أعلن رئيس النظام السوري بشار الأسد يوم الخامس عشر من تموز (يوليو) موعداً لانتخابات مجلس الشعب للدور التشريعي الرابع، بموجب مرسومٍ حمل رقم 99 لعام 2024 صدر في الحادي عشر من حزيران (يونيو) المنصرم. وقد حدّد المرسوم عدد أعضاء مجلس الشعب عن قطاع العمال والفلاحين (آ) بـ127 عضواً، وعن قطاع باقي فئات الشعب (ب) بـ 123 عضواً، ليكون المجموع الكلي 250 عضواً، وهو ما كان معمولاً به في الدورات التشريعية السابقة.
وفي العشرين من حزيران (يونيو) الماضي بدأ الراغبون بالترشح بتقديم طلباتهم، وقد أعلن رئيس اللجنة القضائية العليا للانتخابات القاضي جهاد مراد أن عدد طلبات الترشح وصل خلال يومين فقط إلى 1631 طلباً، بينما بلغ العدد الكلي للطلبات مع نهاية اليوم الأخير لاستلام طلبات الترشح في 26 حزيران (يونيو) 11897 طلباً، رُفض منها 2703 طلب ترشيح، ليكون مجموع الطلبات المقبولة من لجان الترشيح 9194 مرشحاً. وبعد اعتراض بعض أصحاب الطلبات المرفوضة، البالغ عددهم 174 مرشحاً، قُبِل اعتراض 91 منهم ورُفض 83 اعتراضاً، في حين بلغ عدد المنسحبين الذين قُبلت طلباتهم 332. بموجب ذلك، أصبح العدد النهائي 8953 مرشحاً، بواقع 3690 في القطاع (آ) و5263 في القطاع (ب).
لكن ماهو الجديد في انتخابات مجلس الشعب لهذا العام؟ وما طبيعة المرشحين على قوائم حزب البعث؟ وهل يمكن أن تختلف هذه الانتخابات عن سابقاتها؟
من البرلمان إلى مجلس الشعب
حلّت تسمية «مجلس الشعب» محلّ «البرلمان السوري»، وهو واحد من أقدم وأهم المؤسسات التشريعية في المنطقة العربية، تأسّس عام 1928 وساهم منذ تأسيسه بدورٍ كبير وهام في الحياة السياسية والتشريعية في سورية، إلا أن وصول حزب البعث إلى السلطة عام 1963 ساهم في تعطيله والتقليل من صلاحياته، قبل أن يستولي حافظ الأسد على الحكم عام 1970، ليقضي عليه تماماً ويحول اسمه إلى «مجلس الشعب» بعد أن استأثر بجميع الصلاحيات لنفسه، مثل التشريع وإقرار القوانين وتعيين رئيس الحكومة والوزراء وصلاحية حل المجلس كاملاً، عدا عن سيطرة البعثيين على الغالبية الساحقة من مقاعد المجلس بانتخابات شكلية ومُوجَّهة تشرف عليها الأجهزة الأمنية.
وبقي الحال على ما هو عليه بعد أن ورث بشار الأسد حكم سورية عن أبيه عام 2000، وعلى الرغم من دخول البلاد منذ العام 2011 في حالة صراع عسكري وسياسي، ورفض الأسد لأي انتقال ديمقراطي، إلا أنه حرص على إجراء انتخابات مجلس الشعب كطقس بيروقراطي، حيث أقيمت ثلاث دورات انتخابية بعد عام 2011: الأولى في 2012 (كان من المقرر أن تجري في 2011)؛ والثانية في 2016؛ والثالثة في 2020، وقد تم تأجيلها مرتين بسبب وباء كورونا. ورغم التعديلات الدستورية التي أجراها النظام سنة 2012 وإلغاء المادة الثامنة من الدستور القديم التي تنص على أن حزب البعث هو «القائد للدولة والمجتمع»، إلا أن ذلك لم يسهم في تخفيض عدد المقاعد التي يحصل عليها حزب البعث والأحزاب المتحالفة معه في ما يعرف بقائمة الوحدة الوطنية (الجبهة الوطنية) في المجلس أو في التقليل من حضور محاسيب النظام المقربين والموالين له.
