تتخذ بعض المقالات الكبيرة هيئة المنارات النقدية. تصبح مع تقادم الأيام أساساً متيناً، ومنطلقاً للباحثين، تُعاد قراءتها مراراً وتكراراً. من تلك المقالات الخالدات مقال إدوار سعيد تحية إلى تحية (تحية كاريوكا) الذي أصبح من الأيقونات النقدية الخاصة في حقل الرقص الشرقي. مقالة سعيد المنشورة عام 1990، كانت علامة رئيسية لأي باحث في هذا الشأن، ويعود ذلك إلى ندرة الدراسات النقدية الجّدية لهذا الفن من جهة، ولكون مقالة سعيد رسمت خطاً مغرياً لعلاقة «المفكر والراقصة» من جهة أخرى.
«مع الوقت أصبحت، ولأسباب واهية، المقالة السعيدية ’أيقونة نصّية‘ أحيطت بالكثير من المبالغة والتأويل والتفسير والغواية والاندهاش، لمجرد أن سعيد ’المناضل الفلسطيني‘ و’المثقف العضوي‘ كتب عن الراقصة الشرقية أو الرقص الشرقي الذي يعتبره بعضهم موضوعاً سطحياً وهامشياً وحتى خلاعياً»، كذلك يرى الكاتب اللبناني محمد الحجيري مقال إدوار سعيد في مقدمة كتابه العشق السري.. المثقفون والرقص الشرقي الصادر حديثاً عن دار الريس.

ينطلق الحجيري في نقده هذا للمقالة السعيدية من كونها ليست العمل النقدي الوحيد عن الرقص الشرقي، وليست السبب في توجه النقاد نحو أيقونة الرقص، تحية كاريوكا، التي كانت قبل المقالة بكثير قد كرست نفسها كرمز للرقص الشرقي ووجه من وجوه العمل السياسي في مراحل مصر المختلفة. لا يقف الحجيري كثيراً عند مقالة سعيد، فهو ينطلق منها للحديث عن كاريوكا وتاريخها وتأثيرها. لكنه يعود لاحقاً إلى النص السعيدي، ليقرأه على مهل، ويقتبس منه ويتوافق فيه مع سعيد في اعتبار كاريوكا قامة فنية حالها حال طه حسين ونجيب محفوظ وأم كلثوم. كما يفسر منشأ مقاله، لا بتأثير تجربة شخصية حسبما عبّر سعيد، بل لأسباب ثقافية تتعلق بـ«بروز دراسات البوب آرت وأبحاث الفن الشعبي كفرع من فروع ما بعد الحداثة، وبروز تيار ما بعد الكولونيالية في دراسة بولطيقيا الجسد… والاهتمام الذي أولته النظرية النقدية المعاصرة إلى الكائنات المقموعة والمهمشة من الحياة الاجتماعية والثقافية والسياسية، مثل الزنوج والنساء والفقراء والأقليات».
تحية كاريوكا.. أيقونة المثقفين
يورد الحجيري في بداية كتابه توصيف بعض المثقفين والفنانين لتحية كاريوكا، فنجيب الريحاني المسرحي المصري، العراقي الأصل، يرى في جسد تحية «قارة مجهولة». فيما يصفها صالح مرسي صاحب رواية رأفت الهجان في كتابه عن تحية بأنها كانت «أول من جعل من الرقص فناً يُحترَم». أما محمد عبد الوهاب، فقد وضع تحية كاريوكا مع سيد درويش في المقام نفسه، فالأولى «حررت الرقص الشرقي من تأثير الأجنبيات، مثلما حرر سيد درويش الموسيقى المصرية من تأثير الأتراك». يغالي عبد الوهاب في الحديث عن «مصرية» تحية كاريوكا، وبأنها ظاهرة وطنية بنت شخصية الراقصة المصرية، ولذلك نرى الحجيري يصف ذلك بالشوفينية، لاسيما أن المهم في حديث عبد الوهاب عن كاريوكا ليس الجانب الوطني، بل توصيفه لإبداعية كاريوكا بالرقص الشرقي، فهي «تستطيع أن تعطيك كل ما لديها من فن وحركة بكل جسمها في مساحة لا تزيد على متر مربع، ولا تحتاج إلى الجري حول المكان رايحة جاية لتبهرك».
