«العاشر من يوليو، ها أنتِ حرّة. لن تكوني مِجبَرة على شيء، لن تكوني مِجبَرة حتى على الخربشة في دفترك الصغير. لقد تم التوقيع على صك الأبدية من أجلك. وهناك عند قبرك تحدث أشياء غريبة، تماماً مثلما حدث مع موسيه وبياف أو الأب لاشيز؛ إذ نرى فتيات يافعات، قِحاباً، فضوليين، رجالاً… يأتون ليضعوا باقات من الأزهار؛ ليضعوا بعض القصائد؛ ليضعوا لا شيء، ثم يرحلوا في ظل صمتك. وهذه الطريقة في التأبين تبدو لي باهتة؛ إذ نريد أن نرى زائراً يقوم بكسر زجاجة كونياك على الشاهدة من بين قرائك المئتين وخمسين ألف. تبدو عائلتك بخير، وهم لم يقوموا بإعادة تبنّيكِ».
في ذلك اليوم من عام 1967 تنتهي حياة ألبرتين سارازان القصيرة إثر خطأ طبي أثناء جراحة استئصال الكلية، لينقلب في لحظة واحدة فعل المضارع إلى فعل ماض ناقص يحتكر الذكرى؛ ذكرى امرأة سارت بكاحل مصاب على خطوط هروبها الخاصة والمتفردة.
«كما ترى، أنا أعاني. حياتي الآن هي المقاومة، هي المتعة، هي الإحساس بالصعق، هي النوم. أعرف أن ذلك سيمر ويصبح كل شيء أجدب».
ولدت ألبرتين سارازان عام 1937 من علاقة غير شرعية بين فتاة إسبانية ورجل جزائري في الجزائر العاصمة، وتم إيداعها مركز الإعانات الاجتماعية إلى أن تبنتها عائلة فرنسية عام 1939 لتمنحها فيما بعد اسم ألبرتين داميان. غادرت ألبرتين الجزائر مع عائلتها الجديدة نحو فرنسا عام 1947 لتبدأ حياة جديدة مليئة بالمغامرة والمقاومة والمتعة والخوف. فبعد أن تحصل على البكالوريا، تأبى ألبرتين أن تشبه الناس الذين تراهم فى المدارس والمطاعم والقطارات، فتختار طريقاً غير الذي رسمته لها عائلتها الفرنسية. لذا تقوم عائلتها بإعادة إيداعها مركز الرعاية الاجتماعية، لتستكمل مغامراتها في الحياة، حيث تشارك صديقتها وهي في السادسة عشرة بمحاولة سرقة مصرف، ليتم القبض والحكم عليها لثماني سنوات (1953). وبعد سنتين، تهرب ألبرتين من السجن، وفي أثناء هروبها يُصاب كاحلها، لتبقى تلك الإصابة بمثابة الإعاقة الشاهدة على فصل من حياتها.
تتعرف ألبريتن في خلال فترة هروبها على جوليان سارازان، الذي يُخفيها عن أعين الشرطة، ويصبح فيما بعد حبيبها وزوجها. تعود مرة أخرى للسجن، لتُكمل عقوبتها وتمكث سبع سنوات، تتزوج خلالها سارازان وتصبح أشهر سجينة فرنسية بعد أن يتعرف الجمهور الفرنسي على روايتها الكاحل، والتي حققت مبيعات خيالية وصلت إلى ثلاثة ملايين نسخة.
تخرج من السجن، تودّع الماضي، وتسير على خطوط هروبها الجديدة، إلا أن الحياة تمنحها هذه المرة تحرراً كاملاً وهي في التاسعة والعشرين.
«أعود إلى الحديقة المظلمة
خشخاشةً على ضفة الظل
معلقة بخيط من صفاء
على عتبة القسوة»
تموت ألبرتين دون أن تصل إلى ما يدعوه إدوارد سعيد «الأسلوب الأخير»، دون أن نعلم هل سيُضفي العمر على لغتها وحياتها نوعاً من القبول والمصالحة والهدوء، أم أنها ستستمر في العناد والضدية والتمرد.
