يجول مربي النحل الألماني بمساعدة مرافق مصري في كل أرجاء مصر بحثاً عن النحل البلدي المصري الأصيل، راغباً في أن يتذوق عسله الأسود البلدي. يبدو أن النحل المصري من أقوى أنواع النحل في العالم وأكثرها قدرة على مواجهة الأمراض والتغير المناخي. يبحلق الفلاحون المصريون بالزائر، يتغامزون حول فوائد العسل في التقوية الجنسية، ويتقربون من الألماني بصحون العسل. يتذوق هو ويقول لهم بحسم «ليس عسلاً بلدياً»، ويحتارون هم مُخيَّبين. أثناء تجواله في مصر، يُعجَب المربي الهاوي بطرائق تربية النحل ضمن مناحل مستمرة منذ عصور الفراعنة، كما تشهد جدران المعابد في الأقصر: أنابيب مجوفة من الخيزران، مرصوصة ضمن كتل طينية متوسطة العلو، هي بيوت النحل. لم أعد أذكر إن وَجَدَ السائح النحّال مراده من العسل الأسود البلدي… خلّصت البرنامج أصلاً؟
إيميل. الثلاثاء 17 آذار، الساعة 9:30 صباحاً: المدرسة حريصة على متابعة العمل التربوي وعدم الانقطاع عن طلابها خلال فترة الحجر الصحي. نضع بين أيدي المدرسين كل الأدوات الرقمية المتاحة. وسنعلمكم تدريجياً بإمكانيات كل منصة.
– «تباً لكم» (حسب الترجمة الطهرانية العربية للأفلام الأميركية) إنتوا والحرص والمتابعة.
إعلان تجاري1 على فيسبوك: فرش إسفنجية رقيقة تشبه سجادة الرياضة، مثبت عليها أقراص مسمارية صغيرة تحفّز دوران الدم في كل مناطق الظهر، من المنطقة القطنية حتى أعلى الرقاب المهترئة جراء نوافذ ويندوز المفتوحة.
– عظيمة خوارزميات غوغل، تعرف عن ظهورنا أكثر مما يعرف الأصدقاء المقربون. والسجادة ذات المسامير المحفزة عظيمة. تستثير صور النسّاك الهنود اليوغيين الممددين على المسامير، ولعلها تستثير خيالات مازوشية أخرى. ربما بِشراء هذه السجادة نضرب عصفورين بحجر واحد، نلغي درس اليوغا المتهافت علينا من كل صوب وناماستا. لكن شراء أغراض عبر أمازون عيب، خاصة في هذه الأوقات. أمازون ستقتل، أو قتلت، المتاجر الصغيرة والمكتبات، وقد نعرّض عمّال التسليم للخطر ونطبّع مع طريقة عمالة أمازون. طبقة وسطى مستهلكة بالفعل! حسناً سأطلبها.
جذّاب حاكم نيويورك، أندرو كومو، وشاطر بالظهور الإعلامي أثناء الملمّات. أصبح يوتيوب يقترحه باستمرار. رجولة وصلابة وعدم تردد وباور بوينت توضيحي لخطط الولاية في مواجهة الوباء مع كل مؤتمر صحفي يقيمه، ويواجه ترامب باستقلالية. أمه اسمها ماتيلدا، أخوه كريس إعلامي شرس، لا نعرف إن كانت الأم ماتيلدا تفضّل أندرو أم كومو. تشاجرا على الهواء في وصلة تسلية لنا حول إن كانت الأم تفضل كريس أم أندرو. أصيب كريس مؤخراً بالفيروس وحجر على نفسه بعيداً عن عائلته في «بيسمنت» بيته، ولَامه أندرو على استقبال أمهما في البيت مع بداية الأزمة. اعتذر كريس بكل خشوع عند ذكر ماتيلدا. مممممم، سأتابع السيرة الذاتية لكومو على وكيبيديا. مَن زوجته يا ترى؟ مطلّق أم متزوج؟ كم ولد عنده؟ متى وُلد؟ حين أنتهي من إغلاق بعض نوافذ ويندوز…