جلال أمين، وصنع الله ابراهيم، ومحمود أمين العالم، شخصيات تحدثت في فيلم اللبنانية نبيهة لطفي عن تحية كاريوكا. الفيلم الوثائقي جمعت فيه لطفي آراء العديد من الفنانين والمثقفين بتحية، تكلموا بأغلبهم حول «فلسفة تحية التي حولت الرقص إلى فكر، كما حولت الجسد إلى لوحات تشكيلية فلسفية». يأتي الحجيري أيضاً على ذكر ما ورد لدى بعض المستشرقين، خاصة أن الرقص الشرقي لطالما كان عامل جذب وتنظير للمستشرقين. يمثل على ذلك برأي المستشرقة ويندي بونفتورا التي قالت في مقالها المرأة الجوهر أنه «لا يوجد برهان على أهمية الرقص في العالم العربي أبعد من المكانة الاجتماعية لمؤديات كسامية جمال وتحية كاريوكا. فما من ثقافة أخرى احترمت راقصاتها كما فعلت الثقافة العربية، وما من ثقافة دام احترامها راقصاتها كل تلك السنوات. وما من سينما عالمية أخرى أطلقت بطلات تمثيل من الراقصات قدر ما أطلقت السينما المصرية».
يسرد الحجيري سيرة موجزة لتحية، ولادتها وحياتها مع جدتها ومن ثم أخيها الذي كسرت قيده وهربت منه. بعد ذلك يرصد بدايتها الفنية في التجمع الفني للراقصة اللبنانية الشهيرة بديعة مصابني، ملكة الليل والمسارح آنذاك، وهناك، في كازينو المصابني، انطلقت تحية في مسيرتها، بعد أن أُلحق بها اسم «كاريوكا» وهو اسم مستلهم من رقصة الكاريوكا «المستوحاة من الرقص البرازيلي، فما إن ظهرت تحية في هذه الرقصة حتى اشتهرت باسم ’راقصة الكاريوكا‘ التي كان يهتف رواد كازينو بديعة كل ليلة في طلبها».

يتتبع الكتاب كاريوكا في السينما، نجاحات متعددة وأفلام كثيرة وأدوار مختلفة كان أبرزها فيلم شباب امرأة الذي لعبت فيه دور شفاعات، وحقق الفيلم نجاحاً باهراً ومَثَّلَ مصر في مهرجان كان السينمائي حينها، وحصلت كاريوكا بسببه على جائزة الدولة. في هذا الفيلم تجلت «الخلطة العبقرية لصلاح أبو سيف رائد الواقعية في السينما المصرية، في الإيحاء بالرغبات الجنسية المحمومة لشفاعات (بطلة الفيلم) عن طريق الموسيقى التصويرية باعتبارها الثيمة الرئيسية للجنس، وليس من خلال المشاهد الساخنة والعري كما هو الحال في السينما التقليدية».
حياة كاريوكا السياسية لا تقل غنى عن حياتها الفنية، إذ نشطت تحية في السياسة المصرية على مدى عقود حتى أُطلق عليها لقب «أم اليسار». ساندت الفدائيين في الأربعينيات واستخدمت مزرعة أختها لإخفاء السلاح، وبعد سقوط الملكية على يد الضباط الأحرار في الخمسينات اعتقلت تحية لأول مرة برفقة زوجها الضابط في حرس السرايا الملكية مصطفى كمال صدقي «وأمضت 101 يوماً وراء القضبان، واستغلت فترة اعتقالها ودافعت عن حقوق السجناء، وطالبت بوقف عمليات التعذيب ضد السجينات». آمنت تحية بمبادئ ثورة الضباط الأحرار لكن حين وجدت ابتعاد الثورة عن مبادئها صرحت بقولها الجريء: «ذهب فاروق وجاء فواريق». كمان كان لها مواقف مبدئية ضد الصهيونية والاحتلال الإسرائيلي، وبقيت على مواقفها الداعمة للحرية والديمقراطية حتى سنواتها الأخيرة «فقد تزعمت اعتصام الفنانين وكانت هي الفنانة الوحيدة التي أضربت عن الطعام عام 1988، ولم يوقف إضرابها سوى تدخل الرئيس الأسبق حسني مبارك الذي قال لها مازحاً: عايزة يقولوا ياست تحية إنك عشت تاكلي بعهد فاروق وعبد الناصر والسادات وبعدين تموتي جوعانة بعهد مبارك!».