نشرت دار هنّ ترجمة عربية لبعض نصوص ألبرتين سارازان في كتاب رسائل وقصائد، من ترجمة سهى بختة، وننشر أدناه هذه المقاطع.
* * * * *
ألبرتين الشابة الأبدية، كتبت بكلمات طاعنة، سارت بخطى عرجاء، وطلبت من جوليان أن يهتم بألبوم الصور: «ستصل هذه السنوات القاسية إلى نهايتها، تاركة إياي بهيئة هيكل عظمي بلا أي رغبة جنسية. على الأقل سيكون بإمكاني رسم صورتي الساحرة بعمر العشرين». لقد وصلت تلك السنوات القاسية إلى نهايتها بسرعة، وظللتِ عشرينية إلى الأبد.
توجد ألبرتينات بعدد الأسماء التي حملتها هذه الفتاة، بعضها أُطلق عليها وبعضه أطلقته على نفسها: آنيك، ألبا، ألبرتين، آن-ماري… توجد الصلبة، توجد المتحمسة المندفعة، توجد السِّكّيرة التي لا جدوى منها، توجد المتروكة، توجد المكسورة، توجد الواثقة، وتوجد المهتزّة، توجد أفضل من كتبت افتتاحية الروايات بالفرنسية… وداخل كل واحدة توجد العاشقة. عاشقة جوليان سارازان.
«بالزواج منه صار لدي أخيراً لقب».
بعد أن تخلت عائلتها عن تبنّيها، ظلت ألبرتين محرومة من استعمال لقب عائلتها، ثم حين تزوجت، احتمت داخل اسم حبيبها من عنف الماضي، من ألم الحاضر، من غياب الحب الأبوي. كانت تناديه أبي، صديقي، أخي، أمي. وكان كل ذخيرتها. إذ تقول بكل رقة:
«ولتنم على قلبي
ضُمّني بضع مرات
لأُبعث من جديد قبل المعركة».
كانت ألبرتين جريئة، شجاعة، مليئة بالشغف والحنق والغضب. لكنها كانت تخفض نبرة صوتها للحب؛ الحب الذي التقطها من الشارع مكسورة الساق حين ألقت بنفسها عليه من عل. وليست هذه مجرد استعارة، ألبرتين تقمصت استعارتها، وهربت من السجن وقفزت نحو حريتها عن سور يبلغ ارتفاعه عشرة أمتار، وسقطت على جوليان كنيزك مشتعل.
في رسائلها له، كانت ألبرتين تُذعن، تستجدي، تتقوّى، تتكبّر، تسخط، تغضب، تنسحب، وتحارب. كلها في رسالة واحدة أو في جملة واحدة:
«لكنني في كل الأحوال، تمكنت من الوصول لهذا الكمال في الحب لدرجة أنني تركتُ خلفي كل شيء، قبِلتُ كل شيء، رفضتُ كل شيء، إلى أن ذاب الكبرياء في رقة الصلوات».
نتتبع أثر هذا الحب من سجن إلى سجن، من سفر إلى آخر، عبر الكلمات المكتوبة في كل ساعات النهار، ثم نصل إلى آخر رسالة خطتها لجوليان، وكانت حينها تستعد للدخول لعملية دقيقة، حيث تُعرب عن أسفها لأنها لم تكن السارازان التي أرادت:
«اعذر فظاظتي، تألُّمي، نزواتي، شتاتي، غضبي، لا أجيد الحب كما تجيده».
إلا أنها في كل مرة تذوي، كانت تشتعل من جديد، وأيضاً في كل نهاية سعيدة، كانت تجد شقاءً ما، وفي كل سجن، كانت توجد نافذة. فقد تعرفت على الدكتورة غوجوا في سجنها، وهي من حمّستها لنشر كتاباتها وترتيب مخطوطاتها لتقديمها لجان جاك بوفار. صحيح أن النشر لم يتم حينها، لكنها كانت أول من اقترح على ألبرتين أن تنشر كتابتها، بل إنها حبت ألبرتين بكل الدعم المادي والمعنوي الذي احتاجته في سجنها وحريتها. وفي إحدى الرسائل تقول لها ألبرتين: «حاولي أن تتبنَّينَني مجدداً»، وذلك كاعتذار لكونها سُجنت قبل أن تتمكن من النشر مسبِّبةً للطبيبة خيبة أمل.