في السنوات العشر الأخيرة، ونتيجة عدم الثقة بعملية الاقتراع والعمليات القتالية والوضع الاقتصادي المتردي والتهجير وموجات اللجوء المليونية خارج البلاد، فقد غابت غالبية الشعب السوري عن المشاركة في الانتخابات، حتى الشكلية منها. ففي الانتخابات الأخيرة مثلاً، والتي جرت في 19 تموز (يوليو) 2020، لم تتجاوز نسبة المشاركين في الانتخابات ممن يحق لهم التصويت، وفق أرقام النظام المعلنة، 33 بالمئة، وهو رقمٌ شككت وسائل الإعلام والمراقبون في دقته، لا سيما لدى احتساب نسبة السوريين المتبقين في مناطق سيطرة النظام وأولئك المقيمين في مناطق خارجة عن سيطرته أو خارج البلاد كلها.
استئناس القيادة الحزبية الجديدة
في آذار (مارس) من العام الحالي، أجرى حزب البعث انتخاباتٍ لاختيار أعضاء القيادة واللجنة المركزية في الحزب، في إطار «إعادة هيكلة الحزب ودوره في السلطة»، ووصف بشار الأسد هذه الانتخابات بـ«المفصلية والاستثنائية والحيوية»، وأطلق الحزب شعاراً انتخابياً: «صوِّتْ لبعثٍ أفضل». وفي الخامس عشر من نيسان (أبريل)، اجتمع بشار الأسد بصفته الأمين العام لحزب البعث مع أعضاء القيادة المركزية للحزب وناقشوا جدول أعمال الاجتماع الموسع الذي كان يجري التحضير له، والذي عُقد في الرابع من أيار (مايو) بمشاركة بشار الأسد الذي ليُنتَخب أميناً عاماً للحزب، كما تم انتخاب أعضاء لجنة مركزية وقيادة مركزية جديدة للحزب، بالإضافة إلى انتخاب فروع المحافظات للجنة، وانتخاب لجنة الرقابة والتفتيش الحزبي. وفي الثامن من الشهر ذاته اجتمع بشار الأسد مع القيادة المركزية الجديدة للحزب وناقش مع أعضائها أولويات المرحلة المقبلة حزبياً.
بعد الانتهاء من الترتيبات الجديدة في حزب البعث، أعلنت القيادة المركزية للحزب مواعيد الاستئناس الحزبي لاختيار البعثيين لعضوية مجلس الشعب للدور التشريعي الرابع في فروع المحافظات من 8 حزيران (يونيو) حتى 2 تموز (يوليو)، وقد أقيم الاستئناس في مواعيده بكل المحافظات وصدرت نتائجه. وتجري عملية الاستئناس الحزبي عبر «انتخابات داخلية تشمل كل مستويات قواعد الحزب»، حيث يختار الأعضاء ضعف العدد المطلوب من المرشحين في كل فرع من المحافظة، ثم تُرفع نتائج هذه الانتخابات إلى قيادة الحزب التي تختار بدورها المرشحين النهائيين. وقد تختار «القيادة» أسماءً من خارج القائمة الناجحة في الاستئناس، لأن «عملية الاستئناس التي يجريها الأعضاء غير ملزمة للقيادة». كما يتعين على المرشحين تلبية شروط محددة، مثل مرور 4 سنوات على الأقل في العضوية العاملة وعدم التعرض لعقوبات حزبية أو قضائية، وأداء الخدمة العسكرية الإلزامية أو الاحتياطية.
