفعل ما تشاء، دعنا نقول كان يمكنك فعل ما تشاء هنا»، يقول رشيد رزق، وهو شاب سوري سكن في تارلاباشي مدة أربعة أعوام.

تارلاباشي في التاريخ

خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر كانت تارلاباشي منطقة مغطاة بالحدائق والكروم، وتتبع لتوسع منطقة «بيرا»، وهي شبه جزيرة تقع ضمن قضاء بيوغلو تسكنها أقليات غير مسلمة، وتعتبر بوابة السلطنة العثمانية على الغرب، كونها تحتوي سفارات دول أوروبية فيها، فكانت بيرا الوجه الحداثي لاسطنبول العثمانية حينها، وازدادت أهمية المنطقة مع بناء أول جسر فيها فوق الخليج، وحفر واحد من أوائل أنفاق الميترو في العالم عام 1873Melis GÖKEr. TARLABAŞI BÖLGESİNİN KAMUSAL MEKAN AÇISINDAN DEĞERLENDİRİLMESİ: TARLABAŞI YENİLEME PROJESİ ÖNCESİ VE SONRASı. MİMAR SİNAN GÜZEL SANATLAR ÜNİVERSİTESİ FEN BİLİMLERİ ENSTİTÜSÜ- sayfa 28.

مُنح الأجانب المقيمون في بيرا تراخيص بناء في تارلاباشي في النصف الأول من القرن التاسع عشر، فبدأت القصور تظهر في المنطقة، وكان لها شكل مشابه لمثيلاتها في مجموعة من الدول الأوروبية كإيطاليا والنمسا وفرنسا وغيرها، وقد دُمّر جزء منها مع حرائق 1870.

مع بداية القرن العشرين، بدأ السكان يتنوعون في المنطقة، فإضافة إلى مسيحييها وأرمنها ويهودها، جاء مهاجرون من البلقان إليها بعد الحرب العالمية الأولى، لتستكمل خريطة التنوع البشري والديني في بيرا وبيوغلو بشكل عام، وفي بيرا وتارلاباشي بشكل خاص.

مع توقيع معاهدة لوزان 1923 بدأت الصورة القديمة لتارلاباشي بالتلاشي، حيث فقدت الشركات الغربية نشاطاتها الاستثمارية هناك، وانتقلت السفارات إلى أنقرة، وأصبحت المنطقة تضم خليطاً من السكان الأتراك المسلمين، والأرمن، واليونانيين، واليهود، واللاتين، والبلغار، والآشوريين. وعاماً بعد عام بدأت التغييرات تتجذر، مع هجرة بعض السكان لمناطقهم، وعودتهم إلى دولهم، والضغوط التي تعرضت لها الأقليات في تركيا في النصف الأول من القرن العشرين، ووفود وافدين جدد إلى تارلاباشي.

بدأ السكان (الأقليات) بترك المنطقة مع مطلع عام 1942، مع فرض ما سمي حينها «ضريبة الأصولSeda Hayal. Yüksek lesans tezi.Tarlabaşı kentsel dönüşümü örneği- İSTANBUL TEKNiK ÜNiVERSiTESi – FEN BiLiMLERi ENSTiTÜSü- sayfa46 على سكان تارلاباشي من غير المسلمين، وفي 1948 غادر غالبية يهودها إلى إسرائيل، وفي 1955 بدا بيع وتخلي سكان المنطقة من القبارصة اليونانيين عن أملاكهم شائعاً، خاصة بعد أحداث استهدفتهم سُمّيت «أحداث السادس والسابع من سبتمبر»، وبدأت تعطى تلك الأملاك للوافدين الجدد إلى المنطقة، وكان أغلبهم أيضاً من المهاجرين من مناطق أخرى – هجرة قسرية بأغلبها – وغالبيتهم من الكرد. وفي 1964 تم إجراء ترحيل قسري لليونانيين المتبقين في تارلاباشي لتكون تلك هي السياسات الأقسى والأكثر عمقاً في التغيير الديموغرافي القسري الذي شهدته المنطقة.

في النصف الثاني من ثمانينيات القرن الماضي، بدأت موجة جديدة من التغييرات الديموغرافية في تارلاباشي مع مصادرة وتدمير جزء كبير من مباني الحي، وصل إلى 370 مبنى. وفي التسعينيات بدأت المشاريع الجديدة تظهر في المنطقة، وخاصة في أطرافها، والتي ما زالت مستمرة حتى اليوم.

