مَنعُ التجول أو تحديدُ ساعاته أداةٌ سياسيّة، استخدمتها السلطات اللبنانية ضد اللاجئين السوريين على مدى أعوام، وطالت بأبعادها نسبة كبيرة منهم، إلا أنها كانت أشدَّ وطأة على الفئة الأكثر تحرّكاً وتفاعلاً في الفضاء العام؛ عُمّال التوصيل السوريون في لبنان.
ولعلّ ما يجعل عمل السوريين في مهنة التوصيل أمراً جدليّاً، وربما غير مُحبَّذ بالنسبة للشارع اللبناني؛ هو مرئيتُها؛ مثلاً: التواجدُ بشكل حرّ في الشوارع، مرونة الجسد عند الانعطافات، التنبّهُ المُسبق للمطبات وأسلاك الكهرباء وحُفَر الصرف الصحي، بالإضافة إلى اكتشاف زواريب تختصر المسافات أو قد تؤدي إلى مسالك جديدة، ما يعني امتلاك خرائط الشوارع.
في كُتيب بحثي أَنجزه معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية في الجامعة الأميركيّة في بيروت، حمل عنوان: اللاجئون صانعو المدينة، واستناداً إلى مقابلات مع عشرين عامل دليفري سوري في بيروت، استطاع الباحثون رسمَ خريطة مُتخيّلة للمعالم التي تحدَّثَ عنها العمّال، أي الشوارع واللافتات ومحطات البنزين والمساجد والكنائس وغيرها، وما اتّضحَ من خلال هذه الخريطة هو قسوة القيود التي يواجهونها في المطالبة بحقّهم في المدينة. كما يذكر البحث كيف تُترجِمُ هذه الخريطة الانقسامات الطائفية والطبقية في بيروت، وكيف توضح حجم التباينات بين الأحياء التي حددها هؤلاء العمّال، واحتمالية خطورتها بحسب مواقفهم وهوياتهم.
سأتحدّثُ في هذا المقال عن عمّال التوصيل السوريين في لبنان باعتبارهم أكثر المشتبكين مع المساحات العامة بمكوناتها البشرية والعمرانية، خاصة بعد حملات الترحيل القسري التي بدأتها السلطات اللبنانية مع مطلع شهر نيسان الماضي. وقد وثّق مركز وصول لحقوق الإنسان (ACHR)، منذ بداية نيسان (أبريل) 2023 حتى 16 أيار (مايو)، اعتقال 808 لاجئ-ة اعتقالاً تعسفياً، وترحيل قرابة 336 لاجئٍ-ةٍ منهم إلى خارج الحدود اللبنانيّة قسراً.
شَقُّ الطريق إلى المدينة
عَالَمُ إيصالِ الأغراض إلى طالبيها وطالباتها كبيرٌ ومعقد، تحكمهُ شبكةٌ من الطرقات بتفرّعاتها، مع شبكات أخرى بشريّة وسياسيّة. وفي الوقت الذي تبدو فيه شوارع بيروت وضواحيها واسعة على الخريطة، تضيقُ على الأرض بعمال التوصيل السوريين نتيجة الحواجز الأمنية والتوقيفات العشوائية.
يقول علاء (اسم مستعار): «أحبّ التجول مساءً في شارع الحمراء على دراجتي، وتحديداً في شوارع واسعة، أُدخن سيجارة، و أتأمل الحياة. كثيراً ما تتقافز الأفكار إلى رأسي، أدونها أحياناً، وفي أخرى لا أستطيع».
علاء لاجئٌ سوريّ في مطلع الثلاثينيات من عمره، يعمل في التوصيل إلى جانب عمله في التدقيق اللغويّ، وذلك على الرغم من تخرجه من الجامعة في تخصص اللغة العربيّة وآدابها، وكومة الشهادات والخبرات ورسائل التوصية المُكدسة في سيرته الذاتية التي أَطلَعني عليها.