مُلدِّن موسيقي رقم1: متتالية Les Indes Galantes للموسيقي الفرنسي جان فيليب رامو، تؤديها فرقة «الفنون المزدهرة» (Les Arts Florissants). أفقه بالموسيقى مثل فقهي بالكيمياء العضوية تماماً، بس…. هذه الموسيقى تلفّ وتغطّي وتحمي من الموت المحتم. أليست الموسيقى على العموم ترياقاً سريعاً ضد الموت؟ ربما هي عازفة الطبل أو الإيقاع في المقطوعة الأوبرالية؟ الإيقاع كناظم للسيالات العصبية؟ لم أعد أعرف أين قرأت من زمن بعيد، ربما في كتاب لراي جاكندوف، وهو عالم لسانيات ومنظّر موسيقي كذلك، أن الإيقاع هو الجزء الأوليّ الأبسط والمشترك عند البشر موسيقياً، والهارموني مكون ثقافي أكثر تطوراً وتعقيداً في تاريخ البشرية. الحمدلله رب العالمين، ما زلت في المرحلة ما قبل الثقافية المتطورة موسيقياً. تلك النقلة الأخيرة من الإيقاع البطيء في هذه القطعة المذكورة، إلى الإيقاع الأسرع، يعني إن كان الإيقاع هو ضربات أقدام على الأرض في مواجهة الموت فهذه النقلة تأتي بعد الضربة الرابعة في الثانية 48 من الفيديو. هذه النقلة مثل مُلدِّن يُسهِّلُ اجتياز أعناق الزجاجات، وربما يسهّل المرور ببرازخ الموت. غريب انتشاء الموسيقى، ينبغي أن نستقبل الموت بالموسيقى. ربّما؟ تلك القوة المقابلة للموت شبه إيروتيكية. ألم يشعر أحدكم أنه حتى صباح فخري حين يضرب قدميه طرباً ( بالإيقاع أم بالهارموني؟ ) في وصلاته الغنائية الطويلة، فإن هناك قوة ايروتيكية تصدر عنه، رغم قلة حظوظ صباح فخري في عالم الوسامة؟ أو فهد بلّان حين يغني بإيقاع مضبوط لسهل حوران؟
إعلان غير تجاري2 على فيسبوك: مكتبة الإسكندرية فتحت أبوابها الرقمية، وكذلك المكتبة الشاملة ومكتبة الكونغرس وبعض الدوريات الأكاديمية المدفوعة. زيارة افتراضية تقطع الأنفاس لمدفن رمسيس السادس في وادي الملوك في الأقصر، كيف بنوا كل ذلك؟ اقشعرَّ بدني. حسناً، سأنزّل رواية أرخبيل الغولاغ لـ ألكسندر سولجينيتسن بترجمتها العربية، وسأقترح أن نقرأها في مجموعة قراءة مع بعض الأصدقاء، متى سأتمكن يا ترى من نطق كنية الرجل نطقاً سليماً؟

نقرأ في مقدمة المترجم، التي تستهل الكتاب: «لم يأتِ الكتاب عموماً ليدحض نظرية فكرية سياسية عبر الجدل والنقاش في مدى صوابية هذه الفكرة، ومدى ملاءمتها لقيام مجتمع جديد على أساس المصالح الجماعية للطبقات المقهورة، بل جاء النفي بمثابة إظهار السلبيات التي رافقت قيام الدولة الجديدة»، «لا شك إن نظرة الكاتب تختلف عن مثيلتها لدى الساسة، فالساسة يفكرون بعقل المستقبل ذاته، على العكس من ممتهني مهنة صقل العواطف ونسّاجي الخيال، ومؤججي الانفعال الغلواني» (الغلواني؟ خير إنشالله)، «ألم يكن هو ذاته من غاص في ذلك الوحل الغربي، وراح يستقطب التداعيات الكلامية كافةً، والأساليب المفعمة بالخطابية، ليدين الوطنية الروسية، ذاتها التي كانت أمل الغرب في الخلاص من البطش الهتلري؟ ألم يعتمد، في كتابه الذي بين أيدينا، على الكثير من الشهادات المنقولة، مخطوطة كانت أم شفاهاً، عن ألسنة من كان مشكوكاً في غيرتهم وولائهم لروسيا الوطنية من أمثال اليهود المنشقين، المتغلغلين في التنظيمات السياسية، وخاصة التي كانت بحكم المسيطر عليها من قبلهم؟»
– ومع ذلك. سنقرأ أرخبيل الغولاغ بنسخته العربية.