حصار العمران الحديث

تحجب واجهات قماشية عملاقة حي تارلاباشي عن أعين الناظرين إليه من جهة ميدان تقسيم وشارع الاستقلال، واجهات تحمل صوراً وتصميمات لمستقبل الحي، المستقبل الذي تشرع الجرافات وورشات الهدم والترحيل والبناء بصناعته. وقد أُنجز جزء كبير منها وأزيلت واجهته القماشية لاتضاح صورته المطابقة لما كان على الواجهة، ليظهر نموذج عمراني لا ينتمي لهوية المكان بعد ما تمت إزالة ما تحته.

تعمل الرافعات والجرافات ومختلف الآليات العمرانية الضخمة في عدة أجزاء من الحي، بحيث تبدو الشوارع الداخلية ضمنه حالياً محاصرة بالمشاريع الضخمة، أسواق ومولات ومبانٍ سكنية ومشاريع سياحية، تستغل قرب الحي من المركز السياحي الأهم في اسطنبول، فيما بعض هذه المشاريع باتت في مراحلها الأخيرة، وخلفها لم تزل أبنية الحي القديمة، وشكل الحياة المعتاد فيها مستمراً، ليبلغ التناقض حده الأعظمي، بين منطقة تاريخية شهدت هجرات متتالية، تضم حالياً مجموعة كبيرة مختلطة من الوافدين عبر مراحل تاريخية متعددة، يعيشون ظروفاً اقتصادية صعبة، وينكفئون في الحي بعيداً عن خارجه بشكل شبه كلي، وبين مشاريع دخيلة، منظمة ومنتظمة، تحاكي طبقات غنية -على أقل تقدير- من سياح، أو مستثمرين طامحين للتملّك.

يشعر سكان الحي، وبينهم سوريون، بطمأنينة ما في انعزالهم في هذا الحي عن محيطه، خاصة وأن دوريات الشرطة لا تدخل في عمق الحي إلا نادراً، وهو ما يتيح أمناً من نوع خاص، يجده السوري الذي لا يملك أوراقاً رسمية مناسباً لتقليل التماس مع الشرطة أو أي كيان يمثل الدولة التي لا يعيش بشكل رسمي في كنفها.

كما يحقق هذا الشرط راحة لتجار الممنوعات من حشيش وأصناف المخدرات وغيرها، ما جعل الحي يحقق شهرة كبيرة في هذا المجال، بل أصبح مجرد قولك أنك ستتجه نحو تارلاباشي مثيراً الشكوك حولك بأنك ذاهب لشراء «الكيف» من الحي الشهير به، والذي يشهداً تنافساً في الأسعار والأنواع. هذا كله بالطبع مهدد بزحف العمران الجديد نحو داخل الحي، خاصة وأن المشاريع بدأت بالتوغل مؤخراً أكثر، وبدأت تغير من طبيعة المنطقة.

ستة أحياء رئيسية يتكون منها تارلاباشي: بستان، وبلبل، وأحمد مختار، كامر هاتون، كليونجو كولغو، يكن، للحكومة التركية اليوم استملاكُ ما شاءت منها، بغطاء قانوني يتيح تملك أي بناء قديم غير مجهز لمقاومة الزلازل، فيما تقوم الحكومة بتعويض الملاّك بما يسمّى «أبنية توكي» وهي أبنية تابعة لشركة عامة، فيها منازل تُعطى للمدنيين الذين يتم استملاك منازلهم، ومعروف عن توكي بعدها عن مراكز المدن، هو ما حصل في منطقتي سولوكوليه وبالات سابقاً، حيث استملكت الحكومة المنطقتين وأرسلت السكان إلى منازل تبعد عن منازلهم القديمة ساعة ونصف، باستخدام عدة وسائل مواصلات.

تارلاباشي المؤقتة

مكان مؤقت تماماً، مؤقت حتى لسكانه، كل شيء مفتوح على التغيير هنا، حيث لم تمر مرحلة تاريخية على تركيا بأكملها، إلا وغيرت شيئاً من تفاصيل تارلاباشي، هذا بالضبط ما يتناسب مع من جاء ليعتمد اسطنبول مكاناً مؤقتاً قبل أن يمضي إلى القارة العجوز: «لم يصادف أن سكن أحد من أصدقائي فيه إلا وغادر باتجاه أوروبا» يقول رزق، معتبراً أنه ربما من كان يرى في اسطنبول خياراً، غير مؤقت، أو يمتد على مساحة زمنية تكافئ مصطلح الاستقرار، لن يمر من تارلاباشي إلا زائراً لهدف ما.