لا يعتمد على الدخل الذي يجنيه من العمل في التوصيل بشكل أساسي، فهذا عملٌ ثانويّ إلى جانب أعمال أخرى يقوم بها لسدّ حاجته من النفقات المعيشية؛ يقول: «هي أرزاق، أحياناً فيها مردود جيد، أحياناً لا. خَفّ الشغل كتير آخر فترة. التوصيل ليس مهمة سهلة كما يظن البعض، أحياناً يتم منعي من الدخول لمناطق معينة وتوصيل الطلب، وفي أخرى يطلب زبون ما وجبات طعام، ثم يُغلِقُ هاتفه وعند وصولي لا يفتح الباب. غالباً لا تتحمّل الشركة هذا الأمر، فأتناول الطعام بعد نهار طويل من التعب، وأفضل الحالات هي عندما يقبل المطعم إرجاع الطلبية، وفي الحالتين لا أُعوَّض ثمن البنزين».
سياسات عمل التوصيل في الشركة التي يعمل فيها لا تُؤمّنُ الدرّاجة ولا البنزين، ولا ضماناً صحياً ولا حتى تعويضاً في حال الضرر، ما يعني تحمله لكافة التصليحات في حال الحوادث.
ويحدثُ أثناءَ رحلته اليوميّة لتوصيل الطلبات، أن يجذبه مظهر الكتب المعروضة على واجهة المكتبات، فيترجّل عن دراجته ويقتنص من الزمن برهة ليقرأ فيها عناوين الإصدارات الجديدة. وعلى الرغم من اهتمامه بالأدب وتأثُّره بشعر المتنبي، لكنه يقرأ في مجالات كثيرة، ويعرف بُحور الشعر سماعياً، ويحفظ من المُعلّقات مئات الأبيات منها.
تربطه ببيروت وسكانها علاقة حميمية، بحسب توصيفه: «قضيتُ فيها نصف عمري»، فهو على ألفةٍ مع أغلب شوارعها، حتى أنه يحفظُ أغلب أسماء الأبنية، ويعتمدُ على خريطته الذهنية التي كَوَّنها عن المكان في ذاكرتِه، يحاولُ اكتشافَ وجوه ومساحاتٍ أكثر لهذه المدينة من خلال عمله في التوصيل، لكنَّ علاقته مع بعض الأماكن كالأشرفية وسن الفيل ما تزال مرتبكة: «بضيع فيهن… فبستخدم GPS»، فيما لا يحبُّ التوصيل إلى مناطق أخرى بسبب وجود «عصابات تشليح تنسب نفسها لأحزاب سياسية معينة».
لا يفكر علاء في التوصيل كمهنة طويلة المدى، إذ تأثَّرَ بعد عمليات التضييق على اللاجئين السوريين مؤخراً. يقول بخصوص هذا: «فتحتُ قناةً على يوتيوب، أعملُ على تطويرها لتدرّ عليّ أرباحاً علّني أتوقف عن العمل في التوصيل ليلاً، بعدما أصبح النهار مفخخاً بالحواجز وعرقلة البلديات لعملنا». أضافَ بسخرية: «وكأنو التوصيل صار متل الشغل بالممنوعات».
أكثر من مجرد خدمة
تحدثتُ مع عامل توصيل يُدعى فاروق (اسم مستعار)، وامتدَّت مقابلتنا إلى أكثر من أربعين دقيقة حكى فيها عن ثمان سنوات من حياته قضاها في العمل على دراجته.
يقول فاروق: «عندما أتيتُ إلى لبنان عام 2012، رغبتُ بالعمل في مهنتي التي أحبها وهي تحضير الطعام في المطابخ الإيطالية. حصلتُ على فرصة للعمل في هذا المجال، لكنني لم أستمر بسبب انخفاض الأجر وعدم توافقها مع حجم خبرتي، لذلك توجهتُ إلى العمل في التوصيل واشتريتُ درّاجة بمساعدة بعض الأقارب. كانت مهنة التوصيل جيدة وذات مردود مقبول عندما كان الدولار يساوي 1500 ليرة لبنانية، لكن بعد الانهيار الاقتصادي عام 2019، لم تعد مهنة التوصيل تكفي للمعيشة».