تحركت ألبرتين من مكان إلى مكان، ولا شيء سوى الشغف كان يحركها؛ شغف حارق كجرعة ويسكي تؤخذ دفعة واحدة بلا ثلج؛ شغف الحياة وشغف الكتابة. فحتى عندما استقرت في عمل بجريدة لو ميريديونال، لم تستطع أن تنعم بذلك الهدوء طويلاً، حتى سارعت إلى سرقة قنينة ويسكي أعادتها مجدداً إلى السجن؛ بيتها البارد والقاسي. لكن لا بأس بذلك، حسب ألبرتين، فكتابة مقالات حول مواضيع لا تهمها كان بالنسبة لها أقرب للدعارة منه إلى الكتابة، على عكس ممارسة الجنس لقاء مقابل، والتي تصفها على لسان بطلة رواية الكاحل بأنها وظيفة لا تتطلب ساعات عمل محددة، ولا تتطلب تعلماً، ثم هي في النهاية لا تميل للعهر أكثر من ميلها لسواه.
إن كانت الروايات هي سيرة ألبرتين، فإن الرسائل كانت بثاً حياً لحياتها بلا تشذيب، بخطها الرديء الذي اعتذرت عنه مراراً؛ بآثار حبر الآلة الكاتبة الخردة؛ وبكامل التناقضات داخل الرسالة الواحدة؛ داخل الفقرة الواحدة التي نرى فيها روحها المرحة رغم الألم، وحُبَّها للكتابة الذي فاق حبها لحريتها. كانت تحرص على كل كلمة تُكتب عنها وتكتُبها. وكانت ترغب أن تتحرر كتاباتها من سيرتها الذاتية، أن تكون فقط كاتبة جيدة لأنها تكتب جيداً. ثم كانت واثقة أنها ستكون عظيمة ذات يوم: «إن لم أتمكن خلال… لنقل عشر سنوات، من أن أصبح أعظم أديبة، فأنا لن ألمس طوال حياتي قلم حبر جاف». لكن أصابعها ظلت مُمسِكة بقلم الحبر حتى ساعات قليلة قبل العملية التي أودت بحياتها: «حتى الموت لن يجعل الأصابع ترتخي»، كما تصف بإصرار تمسُّكها بجوليان. وذلك ما حدث في النهاية، فهي الآن ممددة قربه في باحة منزلها. قريبان، حُرّان، تحت أشعة شمس مونبلييه.
«أحب هذا الألم الذي يعذبني
في عمق السماء الأرجوانية
تنبض الغابة
من أجل قصيدة مستحيلة
عبر ركضنا الطفولي غير العاقل
تحت قبة الهواء والحليب
تتطاير النافورة
بخفة في الوجوه
الريح سمراء بلون آلة الفْلوت
وبينما نمّحي في الرمال
يتراقص المطر العذب
ويمزج خطواتنا بعثراتنا»
دولان 1956
* * * * *
إلى جوليان سارازان
28 آذار (مارس) 1958
عشرة أيام..
عشرة أيام تمرّ، دون أيّ شعور بالجوع ولا بالعطش، فقط أشعر بالرغبة فيك، وفي أن أصيح معبرةً عنها. هذا الشعور الذي بإمكانه أن يدفّئ وينعش، أن يحرق ويوجع.
هذا المساء، أحببتُ باسمك كل الرجال. هذا الخوف عند مقاربة الرجال، هذا الرفض الذي يستحيل تجاوزُه، الغريب والمجهول، هو ذا، كلّه، ينصهر إلى سعادة. سعادة يائسة لطالما تمكنتَ من أن تُهديني إياها. حلمتُ، استندت على بابك بجسمي كي أصيح بك «أحبك» وأنت بين أصدقائك، رغم أنك تغادر إلى أماكن أخرى. آه، لا يهمّ! طالما أننا غادرنا تلك الليالي الناعمة التي نهتدي فيها إلى أنفسنا. تلك الليالي المتتالية تجدني كسولة وغير قادرة حتى على النهوض. لا أبالي حقّاً إن كانوا قد استمتعوا. أفتّش لديهم عن كلماتِك بلا جدوى، عن صوتِك، عن جِلدِك. أيها الصديق الذي في كل مرة يزيد في صنع شقائي وسعادتي، إنني لا أبكي… ولا حتى قليلاً. ربما نلتقي غداً، وربما أبداً، ربما الطريق، وهل يهمّ؟ لا توجد أرض تكفي سفرنا.