لم تكن أيقونة المثقفين والمفكرين فقط، بل كانت رمزاً من رموز تحرر المرأة العربية، وراقصة شرقية وفاعلة سياسية، وفنانة وضعت أسس الرقص الشرقي المعاصر، وكانت «فاكهة السينما» المصرية في عهدها الذهبي. حينما رحلت تحية كاريوكا عام 1999 رثاها سعيد بمقال آخر، ومن الأمور التي بقيت حسرة في وجدانه أنه «ذهب إلى القاهرة بحثاً عن سجل كامل لأفلام تحية ولم يجد، لا يوجد ببليوغرافيا لكاريوكا، وعلى الأرجح لن تكون هناك أبداً».
بديعة مصابني….المرأة/ الأرتيست والكازينو/ الأكاديمية
تعرضت كلمة «أرتيست» (Artist) في اللغة العربية الدارجة لانحرافات كثيرة في معناها ووقعها، فالكلمة التي تعني «فنان» بحياد في اللغة الأجنبية، أصبحت في العربية تحمل وصماً اجتماعياً، وغالباً ما يُقصد فيه المرأة العاملة في حقل الفنون الشعبية. لكن هل كان المعنى السلبي لكلمة أرتيست ذاته مطلع القرن العشرين؟ يمكن القول إن أولى النساء العربيات اللواتي أخذن لقب «الأرتيست» هي الفنانة اللبنانية المؤسِّسِة بديعة مصابني، وكان يعني حينها «أنها ترقص وتغني وتمثل في العرض المسرحي الواحد». يعود الحجيري إلى مقالة للدكتورة ماري إلياس عن بديعة مصابني (ضمن كتاب النساء العربيات في العشرينات ..حضوراً وهوية). لاحظت إلياس أن ردة فعل مصابني كانت عنيفة حينما نعتها أحدهم بـ«الأرتيست!»، وتعلق على ذلك بقولها: «ما أن تفوه بالكلمة النابية، حتى أسرعت أنتزع فردة حذائي وأقذفه به ….هكذا كنا نعامل من تُسول له نفسه مسَّ كرامتنا».
بعيداً عن ذلك، لم تكن بديعة مصابني أرتيست وحسب، بل كانت ملهمة لنجمات الرقص الشرقي القادمات. فالمرأة ذات اللغات الخمس، وصاحبة السيرة الدرامية المليئة بالأسفار والترحال بين قارات العالم، استقرت في أم الدنيا، وأسست واحداً من أكبر الكازيونهات والملاهي في عشرينات وثلاثينيات القرن الماضي «حينما شهدت مصر نهضة تعليمية كبيرة، أبرز مظاهرها خروج المرأة المصرية من تحت ستار الحجاب، وتمسكها بالمشاركة الاجتماعية». كان كازينو بديعة أو «كازينو الأوبرا» المنبع الأساس لكثير من راقصات تلك المرحلة، وأشهرهن كان تحية كاريوكا وسامية جمال، وساهمت مشاركتها لنجيب الريحاني، وزواجها القصير منه، في إخراج فنانين وممثلين مثل اسماعيل ياسين «بل يكفي أن نذكر أن فريد الأطرش كان من رواد كازينو بديعة، لنصبح أمام حكاية أرتيست ولدت من شقاءٍ وبؤس، ووصلت حدود الشهرة القصوى».
