تأسس «تجمع شباب الرقة الحر» بعد تحرير الرقة المدينة مباشرةً، وهو «تجمع شبابي ثوري خدمي متنوع بدون أي تبعية سياسية أو عسكرية»، هكذا يصف الناشط عبيدة المشرف من محافظة الرقة والعضو المؤسس لتجمع شباب الرقة الحر.
كيف تأسس تجمع شباب الرقة الحر؟
يضيف عبيدة: تم تأسيس التجمع كحالة خدمية لملء الفراغ المدني والخدمي وليس السياسي بعد حالة الفوضى التي أعقبت التحرير، وقام التجمع بإطلاق حملات خدمية، منها:
«حملة نسائم الحرية»: حيث تم إزالة الحواجز التي قطع النظام بها أوصال المدينة وتنظيف الطرق العامة والمؤسسات التي تعرضت للتخريب والقصف وإعادة تأهيلها؛
«حملة شوارعنا تتنفس حرية»: تم نشر علم الثورة وعبارات ثورية جميلة بشوارشع المدينة بدل صور الطاغية ووريثه القاصر؛
«حملة رغيفنا»: توزيع الخبز بالتشارك مع المطبخ الخيري للعائلات المحتاجة؛
«حملة حق الطفولة»: وفيه تم تنظيم احتفال ضخم وعرض مسرحي لإعادة شيء من البسمة على وجوه الأطفال بعد ما عانوا من أهوال القصف والدمار؛
«حملة لن أترك مدرستي»: والتي نقوم فيها بتأهيل وتجهيز المدارس لاستكمال التعليم رغم الصعوبات الكبيرة؛
«إعادة تفعيل حملة جنة يا رقتنا»: والتي كانت موجودة قبل التحرير، لا بل هي تعتبر نواة تأسيس التجمع، وقمنا فيها بتنظيف شوارع المدينة…
يُذكّر عبيدة أنّ التجمع واحد من تجمعات كثيرة كان لها نشاط متفاوت لكن كلها إيجابي، مثل «تجمع شباب الرقة الأهلي»، «تجمع أحفاد الرشيد»، «فريق أبناء الرقة التطوعي»… وكلها كان لها أثر كبير في تسيير أمور المدينة خدمياً.
يكمل عبيدة: «نحن أبناء المدينة لم نترك العمل المسلح جانباً ضعفاً أو خوفاً، بل لإيماننا بأننا أنفع للبلد في الحراك المدني؛ تخيل معي لولا الجهود التي قامت بها التجمعات ماذا حصل! القمامة كانت ستصبح بارتفاع جبل في البلد».
التمويل كان ذاتياً، «أي عبر التبرعات من بعضنا، لكن الموضوع تجاوز قدراتنا المادية ولا أخفيك أن تراجع دور التجمع ومعظم التجمعات سببه نقص التمويل». التنظيف يحتاج لعُدة وهذه يمكن تأمينها من البيوت، «لكن من أين نؤمّن الوقود للسيارات التي تحمل القمامة مثلاً؟».
الجميل في الموضوع أن التجمع اتخذ من شعبة حزب البعث مقراً، كما قام بتزيينه بألوان وعبارات ثورية جميلة، وحوّل مقر التقارير والكذب والتزلف إلى منبر ديمقراطي ومكان عمل مجتمعي أقل ما يمكن أن يقال عنه أنه مختلف.
يعترف عبيدة أن الناشطين في التجمع لم يتعودوا على عمل مؤسساتي منظم بعد، «ولكننا نتجه نحو ذلك؛ قمنا ببعض الورش والدورات التي آمل أن تساعدنا، وما زال أمامنا الكثير».
الزائر للتجمع لا يمكنه أن يخطئ روح المحبة والألفة السائدة، وبنفس الوقت القلق الذي يحمله الجميع من تردّي الأوضاع الخدمية، ومن التجاوزات التي كثرت من قبل المسلحين في الفترة الأخيرة. يقول أحدهم بنبرة حزينة: «أخشى ما أخشاه أن يأتي أبي ويسألني ’هاي الحرية اللي ناديتم بيها‘؟». يجيب بغصة: «لا والله مو هيك بدنا، بس الأنذال عم يكثروا فيها ويا خوفي يجي يوم ويصبحوا هم الثورة ونصبح نحن أقلية يموت صوتها في صراخ الكلاشينكوف».
يصرّ جميع من في التجمع على تكرار فكرة أنّ التجمع خدمي وليس سياسياً، ولذلك رفضنا عروضاً للتمويل السياسي: «أفضّل أن أجلس في بيتي على أن أبيّض صورة فلان أو أتهجم على فلان»، يعقب أحد الشباب، ويكمل مازحاً: «وهالعالم كلها متلي».