يستند الاستئناس الحزبي إلى العلاقات والمصالح ومدى القرب بين الأعضاء المرشحين و«القيادة»، وهذا ما يشير إليه الأمين العام المساعد للحزب إبراهيم الحديد بقوله إن اختيار المرشحين يجري استناداً إلى «المصلحة الوطنية العليا، وإن مصلحة الحزب هي التي تفرض معاييرها». كما يؤكد رئيس اللجنة العليا للإشراف على الانتخابات الحزبية، خليل مشهدية، عدم إلزامية هذا الاستئناس في اختيارات القيادة الحزبية للمرشحين: «صحيح أن الاستئناس الحزبي يحقق إرادة الرفاق، وهو مُلزِم بشكلٍ ما في الاختيار بحسب التسلسل، إلا إذا كان هذا الخيار لا يحقق المصلحة الوطنية والحزبية ضمن ظروف المجتمع وضمن ظروف كل فرع على حد». وقد جرت عمليات الاستئناس في الفروع عبر التصويت الإلكتروني، لكن ذلك لم يمنع المرشحين من الضغط على رفاقهم لترشيحهم، وذلك باعتراف مشهدية الذي وصف ذلك قائلاً: «هذا بعيد عن قيم وأخلاق ومعايير العمل الحزبي». وكانت عملية الاستئناس الحزبي قد طُبّقت لأول مرة في انتخابات مجلس الشعب عام 2020، وقبل ذلك كانت أحزاب الجبهة الوطنية بقيادة حزب البعث تصدر قوائم مرشحيها دون المرور بهذه العملية، أي يتم الإعلان فوراً عن قوائم المرشحين في المحافظات دون انتخابات داخلية.
نتائج الاستئناس الحزبي
أعلن حزب البعث في التاسع من تموز (ىوليو) الجاري عن «قوائم الوحدة الوطنية» لانتخابات مجلس الشعب في المحافظات، وتحت عنوان: «الدخان الأبيض خرج من قيادة البعث التي أعلنت تشكيلتها الانتخابية للبرلمان»، كتبت صحيفة الوطن شبه الرسمية: «أعلنت قيادة حزب البعث الحاكم تشكيلة مرشحي البعث لخوض انتخابات مجلس الشعب المقبل، ويأتي ذلك بعد اجتماعات ماراتونية عقدها أعضاء القيادة المركزية على مدى اليومين الماضيين لمراجعة قوائم البعثيين الذين تنافسوا فيما بينهم على مدى شهر مضى في كل المحافظات السورية ضمن ما يُعرَف بـ(الاستئناس الحزبي) للفوز بأصوات الناخبين البعثيين ثم الانتقال إلى الانتخابات العامة ضد المرشحين المستقلين، وحملت تشكيلة البعث معها مرشحين من أحزاب سياسية متحالفة تاريخياً مع البعث كالحزب الوحدوي الاشتراكي الديمقراطي، والحزب الشيوعي الموحد، والحزب القومي السوري الاجتماعي».
ونجد بموجب القوائم التي صدرت عن حزب البعث، وعدد الأشخاص الذين رشحهم، أنه سيسيطر، كما جرت العادة، على مقاعد المجلس بشكلٍ شبه كامل، نظراً إلى أن قوائمه نادراً ما يتم اختراقها من قبل المستقلين، فهي تكون مطبوعة في أعلى أوراق التصويت للمرشحين المستقلين، ونادراً ما يتم شطب أحد هذه الأسماء ووضع اسم مرشح مستقل عوضاً عن الاسم المشطوب. وبموجب تعديل قوانين الانتخابات عام 2016، فقد سُمِح للعسكريين المشاركة في الاقتراع دون الترشح طالما هم في الخدمة.
وفق القوائم التي أصدرها حزب البعث، فقد ترك 16 مقعداً للأحزاب المتحالفة معه وعددها 9 أحزاب، و65 مقعداً للمستقلين في كل المحافظات: أعلاها في دمشق التي تملك 29 مقعداً في المجلس عن الفئتين (آ) و (ب)، حجز لنفسه منها 16 مقعداً وترك 13 مقعداً للمستقلين؛ وفي مدينة حلب ترك للمستقلين 8 مقاعد من أصل 20 مقعداً؛ أما في مناطق حلب (المدن والبلدات التابعة إدارياً لمحافظة حلب) فقد ترك 10 مقاعد للمستقلين من 32 مقعداً؛ وفي بقية المحافظات فإن مقاعد المستقلين قليلة جداً مقارنةً بمقاعد البعث وحلفائه.
وقد شاب هذه القوائم بعض الأخطاء، من قبيل أن المرشح للمجلس محمد عبد اللطيف طالب، وهو نائب رئيس رابطة فلاحية في مدينة جيرود بريف دمشق، قد ترشح عن الفئة (آ) فئة العمال والفلاحين، لكن قائمة الحزب وضعته في الفئة (ب).