سألتُه عن أُسس هذه المهنة، في حين ما زال البعض يتعامل معها على أنها مجرد خدمة.
وافقني فاروق في اعتبارها مهنة أكثر من خدمة، لأنها تتجاوز هذا المفهوم. يقول شارحاً: «ليس هناك كُتيّبٌ إرشادي يقرأه السائق فيتقنُ فنونها، لكن حسب خبرتي فإنَّ على السائق أن يكون على دراية بقوانين السير كاملة، وذا مظهر لائق، حليقَ الذقن بثياب مرتبة، وأن يتأكد من حمل نقود للإرجاع إلى الزبائن، وعند الوصول يطرق الباب ويبتعد مسافة متر عنه ريثما يتم فتحه.
تعاملَ فاروق خلال هذه السنوات مع زبائن مثل سفراء ووزراء ونواب وأصحاب نفوذ وسلطة، واختلط بأشخاص من مختلف الثقافات، ما أكسبَ هذه المهنة قيمة مضافة. بالنسبة له، على السائق أن يعرفَ طباع الزبائن المتغيّرة ويتكيّف معها: «بسبب طريقة تعاملي مع الزبائن، أصبح بعضهم يطلبني في الاسم».
سألتُه عن الصعوبات التي واجَهَته خلال سنوات عمله، أجاب: «أصعب شيء بيمرّ فيه عامل الديليفري هو فصل الشتاء، يعني بيحمل العامل دَمّه على كفه وبيمشي. طبعاً الاحتياطات هيي أنه يلبس الملابس المضادة للمياه، وفي بعض الأحيان في عمال بيحطوا شمسية على الموتوسيكل، ولكن هذا الشي غير قانوني، كما أنه خطير لأنه ممكن يسبب اصطدام بسيارات ثانية. الشمسية بتخلي الموتسكل ثقيل وصعب الحركة، هي الأشياء كلها خطيرة وخاصة إذا كانت الريح شديدة».
ذكرَ فاروق صعوبات ثانية تتعلق بجغرافيا المكان وبُنيَته التحتيّة الضعيفة، كالشوارع الغارقة في الظلام، والأنفاق غير المُضاءة مثل نَفقَي سليم سلام والمطار، بالإضافة إلى حُفَر كبيرة منتشرة بكثرة. يؤكّد على أنّها مهنة شاقّة، إذ شهد خلال سنوات عمله عشرات الحوادث، وكثيرٌ منها تسبّبَ بالوفاة.
ترك فاروق العمل في هذه المهنة بسبب العوائق القانونيّة. يُنهي حديثه بالقول: «الآن أبيعُ كعكة طرابلسية على العربة. قد تقولين إنني بائع متجول، لكن في الحقيقة أنا لا أَتجوَّل، أقف كل يوم في مكان واحد لا أتحرّك، خوفاً من البلديات. تركتُ العمل في التوصيل لأنّ عمري شارف على الستين، ولا أتقبّل أن أتعرّض للإهانة من قِبل الحواجز. عملي في التوصيل عَلّمني الكثير، لكن ليس هو ما دفعني للعمل على عربة، بل ما دفعني هو فقط لقمة العيش».
اقتصادات غير مرئيّة
في نهاية العام الماضي قام بعض عمال التوصيل في شركة توترز بحركة احتجاجية مطلبية، تَمثَّلت بإضراب عن العمل إلى حين تحسين ظروفه. لم يكن ذاك الإضراب هو الأول، إذ سبقته سلسلة من الإضرابات التي كان الدافع الأساسي وراءها انخفاض الأجور التي يتقاضاها العمال، فضلاً عن مطالب ثانوية.
تأسست شركة توترز (Toters) عام 2017 لمؤسِّسَيها تميم خلفا ونائل حلواني، مقرّها الرئيسي لبنان، ممتدّة إلى فروعٍ أخرى في أربيل- العراق. بحسب مقال نشره موقع درج، تمّ التأكّد من ارتباط هذه المؤسّسة تجارياً بثلات شركات استثماريّة ذات علاقات سياسيّة وعائليّة بمصرف لبنان لحاكمه رياض سلامة، الأمر الذي لم ينفِه حلواني الشريك المؤسّس، مبرراً هذا بأنّه كان بحاجةٍ إلى دعمٍ تمويلي يُمكِّنه من النهوض بهذه الشركة بعد الانهيار الاقتصادي عام 2019، وهذا بحسب المقال ذاته أيضاً.