في مؤقت تارلاباشي، هناك قيود غير موجودة، حيث لن يطلب المالك منك كفيلاً، وربما لن توقع معه عقد إيجار، وفي غالب الأحيان ستجد من يؤجرك دون أن يطلب منك حتى أوراق ثبوت شخصية، فإن كنت خرجت من سوريا دون أوراق، سيقول لك لا مشكلة على أن تلتزم بدفع الإيجار، سيجد طرقاً كثيرة لإلزامك، ولطردك إن شاء. لن يقف في صفك أحد، وربما في صفه أيضاً، لكن قدمه في المكان، ومعرفته بطريقة العلاقات هناك، ستجبرك على الإصغاء. إن لن تفيه حقه، سيعرف كيف يأخذه خلال دقائق، وحتى لو أغلقت نوافذ بيتك كلها لن تهرب، ليس هناك نافذة يمكن إغلاقها تماماً في تارلاباشي.

يقول رزق: «خلال سكني لمدة ثلاثة أعوام في تارلاباشي، لم يحدث أن التقيت بسوري لم يتعرض للسرقة فيها، بأساليب متعددة، وغالبية ما كان يُسرق هو الالكترونيات والكومبيوترات والهواتف والكاميرات، والتي استطاع بعض أصحابها استعادتها من خلال شرائها من السوق الذي ينشط في تارلاباشي فجراً، والذي يبيع فيه السارقون حصيلة غزواتهم الليلية… أشبه بسوق الحرامية في دمشق».

في عام 2014 كانت تارلاباشي موئل شبان سوريين كثيرين، انتقوا غرفاً مفردةً أو ملاحق أو شققاً صغيرة بإيجارات منخفضة مقارنةً بباقي المدينة. كانت أجرة الغرفة لا تتعدى 300  ليرة تركية، أي حوالي 100 إلى 140 دولاراً في تلك الفترة، وعلى الرغم من المشكلات التي واجهتهم في الحي، استمروا في السكن فيه، لم يكن هنالك خيارات أخرى حينها، ونَعِم كثيرون منهم، وخاصة مدخنو الحشيشة، بنعمة توفّرها بأسعار منخفضة، وبخدمة تصل إلى نافذة الغرفة، حيث يتنقل الديلر طوال النهار بين المنازل وينتظر أن يصيح أحدهم من شبك غرفتهم «بير تاني» أي «قطعة واحدة» ليناوله إياها من النافذة بسعر منخفض. فيما كانت مزاراً يومياً للعشرات من الشبان السوريين الذين يدخنون الحشيشة حينها، حيث كانت وما تزال توفر أنواعاً كثيرةً منها ومن العقارات المخدرة.

في 2015 قلَّ إقبال الشبان السوريين على تارلاباشي، خاصة بعد قيام الشرطة بعدة عمليات اقتحام للمنطقة، على خلفية تظاهرات قام بها سكان كرد فيها حين سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على مدينة كوباني (عين العرب) السورية ذات الغالبية الكردية. يقول رامي محمد (33 سنة – لاجئ سوري في تركيا أقام في تارلاباشي مدة عامين): «رمت الشرطة التركية قنابل مسيلة للدموع حينها، اضطررت للنوم خارج بيتي يومين متتالين على خلفية تلك الأحداث. الارتباك الذي عاشه الشبان السوريون المقيمون في تارلاباشي على خلفية تلك الأحداث، جعلهم ينتقون مناطق أخرى، فيما سارع بعضهم في رحلة البلم إلى البر الأوروبي، وكان 2014 و 2015 عاميين ذهبيين للتهريب عبر البحر نحو أوروبا».

أحبّ تارلاباشي

«أحب تارلاباشي كثيراً، من الصعب استيعاب جملة كهذه، هي منطقة لا أحد يحبها، ولا سكانها يدركون تماماً قيمة مشاعر يمكن تكوينها في مكان لم يستطيعوا يوماً التفكير في غيره. لكن في وجوه سكانها من المحبة ما لا يظهر كثيراً في سلوكياتهم اليومية على اختلاف مشاربهم، من كرد وعرب وغجر وأفارقة يبيعون الساعات في شارع الاستقلال ليلاً ويعودون إلى غرفهم المتفرقة هنا. وفي وجوههم أيضاً كرهٌ للمحيط المسلّح بملايين لا يملكونها، وبقوانين صارمة قادرة على امتلاك المكان» يقول محمد مختتماً حديثه، قبل أن يستقل آخر القطارات ليصل إلى منطقة سكنه الجديدة في شيشلي، التي من محاسنها وفق قوله، أنها قريبة من تارلاباشي نسبياً.