إذن، عمل كازينو بديعة في ذروته عمل الأكاديميات الفنية في عصرنا الحالي، خرّجَ عديد الراقصات والفنانات، مطربين وموسيقيين، وعكس حاله مرحلة الانفتاح الفكري والفني في البلاد العربية. إلا أن ازدهار الكازينو لن يدوم، حاله حال باقي ملاهي وكابريهات شارع عماد الدين التي تعرضت لحريق كبير صبيحة 26/ يناير 1952 على يد المتشددين. وبعد ذلك بقليل حدث انقلاب الضباط الأحرار، وانقلب كل شيء، وتأثر الرقص الشرقي كثيراً بعدما كان في القمة زمن الملَكية، وبدأت معالمه تختفي وتتلاشى: «توارت شهرة شارع محمد علي تدريجياً إلى الخلف، لا بل سرعان ما انقرضت» لكن قبل هذه التحولات الكبيرة، كانت مصابني قد غادرت مصر هرباً، عائدة إلى لبنان، ومسجلة تاريخاً حافلاً لفنانة مستقلة ساهمت في بناء معمار الرقص الشرقي وفنون الترفيه المشرقية.
سامية جمال.. رقص المساحات المفتوحة
إن كان أسلوب تحية كاريوكا قائماً على الرقص في حدود أمتار معدودة، وعلى جسد الراقصة فيه أن يبقى مزروعاً في الأرض، ثابتاً عليها، فإن لسامية جمال أسلوباً معاكساً ومختلفاً، الرقص في أكبر مساحة ممكنة، والتنقل، بخفة الفراشة، في كامل مساحة خشبة الرقص. وكما حال تحية، كانت بدايات جمال مع فرقة بديعة مصابني، التي أعطتها اسم سامية بدلاً من زينب اسمها الأصلي. ستحصل سامية فيما بعد على العديد من الألقاب، فهي «راقصة القصور، وراقصة مصر الأولى، والفراشة، وحافية القدمين…»، التي منها استقى نزار قباني قصيدته الشهيرة.
«همّا وحشين عشان أداريهم؟»، تعكس هذه الجملة التي قالتها جمال عن أقدامها ثقة هائلة بالجسد، وعِرفاناً لأثر الجميل واستخدامه في الفن، ولا شك أن سامية جمال من أبرز الراقصات الشرقيات اللواتي «تمتعن بجسد مثالي وساقين جميلتين ممشوقتين، حرصت على إبراز جمالهما مع كل إطلالة جديدة لها». لم تقف جمال عند حدود رشاقتها وخفتها في الرقص، ولم تتعامل مع الرقص الشرقي كفن وحسب، بل كعلم أيضاً. فاستعانت بمصممي رقص، واطلعت على رقص الصالونات كالسامبا والتانغو والفالس والرومبا، كما اتجهت إلى رقص الباليه، فدرست هذا الفن على يد المدربة الأجنبية سونيا إيفانوفا، وعادت بعد كل ذلك بإرث كبير من مدارس الرقص المختلفة، وفهم واسع للجسد، حركته وهالته: «إنها لا تعتمد فتنة الجسد، فالجسد قد لا يكون فاتناً في ذاته، بل هي تعتمد الإبداع الصرف».

لجمال أيضاً حياة صعبة وقاسية في بدايتها، حالها حال كاريوكا ومصابني، يعنونها الحجيري بأنها «صنيعة الذئاب الكاسرة». علقت جمال بين الملك والأمير، الملك فاروق الذي كانت على عهده راقصة القصر، والأمير فريد الأطرش القادم من جنوب سوريا والذي اعترف في أكثر من مناسبة بحبه لها، وحينما سُئل لماذا لم يتزوجا، أجاب أنه كان يغار عليها من الملك فاروق: «هو صراع الملك والأمير مطرب الوحشة الأرستقراطي على الراقصة ’الفلاحة‘ الآتية من الشقاء». إلا أن هذا التشويش الذكوري لم يمنع جمال من إتمام رحلة رقصها وجسدها الطائر، فكانت خير خلف لكاريوكا، وتمايزت عنها. فإذا كانت سمة رقص كاريوكا الرقص في متر مربع واحد «رقص الهوانم»، كانت سمة رقص جمال «رقص الخيول» حيث المساحات المفتوحة الفسيحة، والتركيز على كامل أعضاء الجسد، من الوجه المبتسم إلى اليد والكتف والبطن والساقين، وصولاً إلى الأقدام الحافية، الأقدام التي نسيتها «مدّعيات الرقص اليوم ليركزن على الفخذ المكشوف والبطون المكشوفة والنهود الكبيرة الرجاجة»، بحسب الكاتب. الراقصات المبتدئات والمبتذلات فقط هنّ من يعتمدن على القفز والهز، ويواصلن النطنطة والهزهزة هنا وهناك معتقدات أنهن يقدمن إثارة و«إغراءً حريمياً»، وأن جوهر الرقص الشرقي هو الإثارة الجنسية، بينما جوهره يكمن في الإيحاء وفي قلة حركات الراقصة لا كثرتها، وذلك ما كان عليه رقص سامية جمال.