نظرياً، فإن المستقلين ومرشحي أحزاب الوحدة الوطنية لديهم الفرصة نفسها في التنافس على عضوية مجلس الشعب، ولكن ما يحصل فعلياً، وفق خبرة الدورات التشريعية السابقة، أن جميع مرشحي الوحدة الوطنية سينجحون في الانتخابات، وبالتالي فإن الأسماء غير الموضوعة في قوائم «الوحدة الوطنية» لن يُتاح لها التنافس إلا فيما بينها، دون المساس بحصة حزب البعث والأحزاب المتحالفة معه.
قوائم الحزب عامرة بالفاسدين والمتهمين بجرائم حرب
أظهرت قوائم المرشحين عن حزب البعث أسماء عشرات الأشخاص المعروفين بتورطهم في انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب، أو لديهم سجل من الفساد والسمعة السيئة، ومعظمهم من العسكريين المتقاعدين وزعماء المليشيات الموالية للنظام. وفي حين لا يتسع المجال لذكر كل الأسماء التي وردت في قوائم الوحدة الوطنية وخلفياتها، ألا أننا سنعطي بعض الأمثلة:
– أيهم نجدت جريكوس: مولود عام 1975، وينحدر من مدينة صلنفة في اللاذقية. عُين جريكوس مسؤولاً أمنياً عن منطقة الحفة ورئيساً لميليشيا الدفاع الوطني فيها، ثم دخل إلى مجلس الشعب في ثلاث دورات متتالية في 2012 و2016 و2020، قبل أن يصبح عضوًا جديدًا في اللجنة المركزية لحزب البعث الشهر الماضي، وهو متهم بقضايا فساد مع محافظ اللاذقية المسجون خضر السالم.
– عمار بديع الأسد: من مواليد اللاذقية 1970، وهو ابن عم لبشار الأسد، وعمل على تأسيس ميليشيات الدفاع الوطني في المحافظة ودَعَمها طوال السنوات الماضية، والتي مارست جرائم بحق المدنيين، إلى جانب إدارته عمليات التهريب والفساد في ميناء اللاذقية، وهو أيضاً عضو في مجلس الشعب منذ العام 2012.
– جهاد بركات: من مواليد القرداحة 1964، وهو صهر لعائلة الأسد، عُيّن في 2015 قائداً لكتائب «مغاوير البعث» التابعة لـ«قوات النمر».
– العميد صايل أسعد داود: ضابط المخابرات الجوية، والمعروف بسجله الإجرامي في حمص.
– يوسف حسن السلامة: حمص، ضابط مطرود من الجيش ثم قيادي في كتائب البعث.
– فراس الجهام: المعروف بفراس العراقية، المرشح عن فرع الحزب في محافظة دير الزور، وهو قائد لمليشيات الدفاع الوطني في المحافظة ورئيس فخري لنادي الفتوة، ومُتّهم بارتكاب عشرات الجرائم ضد المدنيين، إضافةً إلى الاتجار المخدرات.
– بشار صبيح المطلق: عضو سابق في الاتحاد الوطني لطلبة سورية، الذي صدر مؤخراً عن المجلس السوري البريطاني تقريرٌ حقوقي يوثق ممارسة أعضائه عمليات اعتقال وتعذيب ضد طلبة في جامعة دمشق خلال السنوات الأولى من الثورة السورية.
– حسن حمزة سلومي: من مواليد القامشلي 1973، ويترأس قيادة مركز ميليشيا الدفاع الوطني في الحسكة، وأصبح عضواً في مجلس الشعب في 2016 و2020.
– علي عودة الجضعان: الحسكة، دفاع وطني.
– ماهر محفوض قاورما: حماة، قائد مليشيا الدفاع الوطني في بلدة محردة.
– محمد كنجو حسن: لواء متقاعد، أحد قضاة المحكمة الميدانية التي أصدرت قرارات إعدام بحق معتقلين خلال الثورة السورية.
– أحمد محمد المبارك: من أشهر قادة الدفاع الوطني في إدلب، وقد اشتهر بعمالته المشتركة بين فصائل المعارضة وقوات النظام.