في العام 2022 حصلت الشركة الناشئة على تمويل بقيمة 18 مليون دولارٍ أميركي عبر شراكة مع مؤسسة التمويل الدوليّة (IFC)، إحدى أعضاء مجموعة البنك الدولي، بهدف تعزيز الاقتصاد الرقمي في كلٍّ من لبنان والعراق.
تحدثتُ إلى أبو وائل، وهو أحد عمّال التوصيل السوريّين الذين يعملون في هذه الشركة، وطلب مني استخدام اسمٍ مستعارٍ له تجنّباً لتعرُّضه للمحاسبة أو الإيقاف عن العمل.
لجأ أبو وائل إلى لبنان عام 2013، تنقّلَ بين عدد من الوظائف حتى وصل إلى مهنة التوصيل، التي يعمل فيها منذ أكثر من ست سنوات. تختلف نبرته ويرتفع صوته وهو يسرد لي حكاياتٍ عن أعمال تركَها بعد أن رفض أصحابها تلبية مطالبه بشأن حقوقه. انتقل للعمل في هذه الشركة منذ سنتين ونصف تقريباً، وتعلّمَ بدايةً كيفيّة العمل على التطبيق، إذ تعتمد شركة توترز في عملها على تطبيق باسمها، كما أنّ الشركة لا تدفع رواتبَ شهرية للعمال، بل تدفع بدلاً ماديّاً ثابتاً مقابل كلّ طلبية.
بالعودة إلى الإضراب الذي قام به عمال الشركة، يقول أبو وائل: «السنة الماضية، البنزين يغلى والليرة تنزل والدولار يطلع، وكتير شركات رفعت أجور العمال إلّا هي الشركة. مناخد على الطلبيّة ضمن النطاق الجغرافي عشرين ألف لبناني، وبيزيد المبلغ مع الخروج عن النطاق الجغرافي. حتى الزبون ماعاد عطانا إكراميّة بسبب الوضع الصعب، كيف بدها توفي معنا؟ سمعت عن إضراب عم يتحضّر، فتت على مجموعة على واتساب تم إنشاءها لحشد كل العمال الرافضين للأجور، ومشان مطالب ثانية مثل إنشاء حمامات في مقرّ العمل. وصل عددنا لـ 460، لكن للأسف في ناس تخاذلت ما كفّت، وفي ناس فضلت تترك العمل وتتجه لعمل ثاني».
شُلَّ عملُ الشركة نحو أسبوع آنذاك، لكن بعدها بدأت الشركة بتهديد العمال بإغلاق حساباتهم على التطبيق، ما يعني توقفهم عن العمل نهائياً. وعلى إثر الاحتجاج تم انتزاع ثمانية آلاف ليرة لبنانية لتضاف على البدل الثابت للمناطق المتواجدة في النطاق الجغرافي ذاته، وزيادة أيضاً للمناطق البعيدة، كما تم إنشاء حمامات في مكان العمل.
لكن، وبحسب تقاطع شهادتين ممّن تحدثتُ إليهم، لا تضمن الشركة الحماية للعامل في حال تم التعدّي عليه من قبل الزبون، أو في حال ممارسة العنصرية ضدّه، وخاصّة أنّهم الوسطاء بين المطاعم أو أصحاب المحلّات من جهة، والزبائن من جهة أخرى.
يقول أبو وائل: «في إحدى المرّات كنت أقوم بتوصيل طلبيّة إلى زبون كان قد أخطأ في تحديد الموقع بشكل دقيق، وعند وصولي إلى الموقع المُحدَّد اتصلتً به لأتأكّد من العنوان، فشتمني واستمرّ في إهانتي. ذهبتُ إلى مكتب الشركة، أخبرتُهم عن الموقف مُعلناً رفضي لإيصال الطلبيّة، لكنّهم أصرّوا على ضرورة إيصالها، وهددوني بإغلاق حسابي في حال عدم الانصياع للأوامر. وبالفعل، لم أذهب وتمّت معاقبتي».