سعاد حسني.. أسطورة يومية
مع أنها لم تكن راقصة بالمعنى الكلاسيكي للكلمة، إلا أنها كانت «أميرة حبي أنا» كما يعنونها الحجيري في كتابه. ذلك ما كانت عليه سعاد حسني لأجيال متعاقبة، وربما كانت أجمل الأساطير اليومية العربية، وآخر الأيقونات: «سعاد ممثلة يرتقي الاهتمام الكتابي بها إلى مستوى العشق والوله، أو كما قال رولان بارت عن غريتا كابو: هي الوجه الذي يخرج من ذاته ويرتقي لمستوى الأيقونة». يقرأ الحجيري سعاد حسني على هذا الأساس، لا على اعتبار أنها مجددة في الرقصة أو مؤسِّسة، بل على اعتبار أنها نجمة أدائية، تمثل وتغني وترقص، أرتيست بالمعنى الحيادي للكلمة.
خفة الكائن، ذلك ما كان عليه رقص سعاد حسني في أدوارها المختلفة. لم تكن تؤدي دور راقصة وحسب، بل هي ترقص فعلاً، ومن هنا يتضح سبب لجوئها إلى «تحية كاريوكا» لتعليمها، هي تريد أن ترقص، لا أن تؤدي الرقصة. وذلك ما اتضح في أفلامها المختلفة، وأشهرهن أميرة حبي أنا، وخلي بالك من زوزو الذي يقدم في نهايته إعلاناً لـ«انتهاء حقبة الستينات والأحلام الكبرى، ودخول مصر في مرحلة الانفتاح السياسي والثقافي، ودخول الرقص مرحلة الانحطاط وعودة صورة الراقصة كامرأة ساقطة وبائعة هوى»، بعد أن ساهم انفتاح السادات هذا في تكريس الرقص الشرقي كفن شعبوي وجعل من الراقصة سلعة استهلاكية. رقصت سعاد حسني في الفيلم لتقدم رسالة سياسية اجتماعية مؤلمة، وكانت هذه الرقصة، حسب الناقد عبد الوهاب المسيري، هي «المحاولة الأولى والأخيرة لفصل الرقص البلدي عن الإثارة الجنسية». بحيث يصبح الرقص البلدي دراما وتعبيراً.
طرب أم هستيريا الجسد
يقسم الحجيري كتابه إلى فصلين، طرب الجسد؛ وفيه يروي حكايا الراقصات العربيات الأيقونات. وهستيريا الجسد؛ ويتعرض في هذا الفصل لراقصات عالميات كالهولندية ماتا هاري وعلاقاتها الجاسوسية ونهايتها المأساوية. بعد ذلك يناقش أسطورة «ليتل إيجبت»، ويصل إلى أن الراقصة المحفورة في الثقافة الأميركية ما هي إلا أسطورة شعبية أميركية، وليست راقصة حقيقية رقصت في أميركا نهاية القرن التاسع عشر كما قيل: «ليتل إيجبت هي صورة أيقونة، بحسب جان بودريار، تختصر خيالاً محدداً عن النساء والرقص والشرق الأوسط والمهرجانات العالمية». يختتم الحجيري كتابه بالحديث عن الراقصة والمغنية الكولمبية اللبنانية شاكيرا، لا يعطيها حقها كحال باقي الراقصات، فهو يكثّف الحديث عنها ويختصره، ليغلق الستار على كتاب وقف فيه على نجوم الرقص الشرقي/ البلدي، واستعرض سيرهن وعلاقاتهن، وكشف العشق السري والعلني للرقص الشرقي، الفن الذي ما زال بحاجة إلى البحث والنقد كونه أحد أجمل فنون المنطقة العربية وأكثرها رهافةً وجمالاً.