– وسيم عز الدين: أمين عام مجلس محافظة السويداء، ويُتّهم بملفات فساد مُتعلّقة المحروقات والأبنية.
– عبد الناصر الحريري: درعا، ضابط جيش متقاعد.
– هيفاء جمعة: ابنة اللواء محمد جمعة وعمها اللواء موفق جمعة، رئيس الاتحاد الرياضي العام السابق، وعضو مجلس الشعب السابق.
– أحمد حجازي: لواء متقاعد من ريف دمشق.
– اللواء المُتقاعد سعيد أسعد عوض: من قرية الربيعة بريف حماة.
– مصطفى سكري المصطفى: حماة، ضابط شرطة متقاعد ثم قيادي في كتائب البعث.
– عصام نبهان سباهي: حماة، نائب قائد كتائب البعث، قائد القطاع الشمالي للدفاع الوطني بحماة.
– عبد الرزاق صالح بركات: ريف حلب، ضابط شرطة متقاعد.
مستقلّو دمشق في قوائم أيضاً
ترك النظام 13 مقعداً للمستقلين في دمشق، وهو كما ذكرنا العدد الأكبر مقارنةً ببقية المحافظات، وستكون هذه المقاعد محل صراع بين رجال الأعمال والمحاسيب، مثل الواجهة الاقتصادية المعروفة لنظام الأسد محمد حمشو، الذي مُنع من الترشح في الدورة الماضية بحسب ما أفادت به مصادر مقربة منه للجمهورية.نت، لكنه عاد في هذه الدورة على رأس قائمة أسماها «شام»، ضمّت إلى جانبه أسماء مثل نبيل داود وغالب عنيز ومحمد عمر الخيمي وآخرين. وفي قائمة أخرى حملت اسم «دمشق» نجد أسماء بلال النعال، ومُصان النحاس، وعبد الرحمن الجعفري، وعبد الرحمن المصري، وآخرين. وهناك قوائم أخرى مثل قبنض، التي على رأسها المنتج التلفزيوني وعضو مجلس الشعب السابق محمد قبنض، الذي روّج لترشّحه بعض الفنانين عبر مقاطع مصورة، فضلاً عن قوائم «المستقبل» و«الياسمين».
لافتات المرشحين لتجنّب حرارة الشمس
يلفت أحد التعليقات على إعلانات الحملات الانتخابية المنتشرة في شوارع دمشق وحلب إلى أنها مفيدة للوقاية من أشعة الشمس عند انتظار حافلات النقل العام والتكاسي.
ولكنّ هذه الإعلانات المفيدة في تجنّب الشمس تكلّف المرشحين مليارات الليرات السورية، إذ تصل كلفة اللافتة القماشية الطرقية لأكثر من 250 ألف ليرة سورية، في حين وصلت كلفة الصورة الملونة إلى 160 ألف ليرة. ويتوجب أيضاً دفع مصاريف لصق الصور والحبال الخاصة بتعليق اللافتات القماشية وغيرها من تكاليف مادية للإعلانات، وعادةً ما ينصب بعض المرشحين الخيام ويقيمون الحفلات ويقدمون الضيافة، مع دفع تكاليف المندوبين عنهم في المراكز الانتخابية أثناء الانتخابات. ففي مدينة دمشق مثلاً، يبلغ عدد مراكز التصويت 1850 مركزاً، يجب أن ينوب عن المرشحين فيها مٍكلفين بمراقبة سير العملية الانتخابية لتقديم الطعون في حال حصول تزوير، وكذلك من أجل دفع الناس للتصويت لمرشحهم.
هذه الانتخابات مهمةَ!
في ضوء القيود الدستورية المفروضة على عدد الولايات الرئاسية، وحصر الدورات الرئاسية بدورتين، يمكن الاستنتاج أن المهمة الأساسية لمجلس الشعب القادم ستكون تعديل الدستور حتى يتمكن بشار الأسد من الترشح مرة أخرى في عام 2028، على غرار ما حصل عام 2000، عندما عدّل مجلس الشعب الدستور مخفضاً سن الترشح من أربعين إلى أربعة وثلاثين عاماً، وذلك حتى يتمكن بشار الأسد من الترشح لرئاسة الجمهورية.