تتكرّر الحوادث مع أبو وائل خلال رحلته اليوميّة للعمل، بعضها يمرّ رغم مرارته، وبعضها يظلّ يؤلمه حتى يصل إلى معاناة نفسيّة يُترجمها الجسد إلى تشنجات وآلام في معدته. حصل الأمر ذاته نحو خمس مرّات خلال السنة الماضية، وحتى مقابلته في شهر نيسان من هذا العام. يقول: «أوصل لعند زبون، يسألني أنت سوري؟ أقله أيه، فيرفض ياخد الطلبية، ويقلي أنا بدي درايفر لبناني».
بحسب أبو وائل، تتعامل الشركة مع مثل هذه المواقف التي يتعرض لها عاملو التوصيل بالقليل من المسؤولية، إذ تقول إنّه يتوجب على السائق الشكوى للشركة عن هذا الزبون-ة لاتخاذ موقف مناسب، كالتحدث معه-ا وتنبيه-ا أو إغلاق حسابه-ا على التطبيق نهائياً، لكن بحسب مشاهداته لم يتم إغلاق حساب أي زبون أو زبونة تمت الشكوى عليهم من قبل السائقين، فالأولوية هي «رضا الزبون».
ينهي أبو وائل المقابلة بقوله: «صرت الساعة سبعة بوقف شغل. بكون متجاوز كثير من الحواجز بالنهار، ما عدا حجز الموتوسيكلات بسبب عدم وجود إذن عمل. لو معي 2000 دولار، وهي تكلفة إذن العمل تقريباً، كنت سافرت فين برا لبنان. لا بقا قادرين نشتغل ولا نتنفس، عم حاول سافر».
ليس هناك إطار قانوني يمكن للعمّال السوريين العمل من خلاله، لكنهم في الوقت ذاته يحتاجون إلى العمل، هو ما دفع أرباب العمل وبعض المؤسسات إلى استغلال العمّال السوريين بأجور منخفضة، إذ توفر العمالة السورية حوالي 40 بالمئة من الكُلفة الاقتصادية لليد العاملة مقارنةً بالعامل اللبناني، وتتركز في القطاعات ذات المهن اليدوية. هذا ما أوضحهُ الخبير الاقتصادي بيار خوري في مقال نشره العربي الجديد، مشيراً إلى أن «هذه القطاعات التي تصل إلى 40 قطاعاً، وتساهم بحوالي 40% من الناتج المحلي الإجمالي».
بحسب منظمة العمل الدولية بلغت نسبة عمالة السوريين غير المنظمة أو غير الرسمية في لبنان أرقاماً مرتفعة جداً قاربت 95 بالمئة، وفضلاً عن ما يمكن أن يتبعها من مخاطر كالمُساءلة القانونية والترحيل، فإنها لا تضمن للعامل السوري ظروف عمل عادلة وإنسانية. بحسب المصدر ذاته، فإن 91.2 بالمئة من العاملين السوريين في لبنان لا يحصلون على إجازة سنوية مدفوعة الأجر، و86.9 بالمئة منهم لم يحصلوا على إجازة مرضية مدفوعة الأجر.
يدركُ عمّال التوصيل السوريون ما ينتظرهم لحظة خروجهم إلى العمل، ومع ذلك لا بديل لديهم سوى المواجهة والمقاومة. لا حياة عادية يعيشها اللاجئون السوريون اليوم، وما يُخشى أن كل شيء باتَ على المحكّ، حتى الحق في الحركة وتحصيل لقمة العيش. من يُمثّل مئات الآلاف من العمال السوريين في لبنان اليوم؟ ومن ينقل مخاوفهم وتطلّعاتهم وعجزهم أمام ما يحصل؟ حتى هذه الأسئلة لم تعد ممكنة الآن.