إعلان غير تجاري3 على كل منصات التواصل الاجتماعي: أفلام على مدّ النظر. فيميو، يوتيوب، منصات مختصة فتحت أفلامها. يقع بَصَري على فيلم قديم للمخرج الموريتاني عبد الرحمن سيساكو، أُنتج قبل ثمانية عشر عاماً، سنة 2002. هرمنا. كنتُ قد حضرته حينها في سينما سان أندريه ديزار الصغيرة بشارع سان أندريه دي زار الصغير في الحيّ اللاتيني، على الضفة اليسرى لنهر السين. عنوان الفيلم بانتظار السعادة. نعم، بانتظار السعادة. لن أعيد مشاهدته، أكتفي بما احتفظت، مشهد واحد من الفيلم، يجرّ فيه رجل أسلاك الضوء باتجاه المحيط. ماذا كان يريد أن يفعل بتلك اللمبة فوق رمال شواطىء المحيط الموريتاني الساحرة؟
إيميل رقم 14. الثلاثاء 24 آذار، الساعة 9:30 صباحاً: المدرسة حريصة على متابعة العمل التربوي وعدم الانقطاع عن طلابها خلال فترة الحجر الصحي. نضع بين أيدي المدرسين كل الأدوات الرقمية المتاحة. ونُعلِمُكُم بأن زووم غير آمن رقمياً، وهناك مشاكل قانونية حوله، ويمكن أن يسرق معلوماتكم من حواسيبكم. سنعلمكم بالمزيد.
– المعلومات على الحواسيب؟ على أساس عم نخترع قنبلة ذرّية. غوغل يعرف بين أي فقرة وفقرة تتآكل غضاريف ظهورنا، واليوم بالذات اقترح وسادة صغيرة وردية اللون توضع تحت المؤخرة أثناء الجلوس إلى المكتب. «تباً لكم» (مترجمة مجدداً) إنتوا والمتابعة الدرسية التربوية!
الدرس الأول: تسمعوني؟ تسمعينا؟ الشبكة تعبانة. لا نريد زووم، فهو يخترق الخصوصيات، نريد منصة أكثر أمناً. حسناً.
عظيم يوتيوب. كيف كانت الحياة لتكون لو كان لدينا يوتيوب قبل 30 سنة؟ يقترح عليَّ كتاباً صوتياً لبروست، البحث عن الزمن المفقود. بعد دقيقتين ينطلق فيديو صناعة الخميرة المنزلية، بدون سكر أو تمر أو عسل، فقط من الطحين. يُترَك الطحين بمقادير معينة، مع مقادير معينة من الماء، لمدة يوم كامل، لتبدأ الخميرة الحيّة بالتشكل حينها. ما عليك بعدها إلا أن تغذي الخميرة الحيّة بمقادير معينة من الطحين الكامل والماء، وهكذا ستتشكل الخميرة بعد أسبوع، لتبقى سنوات إن اعتنيت بها.
حين يمارس المرء هوايته مساءً في عدّ الأموات على صفحة وورلد ميترز المخصصة لضحايا فيروس كوفيد 19، بعد انتهاء حفلات الشتائم حول الصين وتدبرها للأزمة الصحية، بين الفرندات على الفيسبوك، عليه أن يتنبه للإمكانيات التعليمية الرياضية المتاحة على الأعمدة الإثني عشر. يمكنه أن يستدرك ما فات أطفاله من دروس في الضرب والطرح والجمع والتقسيم والنسبة والتناسب. يمكنه أن يشرح لأطفاله الفرق بين كثافة سكان إيسلندا والهند من خلال العمود العاشر، والفرق بين مساحة أندورة والهند من خلال العمود العاشر كذلك. سيصعب إيجاد تفسيرات رياضية للفرق في عدد الأموات بين ألمانيا وبقية أوروبا، بيد أن الوقت مُتاح للتعلم.
مُلدِّن موسيقي رقم 2: بوليرو لموريس رافال. هارموني قليل أم كثير؟ هناك إيقاع بسيط جداً ومتكرر. أبسط من سابقته من القطع الموسيقية. إيقاع ببساطة النَفس، يرفس الموت رفساً.
على سيرة النفس، هناك كتب صوتية متاحة للاستماع على اليوتيوب، الاستماع للصوت الداخلي ورؤية النور الداخلي الكوني ومقاومة الاستلاب في هذا العالم. بين فيديو إعداد الخميرة وكتاب بروست عن الزمن المفقود.