أوه، أيها العزيز الذي مثلي لم يتعافَ من الحياة. كما ترى، كان يجدر بي ارتكاب مزيد من الحماقات. كأنْ، وبينما نمارس الجنس، أضمّك بشكل أخف. لم نتعلم قط أن نشاهد بقدر كاف، لكننا تحسَّسنا بأيدينا، ربما أكثر مما يجب. وحتى الموت لن يجعل الأصابع ترتخي.
* * * * *
إلى جوليان سارازان
حبيبي،
ما زالت تتملكني رغبة كبيرة في أن أكون جبانة، إلا إني أعلم أن هذه الرغبة ستظل على حالتها الخامدة. أنا بكل صدق وجدية لم أعد أريد أن أعاني. لكن لمَ قد أستيقظ صباحاً؟ لمَ لا أنام لفترة من السنين تكفي لتندلع الحروب والنيران في، العالم ولأن تصبحوا كلكم محروقين، منسيّين، وبلا قيمة؟
هل ترى، لا أرغب في شيء سوى ثقتي بك وبشخص أو اثنين آخرَين، ثم ينهار كل شيء مجدداً. ليست القيم شيئاً سوى هراء. ها أنتِ ذي يا آنيك، الجميع يرغب في صداقتك بينما أنت وحيدة، مهتزّة، جريحة ومتروكة، دامية تشاهدين الغبار ولا تجرؤين على رفع رأسك صوب الشمس، لأنك تخشين أن تكون الشمس أيضاً قد اختفت.
ورغم كل ذلك، أنا أستشعر، بكل خلاياي، أنك لن تتمكن، رغم كل ما تدلّ عليه الإشارات، لن تتمكن أنت بدورك من خيانتي. أعرف أنك في هذه اللحظة لا تقدر على شيء سوى أن تخضع. كم أردنا أن نلتقي، أردنا ذلك بكل ما أوتينا من وجود، كي لا نتمكن من ذلك في النهاية.

قلقي الوحيد، أن تفكّر أنه لا يحقّ لك أن تحبني، أو أن تفكر ربما أنني مجبرة على حبك. مجرد أن تفكر في ذلك يُعَد جريمة؛ جريمة شيطانية أنت قادر على ارتكابها. أعرف أنني لست ملاكاً، لكن أن تتجرّأ على التفكير أنني قد أدير لك ظهري، تلك فكرة تعذّبك وتسلّيك منذ التقينا. لكن من تعتقدني؟ قط صغير مترف عطشان؟ سرير غير مرتب لحياة خاوية وخالية من المستمتعين والمنافقين؟ إذن أنت لن تفهم أنني قضيت شهوراً في باريس، أو قُل سنوات، منتشية للنخاع، وأنني اتبعت المال لأنه يوهمني بامتلاك شيء ما. قمت بكل الأذية الممكنة كي أهدم بشراسة كل ما يُشعِر بالغيرة. دستُ على كل الرجاءات المتأخرة، وكسرت كل ما وددت حبّه.
خسرتُ كل ذلك. كنت قادرة على الانكماش لساعات كاملة، لأبدو كالقحبة الصلبة، الضائعة المتعذَّر إصلاحُها. كنت أتسلح بكل صعوبة المراس وكل الفسق. لكن كيف لم تتمكن أنت من أن تشعر أنه، في الصميم، كل شيء ضاع؟
* * * * *
إلى الدكتورة غوجوا ميكال
فيرساي، 26 نيسان (أبريل) 1961
سيدتي العزيزة،
تغيير جديد في عنواننا. هذه المرة كلٌّ منا لديه عنوان، لا يقبلون النساء بعد الآن في بونتواز، لكن لاحظي أنه بعد كل هذا التسكع في فيرساي كان لا بد أن أقيم فيها أخيراً. إقامة بحراسة، بالطبع. لابد أن أقول أن سنة 1961 هذه كانت مضرّة لنا، حادث آخر، لكن هذا الحادث سوّانا بالعدم، أو كاد. نحن موقوفان منذ يوم الجمعة صباحاً، ثم سُجنّا منذ السبت، بعد تداول في العديد من مراكز الشرطة وقضاء ليلة على مقعد من أجل العزاء. على الأقل هذا يُريح فقرات الظهر. لقد اعتقدت أني سأكون بحلول المساء قد عدت إلى رانفييه حيث تركتُ كل شيء، حتى أدوات كتابتي. أرجو ألا يقوم صغار الأقارب باستعمالها لإشعال الحطب.
في النهاية، سيدتي العزيزة، خطتنا في نشر كتابي ستتغير قليلاً، وهذا حسب رأيي أكثر ما يُحزنني في كل ما يحدث. السجن لا يُعَدّ شيئاً؛ ربما هو قَدَرُنا. أعود بالزمن، سيدتي، أرجو ألا تسلبيني صداقتك. لا تكوني بدورك سجينة المظاهر التي بدورها ستسجنني. سأكتب لك وأحبك على الدوام. لا أعلم شيئا عن أحوال زيزي، لا يُسمح بأي وسيلة اتصال بيننا حتى استكمال الإجراءات. لذلك أحاول حالياً عدم التذكر، إلى أن لا يتبقّى لي شيء سوى التذكر.
سيدتي، أطلب منك الإيمان بصداقتي لك الخالصة دائماً والممتنة.
آنيك
* * * * *
إلى جوليان سارازان
آليز في 9 نيسان (أبريل ) 1964
عزيزي زوجي الصغير،
قلم الحبر يترنّح، وعيني جافة، ورغم ذلك، أنا قريبة؛ قريبة منك، ليس في سجن نيم، ولكن أخيراً في سجن آليز. يجعلني هذا أدنو.
فيما يخص التوقيت، لا أظن أن لقاءنا سيتأجل، ولكن مرة أخرى، أنت من سينتظر. أحنث عمداً بعهد الحب، وأريد أيضاً أن تتوقف عن حبي. سأجعلك تعبر في طرقات 1959، يجدر بي ذلك. أشعر بالهمود التام، ولستُ حتى مذهولة من ذلك، حتى أني لم أعد مَرِحة. لا أعتقد أنني سأتمكن مجدداً من الضحك. كان بإمكاني قبل أن يُزَجّ بي في السجن، أن أَفْرُغ من إصلاح مخطوطي وأن أرسله للمدام غوجوا. أظن أنني سأموت قبل أن يرى هذا الكتاب النور.
زيزي، رجلي، حبي الوحيد، لا تغفر بعد الآن. لا أرغب في ذلك. أحتاج أن تهزمني. اكتب لي، إن شئت: مركز الإيقاف في آليز.
أحبك، ليس كما ينبغي، لكن جدّاً. امرأتك، في الحياة وفيما بعد الحياة.
آنيك
* * * * *
أما آخر كلمات كتبهتا ألبرتين في 10 تموز (يوليو) فكانت:
إلى رينيه مان، مدير جريدة الأحد،
ألبرتين وجوليان سارازان ممتنان جدّاً بالتهاني التي كُتبت على جريدتك.
آلبي تخربش لك هذا، قبل ساعة من إجراء العملية، لأنها في خلال هذا الأسبوع قامت بتوظيف زيزي سكرتيراً كي يقوم بعمليات لا تمت للكتابة بصلة من قبيل الحقن، ووضع مسبار.
نتمنى، رغم كل هذه الموانع، أن نلتقيك في خلال السنين الأربع القادمة.
وأن تجد آنيت هنا كل المودة، وأن تجد أنت خالص التحيات.
كل الود،
ألبرتين وزي لو ليان
*****